استمدت بلدة "دير حسان" شهرتها ومكانتها وأهميتها منذ أن دبت الحياة فيها في القرن السادس الميلادي من موقعها الجغرافي وقربها من الطريق التجاري الروماني الواصل بين "إنطاكية" و"قنسرين" وكذلك قربها من "باب الهوى"، لذا تعد اليوم من القرى النشيطة تجارياً ومتنوعة ثقافياً واجتماعياً.

يقول السيد "عبد الكريم كيالي" من أهالي القرية : «تمتاز القرية بطبيعتها الجميلة وبهوائها العليل وهذا شكل ملهماً لعدد من أبنائها لنظم الشعر حيث يوجد فيها 20 شاعراً يجتمعون بشكل دائم وينظمون القصائد حول موضوع ما يتم تحديده مسبقاً واختيار القصيدة الأجمل على غرار سوق "عكاظ".

تمتاز القرية بشغف أهلها للعلم حيث يوجد فيها نحو 200 شهادة جامعية من مختلف الاختصاصات حيث لا يكاد يوجد بيت في القرية إلا وفيه خريج جامعي كما أن الأمية فيها تكاد تكون معدومة حتى بين صفوف النساء

وأنا كشاعر وصفت قريتي بالقول:

يا "دير حسان" يا حبي ويا أملي

ويا خيالاً كسيمفونية القدر

تبارك الله إذ أعطتك قدرته

صفات جنته الفردوس للبشر

تعاظمت فيك آيات لمقتدر

وليس أعظم من آيات مقتدر

هذي يدي وذا قلبي وعاطفتي

يا "دير حسان" عاد الركب فانتظري».

الباحث الأثري "محمد فخرو" وهو من أبناء "دير حسان" قال: «تعد"دير حسان" من القرى الأثرية القديمة التي تعود إلى الفترة الرومانية وقد ورد ذكرها في الكثير من المراجع العربية القديمة ومنها "معجم البلدان" لـ"ياقوت الحموي" تمتاز بموقعها الجغرافي الهام وقربها من الطريق الروماني الذي كان يربط بين "أنطاكية" و"قنسرين" والذي بقي منه مسافة بطول كيلومتر واحد تقريباً بالقرب من بلدة "تل الكرامة" إلى الجنوب الشرقي لقرية "دير حسان"».

وعن أهم معالمها الأثرية قال: «تشكل بقايا الكنيسة التي تعود إلى القرن السادس الميلادي وبقايا عدد من الأبراج والدير وخزانات المياه والزيت المحفورة بالصخر وبعض المغاور الأثرية وبقايا لفيلات وبيوت سكنية قديمة بعضها محفور بالصخر أهم المعالم الأثرية في القرية إضافة إلى وجود بعض غرف "المصلبات" أو "بيوت الغمس" بطرازها العمراني المميز والمبنية من الحجارة والطين بشكل أقواس والتي لا يزال بعض الأهالي يحافظ عليها».

أما السيد "ناصر فخرو" رئيس بلدية "دير حسان" فوصف البلدة وأهميتها بالقول: «تقع بلدة "دير حسان" في أطراف سهل "الحلقة" وسهل "الدانا" شمال مدينة "إدلب" بنحو 40 كيلومتراً وشمال مدينة "الدانا" بأقل من كيلومترين وهي من القرى الأثرية القديمة التي لا تزال مأهولة بالسكان حتى اليوم وتعود إلى القرن السادس الميلادي وتسميتها مأخوذة من الآرامية "دير حشنا" وتعني "دير الكئيب" أو "دير المناص" ويرى أهلها أن التسمية جاءت من اسم الراهب صاحب الدير وقد ذكرها "البغدادي" في كتابه "مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع" باسم "دير حشيان" بالحاء المهملة والشين الساكنة بأنها قرية بنواحي "حلب" من العواصم».

وعن واقعها تحدث "فخرو" لموقع eIdleb خلال زيارتنا للبلدة في شهر "تشرين الثاني" من العام 2011: «يبلغ عدد سكان البلدة 6500 نسمة ويتوافر فيها مختلف الخدمات من مياه وكهرباء وهاتف وصرف صحي حيث تصل نسبة التخديم بالصرف الصحي لنحو 90% وتم أيضاً شق وتعبيد 60% من الطرق الواردة بالمخطط التنظيمي وكذلك شق بعض الطرق الزراعية والبدء بتنفيذ مشروع لتمديد شبكة مياه بكلفة 11 مليون ليرة وفيها مدرستان للتعليم الأساسي وهذا العام تم بناء ثانوية فيها، كما تم توسيع المخطط التنظيمي بضم مساحة 156 هكتاراً من أملاك الدولة إلى المخطط ومعظمها من الأراضي الصخرية للاستفادة منها واستثمارها وحماية الأرض الزراعية من التجاوزات والبناء عليها حيث تم تقسيم 22 هكتاراً منها إلى محاضر معدة للبناء وعددها 270 مقسماً تتراوح مساحة كل منها بين 250- 600 متر وبيعت بالمزاد وبالتقسيط وتم تخديمها وشق الطرقات ضمنها لتسهيل عملية البناء».

وتحدث "عبد الرحمن محمود" عن عمل أهل القرية بالقول: «يعمل معظم أهل القرية بالزراعة ومن أهم محاصيلها "الزيتون" و"التين" و"الكرمة" و"القمح" و"الشعير" و"العدس" وعلى الرغم من ضيق مساحة الأراضي الزراعية فيها إلا أنها تستثمر بشكل أمثل من قبل الأهالي، إضافة إلى اعتماد بعض الأهالي على تربية الحيوانات كمصدر دخل مساعد لهم».

ويقول طبيب الأسنان "حسن منصور": «تمتاز القرية بشغف أهلها للعلم حيث يوجد فيها نحو 200 شهادة جامعية من مختلف الاختصاصات حيث لا يكاد يوجد بيت في القرية إلا وفيه خريج جامعي كما أن الأمية فيها تكاد تكون معدومة حتى بين صفوف النساء».

أما "نجود منصور" مدرسة اللغة العربية فقد عبرت عن عادات وتقاليد أهل القرية بالقول: «ما يميز أهالي "دير حسان"هو الروابط الاجتماعية القوية بين أهلها ومحبتهم لبعضهم بعضاً وتعاونهم في مناسبات الأفراح والأحزان وكذلك في حل المشكلات التي قد تحدث إضافة إلى أن المرأة في القرية تأخذ دورها في المجالات كافة ومعظم الأهالي يحرصون على تعليم بناتهم وإتمامهم التحصيل العلمي وحصولهم على الشهادات الجامعية كما أن كبار السن من الرجال والنساء لا يزالون يرتدون الزي الشعبي التقليدي الموروث عن آبائهم وأجدادهم والذي يتمثل بـ"السروال" و"العقال والكوفية" على الرأس بالنسبة للرجل وبالنسبة للمرأة يكون لباسها عبارة عن ثوب وعلى وسطه "زنار" أو "كمر طرابلسي" و"كسروان" على الرأس مع غطاء يتدلى من الخلف إلى أسفل الرجلين، كما لا يزال بعض أهلها يعتمدون على "التنور" في تأمين حاجتهم اليومية من الخبز».