تعاني زراعة الكرز في منطقة "أريحا" في محافظة "إدلب" العديد من الصعوبات التي تهدد مستقبل هذا المحصول الهام، وتحد من التوسع في المساحات المزروعة، فما زالت حشرات "الكابنودس" و"الحفار" و"سوسة القلف" ومرض "المونيليا"، إضافة إلى انخفاض معدلات الهطول في بعض المواسم، وعدم وعي بعض المزارعين للطريقة الصحيحة في رعاية شجرة الكرز، تشكل أهم تلك الصعوبات التي تتطلب وقفة جادة من كافة الجهات المختصة والمجتمع المحلي لإنقاذ هذه الشجرة التي باتت تشكل مصدر رزق لآلاف العائلات في منطقة جبل الزاوية.

السيد "مصعب العلي" أحد مزارعي الكرز تحدّث لموقع eIdleb عن بعض الصعوبات التي يعانون منها بالقول: «هناك مشكلة الجفاف حيث يسبب انخفاض معدلات الهطولات المطرية في السنوات الأخيرة جفاف بعض أجزاء النبات وبالتالي انتشار آفة "سوسة القلف"، وبما أن حقول الكرز متداخلة مع حقول الزيتون وشجرة الكرز أقل قدرة من الزيتون على استخلاص الماء من التربة ما يؤدي إلى ضعف نموها وجفافها في وقت مبكر، إلى جانب عدم وجود مراكز لتسويق الإنتاج فنضطر للبيع في سوق الهال وبالتالي ندفع أجور إضافية تضاف إلى أجور اليد العاملة المرتفعة وأجور النقل من الحقل إلى السوق، وعدم توفر عبوات في المنطقة مما نضطر لشرائها من المحافظات المجاورة، وعدم تأمين مراكز للتسويق الخارجي».

إعطاء ريـّتين خلال شهري أيلول وتشرين الأول عند تأخر الهطولات المطرية، وإجراء حراثة صيفية للتربة واتباع أساليب وقائية مناسبة لحماية الأشجار من أية إصابة حشرية أو مرضية من خلال استخدام المكافحة الحيوية للحصول على ثمار ناضجة، كذلك ننصح المزارع بزراعة عدة أصناف من الكرز في الحقل الواحد، لأن عملية التلقيح بين الأصناف المختلفة تزيد الإنتاج، إلى جانب الانتباه عند تعبئة المحصول حيث يعمد بعض المزارعين إلى خلط كل الأصناف مع بعضها البعض من دون فرز، وبالتالي لا بد من فرز الأصناف بعضها عن بعض لأن في ذلك مصلحة اقتصادية للمزارع

المهندس الزراعي "محمد كنج" رئيس مصلحة زراعة "أريحا" سابقاً أبدى عدة ملاحظات حول واقع زراعة الكرز في منطقة "أريحا" بالقول: «على الرغم من أن مزارعنا يمتلك خبرة كبيرة في زراعة شجرة الكرز ورعايتها، إلا أننا نلاحظ بعض الأخطاء من قبل بعضهم، من خلال عدم تقليم الأشجار بشكل جيد حيث نلاحظ بأن الأغصان مرتفعة كثيراً للأعلى وبالتالي يجب التركيز من قبل دوائر الإرشاد الزراعي على هذه الناحية لإرشاد المزارعين إلى الطريقة السليمة للتقليم، فارتفاع الأغصان يؤدي أيضاً لصعوبة القطاف ويسبب كسر الأغصان أثناء القطاف، كما أن عدم اتباع التقليم التجديدي للأشجار الهرمة يضعفها ويجعلها بيئة مناسبة لانتشار الحشرات، وعدم اتباع طرق فنية مناسبة في عملية حراثة التربة كقيام بعضهم بفلاحة أرض الحقل وهي رطبة وهذا خطأ كبير، وكما يقول المثل الشعبي "فلاحة الوحل محل"».

