لا تزال ظاهرة الأسواق "الأسبوعية" التي يشهدها عدد من البلدات والقرى الإدلبية تدمغ الدورة الاقتصادية بطابعين، أحدهما تجاري والآخر تراثي.

وإذا كانت هذه الأسواق قد شكّلت، لمئات السنين في بعض القرى، مفصلاً تجارياً، ليس في حياة السكان المحليين فحسب، بل امتدت تفاعلاتها في سورية كلها، فإنها باتت اليوم تقليداً لم تستطع متغيرات الحياة الحدّ منه.

فمازالت ترى مدن معرتمصرين، وسراقب ومعرة النعمان وأريحا مسرحا لسوق "الجمعة" في هذه المدن وخلال يوم البازار الأسبوعي لاتزال تجد صعوبة بالغة في اجتياز طريق السوق الرئيسية، بسبب كثرة عارضي البضائع وكثرة الوافدين من أبناء المحيط للتسوّق، يشدهم إلى ذلك إما "شعبية" السلع نفسها، أو تدنّي الأسعار أو منشأ السلعة التي تبدأ بالزبيب والتين اليابس وتنتهي بالثياب.

أما أهم هذه الأسواق وأكثرها سبراً في أغوار التاريخ، فهو سوق "الأربعاء" في مدينة إدلب، حسبما يقول أستاذ مادة التاريخ مصطفى العالم مضيفا: ليس هناك من تاريخ معيّن لهذا "السوق"، ولكنه قديم جداً، ولا يقل عمره عن ستة قرون.

وأضاف: "إن ما جعل هذا السوق يبرز على أمثاله في مختلف النواحي، هو موقعه الجغرافي، حيث إنه يقع في وسط المدينة، ما جعله مركزاً تجارياً يقصده أبناء هذه المناطق، خصوصاً من مناطق المحافظة وبعض المحافظات القريبة من إدلب.

وكان الأدالبة، يرفدون السوق ببضائع متنوعة، مثل السكر والشاي والقهوة والصابون والخضر والفاكهة، يستبدلونها أو يشترون بأثمانها بضائع مختلفة ولاسيما البيض والدجاج والدخان، أو يستبدلون بها بضائع مستوردة مثل "العقال والكوفية والحبال والأواني الزجاجية".

ويذكر العالم أن أهم أنواع التجارة التي لاقت رواجاً، الحمام والأغنام والموالح التي يؤتى بها من المحافظات الأخرى كما يذهب بها إلى مناطق أخرى، حيث تعرض للبيع هناك. وما يباع يباع، أما ما لم يتم بيعه فكان يشتريه تجار من محافظات أخرى.

وعن وضع السوق اليوم، يشار إلى أنه "يمتد على مسافة تراوح بين عشرين وثلاثين دونماً ويشغل المسافة الممتدة من قرب مدرسة إبراهيم هنانو، إلى حي "الناعورة" شمالا إلى أن يصل إلى كروم الزيتون.

وتجهد البلدية لإعادة بعث الحياة إلى السوق من جديد وذلك لكونه جزءاً من تراثها وتاريخها، وهي عملت حتى الآن، لتوسعة مداخله وتنظيم حركة السير فيه، والحركة التجارية أيضاً، إضافة إلى إصدارها النشرات الإرشادية والتوجيهية، مترافقة مع سلسلة نشاطات تقوم بها مع لجنة التجار في المدينة، ولاسيما من خلال إطلاق شهر التسوّق الموسمي الذي لا يأتي على حساب "السوق" الأسبوعي بل إنه تتمة لفاعلياته.