تتميز محافظة "إدلب" بوجود العديد من الصناعات التقليدية فيها ومن هذه الصناعات التي تتنوع تبعاً لاختلاف المواد الأولية صناعة سلال القصب وصناعة الصابون والحصر ولباد الصوف، وتتوزع هذه الصناعات على عدد من مدن المحافظة ومناطقها مثل "إدلب" و"أرمناز" و"جسر الشغور" و"أريحا" و"المعرة" وأخيراً منطقة جبل الزاوية.

والمميز في الأمر أن هذه الصناعات تعود لمئات السنين وتلتصق شهرة بعض مناطق المحافظة وسمعتها بهذه الصناعات، ومنها مثلاً مدينة "معرة النعمان" التي تشتهر بمجموعة من الصناعات التقليدية أهمها صناعات الشعر والبسط واللباد الصوفي.

اعتمد قوت الناس ولقمة عيشهم في البداية على وجود بعض المصالح والمهن الحرة في السوق التي لا ترتبط بأي اعتبار اقتصادي أو مالي، ومعظم هذه المهن كانت تُشغل في المنازل والبيوت باستخدام أدوات تقليدية مصنوعة من أشياء بسيطة، فالجميع كانوا يعملون من كد أتعابهم سواء أكانوا رجالاً أم نساءً، وكانوا يبيعون منتجاتهم في سوق "المعرة" الصغير والضيق وسط المدينة أو لأهل العشائر البدوية خارجها، وقد تطورت هذه الصناعات إلى أشكال متطورة مع تقدم الزمن، وظهرت صناعة الألبان والأجبان إلى جانبها

موقع eSyria سلط الضوء على صناعات "المعرة" التقليدية، ليلتقي بدايةً الأستاذ "هشام كرامي" صاحب مدونة إجتماعية عن تاريخ "المعرة" على الإنترنت، والذي تحدث عن تاريخ هذه الصناعات قائلاً: «اعتمد قوت الناس ولقمة عيشهم في البداية على وجود بعض المصالح والمهن الحرة في السوق التي لا ترتبط بأي اعتبار اقتصادي أو مالي، ومعظم هذه المهن كانت تُشغل في المنازل والبيوت باستخدام أدوات تقليدية مصنوعة من أشياء بسيطة، فالجميع كانوا يعملون من كد أتعابهم سواء أكانوا رجالاً أم نساءً، وكانوا يبيعون منتجاتهم في سوق "المعرة" الصغير والضيق وسط المدينة أو لأهل العشائر البدوية خارجها، وقد تطورت هذه الصناعات إلى أشكال متطورة مع تقدم الزمن، وظهرت صناعة الألبان والأجبان إلى جانبها».

الأستاذ هشام كرامي

أستاذ الجغرافية "شريف الرحوم" شرح عن بعض الصناعات وآلية تطبيقها قديماً قائلاً: «من الصناعات القديمة في منطقة "المعرة" صناعة شعر الماعز، وهي حياكة بيوت الشعر بشكل يدوي وتعتبر من الصناعات القديمة والعريقة الجذور، ويعود أصل تلك الصناعة التي اعتمدت على شعر الماعز المحلي والمستورد ثم انتشرت على نطاق واسع إلى منطقتي "أريحا" و"جسر الشغور"، وقد نشأت تلك الصناعة اليدوية منذ القدم تلبيةً لحاجة الإنسان إلى مأوى وكساء وأكياس مونة وبيوت للسكن، وكلها كانت تصنع من شعر الماعز بعد حلجه وندفه وتلوينه وفرز ألوانه يدوياً، ويربط بحزام اسمه "الجدب" على دولاب خاص، ويغزل على دواليب يدوياً وبشكل مخالف لاتجاه الخيوط على نول الحياكة، وبعدها تدق الأشعار بمشط حديدي حتى تتماسك مع بعضها وتصبح على شكل قماش جاهز، ويتم تحديد الطول والعرض حسب الطلب، وتستخدم في الحياكة أدوات هي: السيف- البردة- الكيبس- الكليخة- المتيت- المعبر، وعندما تجهز يتم بيع هذه الغزول إلى البدو الرحل، وإلى بعض الدول المجاورة، وقد تراجعت تلك الصناعة العريقة في الآونة الأخيرة بعد دخول الصناعة الآلية المحلية الرخيصة الثمن، ما جعلها مهددة بالانقراض، وكان في مدينة "المعرة وحدها مئات الأنوال ولكن هذا العدد تراجع إلى ما لا يزيد على عدد أصابع اليد».

وعن صناعة بسط الصوف أضاف الرحوم: «تعود صناعة بسط الصوف لأكثر من مئتي عام وهي صناعة يدوية حتى اليوم، باستخدام أنوال خشبية يدوية، حيث يقوم شخص أو أكثر بحياكة البسط من خيوط الصوف المغزولة يدوياً وذلك بمشغل صغير الحجم قياساً بالصناعات النسيجية الأخرى، وتستخدم خيوط صوف الأغنام إما بألوانها الطبيعية، أو بصبغها بالألوان المعروفة وتتم حياكة البساط بقياسات متنوعة وحسب الطلب، برسوم هندسية الشكل أو على شكل خيوط هندسية متساوية ومتوازية بعرض 5-10سم وبألوان غامقة مثل الأخضر- أسود- أحمر- بني، تفصل بينها خيوط رفيعة كاشفة مثل الأبيض والأصفر ويتوسط البساط شكل هندسي هو عبارة عن مجموعة مثلثات متقابلة، بألوان متميزة وبارزة، أو بأشكال هندسية أخرى، ويستخدم البساط للفرش المترلي العربي داخل بيوت الشعر والمضافات، وللزينة في المساكن القديمة والحديثة وتوضع في مكان ثابت وسط المضافات والغرف عادةً، ويُحاط البساط باللباد الصوفي للجلوس على أطراف المضافة أو الغرفة، وتوضع المخدات والمساند المصنوعة من قماش البساط المحشو بالصوف أو القطن في المضافات العربية حول البساط للاتكاء عليها».

صناعة بيوت شعر الماعز

تكشف تلك الصناعات أصالة مهنة العمل اليدوي التي استفاد منها أبناء البلد وتربوا من عطاء خيرها، وتبرز تلك الصناعات القديمة التشاركية التي كانت تجمع أبناء الريف مع المدينة، وهي مستمرة حتى وقتنا الحاضر.

الأستاذ شريف الرحوم