المهندس الزراعي أحمد طكو

وفي شرحه عن الحشرات والأمراض التي تصيب شجرة الكرز يقول المهندس الزراعي "أحمد طكو" من مصلحة زراعة "أريحا": «هناك حشرة "كابنودس اللوزيات" وهي من أخطر الحشرات التي تهدد الزراعة في المنطقة، إذ إنها تحفر أنفاقاً داخل جذور الشجرة ويمكن أن تعيش فيها اليرقة لمدة سنتين وتؤدي إلى يباس وموت الشجرة، ومن الحشرات أيضاً حشرة "حفار الساق ذي القرون الطويلة" وهي عادة ما تصيب الساق والأغصان، وتكافح بالجمع وقتل اليرقات داخل الأنفاق، وهي حشرة ذات تأثير كبير على شجرة الكرز تنتشر في أماكن جرح الشجرة في الساق أو منطقة التطعيم والتقليم، فتضع بيوضها في الجرح مسببة ضرب نمو الشجرة، وهناك حشرة "سوسة القلف" والتي تضرب الأغصان وتقوم بحفر أوراق الشجرة ما يسبب تصمغ الشجرة، وبالتالي تتعرض لليباس بعد فترة قصيرة، أما بالنسبة للأمراض فأهم ما يصيب شجرة الكرز هو مرض العفني البني "المونيليا" والذي يسبب تصمغ الثمرة».

المهندس الزراعي "جمعة المصطفى" رئيس دائرة الإرشاد الزراعي في مديرية زراعة "إدلب" تحدث عن إجراءات الدائرة لحماية أشجار الكرز: «تقوم دائرة الإرشاد الزراعي بالعديد من الإجراءات لمكافحة الأمراض والحشرات التي تصيب شجرة الكرز، فهناك المدارس الحقلية التي نقيمها سنوياً، ويتم خلالها عقد لقاءات مع المزارعين في الحقول لمتابعة شجرة الكرز منذ البداية وحتى موسم القطاف، وأيضاً من خلال الندوات والأيام الحقلية على كافة المستويات بدءاً من الدائرة وحتى الوحدة الإرشادية، إلى جانب الجولات والزيارات المستمرة والدائمة لحقول الكرز من قبل عناصر الدائرة للوقوف على وضع المحصول أولاً بأول، كذلك قمنا بالتعاون مع دائرة وقاية النبات بمكافحة حشرات "الكابنودس" و"الحفار ذي القرون الطويلة" من خلال عمليات الجمع اليدوي، حيث يتم صرف ليرتين ونصف عن كل حشرة "كابنودس" وخمس ليرات عن كل حشرة "حفار"، وقد تم في العام الماضي جمع 270 ألف حشرة "كابنودس" و80 ألف حشرة "حفار"، ونحن دائماً نشجع على المكافحة المتكاملة أي الجمع اليدوي والتي أثبتت أنها أكثر جدوى ومفيدة جداً في القضاء على المرض، حيث تكون هذه الحشرات مختبئة في أماكن لا يصلها المبيد الحشري، ويتم الجمع قبل وضع البيوض لذلك كانت الطريق مجدية جداً، وقد لمسنا نتائج هذه الطريقة في المكافحة في هذا الموسم حيث لاحظنا انخفاض نسبة الإصابة بشكل كبير، أما مرض "المونيليا" فنقوم بمكافحته برش مبيدات فطرية مناسبة قبل تفتح الأزهار، وبخصوص حشرة "سوسة القلف" فهي حشرة ثانوية، أي لا تصيب الشجرة إلا بعد تعرضها لحشرة "الكابنودس"، وبالتالي فعندما نكافح "الكابنودس" فإننا في نفس الوقت نكافح حشرة "سوسة القلف"».

المهندس الزراعي جمعة المصطفى

نقاط أخرى يضيفها المهندس "أحمد طكو" للنهوض بواقع هذه الزراعة بالقول: «إعطاء ريـّتين خلال شهري أيلول وتشرين الأول عند تأخر الهطولات المطرية، وإجراء حراثة صيفية للتربة واتباع أساليب وقائية مناسبة لحماية الأشجار من أية إصابة حشرية أو مرضية من خلال استخدام المكافحة الحيوية للحصول على ثمار ناضجة، كذلك ننصح المزارع بزراعة عدة أصناف من الكرز في الحقل الواحد، لأن عملية التلقيح بين الأصناف المختلفة تزيد الإنتاج، إلى جانب الانتباه عند تعبئة المحصول حيث يعمد بعض المزارعين إلى خلط كل الأصناف مع بعضها البعض من دون فرز، وبالتالي لا بد من فرز الأصناف بعضها عن بعض لأن في ذلك مصلحة اقتصادية للمزارع».

ولا بد من التذكير بأن إقامة مهرجان كرنفالي زراعي خاص بالكرز، يعرف بهذه الزراعة وبمستجداتها وبطقوس قطافها من شأنه أن يلعب دوراً هاماً في التوسع بها وتطويرها.

الكرز شجرة واعدة في إدلب