مع إقبال فصل الشتاء وبرده المعهود في "إدلب" تصبح الحاجة ماسّة للأغطية الدافئة التي تقينا برد الصقيع والتي تصنع في "أريحا" عند الرجل الوحيد الذي حافظ على المهنة من الاندثار وهو "وليد شيحان" الذي تحدث لموقع eIdleb بتاريخ 29/11/2008 عن ارتباطه بالمهنة العريقة قائلاً:

«بقيت وحيداً بين الأفراد القلائل الذين حافظوا على مهن آبائهم وقد كانت مهنة المنجّد في الماضي تعتبر من الحرف الأولى في مدينة "أريحا" خاصةً وأن جميع الصناعات كانت يدوية ولم تكن الآلات التي تصنّع الأغطية الجاهزة خفيفة الوزن وكذلك المفارش التي استعاض عنها الكثيرون بالمفارش المضغوطة».

توجد عدة أشكال نعتمدها في إنتاجنا فهناك المستطيل والزورق والبركة وسفرة الملك والطاووس والقلب والكثير من الأشكال الأخرى التي يبتدعها الصانع حسب خبرته في المهنة

وعن كيفية صناعة الأغطية الصوفية تحدث السيد "وليد" قائلاً: «قبل كل شيء تحتاج الصناعة إلى أساسيات هي القماش الخام والأطلس الملون وهو الوجه الذي يغطي الصوف والخيوط الملونة بحسب لون الأطلس وبعد مد الخام نقوم بفرش الصوف وتسويته بواسطة العود المعدني ثم نمد قطعة الأطلس الملونة فوق الصوف ونبدأ عملية الخياطة اليدوية حيث نستعين بقطعة حديدية ذات وزن ليكون خط التطريز مستقيماً». أما عن أشكال التطريز التي يقوم بصناعتها فقال: «توجد عدة أشكال نعتمدها في إنتاجنا فهناك المستطيل والزورق والبركة وسفرة الملك والطاووس والقلب والكثير من الأشكال الأخرى التي يبتدعها الصانع حسب خبرته في المهنة».

وأضاف قائلاً: «يعتمد التنجيد على الصوف لحشوه من الداخل وقد كان في الماضي كل من الصوف والقطن حيث تعتمد العائلات الغنية والمتوسطة على أغطية الصوف نظراً لجودته بينما تستخدم العائلات الفقيرة الأغطية القطنية، وفي مهر العروس كان يحدد نوع الأغطية وعددها وعدد المفارش حيث كانت هذه الأشياء هي من أهم العناصر التي تدخل في مهر العروس». وعن الاختلاف بين الصناعة اليدوية والآلية تحدث قائلاً: «إن عامل الجودة يبقى المميز الأهم للفصل بين الصناعتين لكن طريقة الرسم والتطريز و"الكسرات" التي تصنعها الإبرة في العمل اليدوي تستحيل صناعتها بواسطة الآلة وتعتبر وضعية الجلوس عاملاً هاماً في إعطاء التطريز دقته العالية حيث يحقق البصر درجة الذروة في المشاهدة ويكون الجلوس مريحاً للحرفي».

ولدى الرجوع إلى تاريخ هذه المهنة العريقة وطقوسها كان اللقاء بالباحث "مصطفى سماق" الذي تحدث قائلاً: «تعود مهنة التنجيد إلى العهد العثماني حيث كانت من أكثر الصناعات ازدهاراً وإقبالاً في "أريحا" ولها رئيس يدعى "المعلّم" حيث يتولى الإشراف على أمور الصنّاع ومشكلاتهم وهو المرجع الأعلى لأهل المهنة ويتم تسويق الإنتاج ضمن سوق أسبوعي هو "البازار" وكانت أماكن الصناعة منتشرة في السوق ولأصحابها عطلة أسبوعية هي يوم الجمعة». ورغم أن السيد "وليد شيحان" هو المنجّد الوحيد في "أريحا" ومع انتشار الصناعة الآلية إلا أن مهنته لا تزال قائمة وله الكثير من الزبائن الذين أسرهم دفء أغطيته فلم يستطيعوا الاستغناء عنها.