يتوزع سكان محافظة "إدلب" مابين الريف والمدينة. ويشكل عدد سكان الريف أكثر من ثلثي عدد سكان المحافظة نتيجة الطبيعة الزراعية التي تتمتع بها المحافظة، حيث تتوزع التجمعات السكانية في قرى ومزارع صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها الـ(500) نسمة.

ونظراً لخطة الدولة في التخلص من الأمية تم إحداث مدارس مجمعة في هذه المزارع لإيصال التعليم إلى كل بيت ولكي ينعم جميع المواطنين بأسمى نعمة وهي نعمة العلم.

نتمنى من المحافظ الجديد النظر بعين العطف إلى واقعنا والوقوف على معاناتنا والعمل على مباشرة الدوام في المدرسة المذكورة حتى ينعم أبنائنا بالتعليم مثل غيرهم من أبناء هذا الوطن الذي هو في أمس الحاجة إلى إنشاء جيل متعلم مثقف وواعي

إلا أنه تم في بداية شهر شباط /2009/ دمج هذه المدارس بمدارس القرى المجاورة فأحدث هذا القرار ضجة بين أبناء المحافظة بين موافق ومعارض ولمعرفة خلفيات هذا القرار موقع eIdleb التقى بأحد المعنيين في مديرية التربية وعدد من أهالي التلاميذ في المدارس التي تم إلغاؤها فكانت البداية مع السيد "يحيى طالب" معاون مدير التربية لشؤون التعليم الأساسي والذي قال: «الهدف من هذا القرار كما عللته المحافظة هو رفع سوية التحصيل الدراسي لدى تلاميذ هذه المدارس بدمجهم في مدارس القرى المجاورة التي يكون فيها التعليم أكثر تطوراً بسبب وجود معلم لكل صف بدل من معلم لصفين في المدارس المجمعة.

السيد يحيى طالب معاون مدير التربية

فكان الرد من قبل مديرية التربية أن هذا القرار رغم الغاية النبيلة التي يهدف إليها إلا أنه يواجه العديد من العقبات التي توجد في هذه المزارع والتي أجملناها بمايلي: عوائق اجتماعية لايمكن تجاهلها وهي أن أهالي هذه المزارع قد خرجوا من القرى التي كانوا يسكنوها بسبب وجود حساسيات بين أبناء القرية فإعادة التلاميذ إلى هذه القرى قد يؤدي إلى حصول مشاكل بين العائلات.

والعوائق التربوية تتمثل بامتناع أهالي التلاميذ عن إرسال أبنائهم إلى المدارس الجديدة سوف يزيد من نسبة التسرب في المدارس الذي نعاني منه بشكل كبير مسبقا وخصوصا الإناث بالإضافة إلى عدم وجود مُرافق مع التلاميذ في وسائط النقل التي تنقلهم إلى هذه المدارس قد يؤدي إلى ضياع بعض التلاميذ وخصوصا تلاميذ الصف الأول والثاني الابتدائي وتخصيص عدد من الباصات التي ستقوم بنقل التلاميذ سوف يوجد أزمة نقل لأنها ستكون في فترة الذروة لنقل الموظفين والطلاب إلى المدارس الأخرى.»

السيد مهدي العاصي

ويضيف: «لكن هذه العوائق لم تجد نفعاً فتم بموجب القرار إلغاء ثمانية مدارس كمرحلة أولى تليها جميع المدارس الأخرى في وقت لاحق تتوزع في كافة أنحاء المحافظة فكانت النتيجة امتناع الأهالي من إرسال أبنائهم إلى المدارس، ومدارسهم قد أغلقت فانعكست هذه العملية على التلاميذ سلباً بدل الإيجاب».

ومن جانب آخر التقينا العديد من أولياء التلاميذ في أحد هذه المزارع ومنهم السيد "مهدي العاصي" من مزرعة "الملجأ" التابعة لمنطقة "أريحا" والذي قال: «أن وجود مدرسة في مزرعتنا سهل علينا عملية تعليم أبنائنا وقد تم إحداث هذه المدرسة منذ أن سكنا في المزرعة قبل ستة أعوام ولم يكن هناك بناء لهذه المدرسة فقام أحد المواطنين بالتبرع ببناء ريثما يتم بناء مدرسة من قبل مديرية التربية.

أولاد السيد مهدي العاصي

وفي هذا العام تم بناء المدرسة على أرض قام أحد المواطنين بتقديمها إلى التربية لبناء المدرسة دون مقابل وكل ذلك من أجل أن يتعلم أبنائنا في نفس المنطقة التي نسكنها لتخفيف عبء الذهاب إلى القرى المجاورة وبعد افتتاح المدرسة بشكل رسمي قبل أقل من شهرين ونقل أثاث المدرس من البناء القديم إليها وفي بداية الشهر الجاري فوجئنا بصدور قرار يقضي بإلغاء هذه المدرسة ودمجها بإحدى القرى المجاورة».

ويضيف السيد "مهدي": «لقد امتنعنا من إرسال أبنائنا لعدة أسباب ومنها أن الدوام في القرية التي نقل إليها التلاميذ تخضع لنظام الدوام النصفي مما يضطرنا إلى إرسال أبنائنا قبل ساعة من الدوام الرسمي وهذا يشكل عبئ كبير على التلاميذ إضافة إلى أن الفوج الثاني يبقى حتى فترة متأخرة فلا يعودون حتى المساء وهذا ما يثير الخوف على أبنائنا من عدم وصولهم إلى المنزل إلى وقت متأخر ومن جهة أخرى أن التلاميذ الصغار ومنهم تلاميذ الصف الأول والثاني غير قادرين على الصعود إلى الباصات التي تنقلهم وليس لديهم مرافق من التربية وهذا أيضاً يقلقنا على أبنائنا كما أن العديد من الناس لا يرسلون بناتهم وخصوصاً بنات الصف الخامس والسادس إلى قرية أخرى مما يؤدي إلى حرمانهن من التعليم نتيجة العادات الموجودة في المنطقة».

كما يقول السيد "محمد سليمان" من مزرعة "العامودية" منطقة "الجسر": «يوجد في مزرعتنا أكثر من سبعين تلميذ من الصف الأول حتى الصف السادس يذهبون يومياً سيراً على الأقدام إلى مدرسة في قرية مجاورة تبعد أكثر من (3) كم ولتخفيف من معاناة أبنائنا تم تأمين بناء للمدرسة في منزل أحد المواطنين وصدر قرار من مدير التربية رقم 385/10 بتاريخ 13/10/2008/ بإحداث مدرسة في هذه المزرعة على أن يصار إلى مباشرة الدوام في بداية الفصل الثاني إلا أننا فوجئنا بصدور قرار إلغاء هذه المدرسة من المحافظة ولم يتم تأمين باصات لنقل التلاميذ إلى المدرسة التي نقل إليها التلاميذ مما أدى إلى عدم تحصيل التلاميذ للمناهج المقررة نتيجة غيابهم المستمر عن المدرسة نتيجة المصاعب التي يواجهونها مما أجبر الكثير من أولياء التلاميذ على عدم إرسال أبنائهم إلى المدرسة فأدى ذلك إلى تسربهم».

وختم السيد "سليمان" قائلاً: «نتمنى من المحافظ الجديد النظر بعين العطف إلى واقعنا والوقوف على معاناتنا والعمل على مباشرة الدوام في المدرسة المذكورة حتى ينعم أبنائنا بالتعليم مثل غيرهم من أبناء هذا الوطن الذي هو في أمس الحاجة إلى إنشاء جيل متعلم مثقف وواعي».