قيل عنها إنها صاحبة الهواء العليل، ممتدةً على سفوح "جبل الزاوية" المطلة على "وادي الغاب" في منطقة "أريحا" تقع قرية "عين لاروز" بعدد سكان يُقدر بنحو أربعة آلاف نسمة، وهي مسكونة منذ ما يُقارب 300 سنة، وتحوي بين جنباتها آثاراً شهيرة مثل "القصر والعين الرومانيين" اللذين يشهدان على تاريخ إنسانها العريق منذ ما يُقارب ألف سنة، واليوم ماتزال خطوط شباب القرية منقوشة على هذه الآثار في طفولتهم وما تزال عينها العذبة تحوي ذكريات هؤلاء الشباب الورود التي سميت باسُمهم وهي "عين لاروز".

موقع eSyria التقى الشاب "محمد سلوم" (خريج قسم الإعلام سنة 2005) الذي تحدث عن الذكريات التي أمضاها في قريته الوادعة، والمستوى العلمي الذي وصل إليه شبابها، حيث قال: «ارتفع المستوى العلمي بين الشباب حين ازدادت نسبة دارسي الجامعات والمعاهد مقارنةً مع عدد السكان، وجميع هؤلاء الشباب من جيل الدارسين والخريجين يحمل ذكريات جميلة وقديمة مع الآثار، فأنا شخصياً أذكر عندما أمر جانب الآثار في مدخل القرية حين كنت صغيراً وأرى بعيني الذكريات التي خططتها في طفولتي من أسفل التلة شاهدة ما تزال حية لم تنمح حتى الآن، ولجميع أبناء القرية ذكرى جميلة مع ركن أساسي هام في أركان القرية هو نبعة الماء في الطرف الغربي للقرية، فالجميع تعلم السباحة في هذا النبع».

كنا سابقاً نسافر إلى "المعرة" مشياً على الأقدام إلى "كفرنبل" شرقاً، ثم الركوب بالسيارة إلى "المعرة" حتى نصل سوق بازارها لشراء الأغنام، وكنا نسافر أيضاً إلى "جسر الشغور" من خلال قرية "جنقْرة" لنبيع محاصيلنا من قمح وحمص وكرز وشراء ما نحتاجه

العين الرومانية التي سقت قرية "عين لاروز" لسنوات طويلة وسميت القرية باسمها، تحدث عنها وعن عادات القرية المتعلقة بها السيد "صبحي السلوم" من سكان القرية قائلاً: «كنا قديماً نرد إلى العين وحينما تجف صيفاً نرد إلى الرام الرومانية الموجودة في القرية، وأذكر حين كان يصطف الناس صفوفاً بعضهم خلف بعض لملء مقدار معين من الماء العذب لا يتجاوز القِدر أو "السطل" باللهجة العامية، وهذا القدر من الماء كان يكفيهم يوماً واحداً فيطبخون منه ويغسلون ويغتسلون وأيضاً يتحممون، لكن في يومٍ من الأيام تغيرت الأحوال الجوية، وقد حذر مُنجم قديم في القرية الناس من النزول إلى الوادي لملء جرار المياه لأن الذاهبين لن يوشكوا على الوصول إلى طريق العودة حتى يتعبق الجو بالغيوم وتحصل أمطار غزيرة، لكن القليلون استجابوا لكلامه، وحصل ما تنبأه ذلك الرجل فأفرغنا حمولتنا من المياه والتجأنا إلى الأرياف حتى وصلنا المنزل، فاستعان الناس كعادتهم بالمياه المتبقية على أسطح المنازل».

الشاب محمد السلوم

تاريخ قرية "عين لاروز" الزراعي يشمل هو الآخر محطات هامة أثرت على مجتمعها وأهم تلك المحطات زراعة الكرز فيه الذي لم يكن مقنعاً للكبار والآباء في بداية زراعته مطلع الستينيات، وعن تجربته في زراعة الكرز تحدث السيد "صبحي السلوم" "أبو أحمد" قائلاً: «أذكر أن "قدور القاسم" الملقب "أبو اسماعيل" هو أول من أتى بنصبة "غرسة" كرز إلى المنطقة من "تركيا" في خمسينيات القرن الماضي، ولم يكن الكبار يتقبلون أي فكرة بتغيير زراعاتهم القديمة، حتى قررت شراء خمسين شتلة كرز من "أريحا" ولاقيت كل الاعتراض من والدي، إلا أنه وافق في نهاية الأمر، وكان لهذا القرار نتيجة مفاجأة ومفرحة، وهكذا انتشرت زراعة الكرز في قريتنا في فترة الستينات، وصار المزارعون يُطعمونه ويُحسنون إنتاجه، وامتلك أغلب الناس مئات الأشجار وعشرات الدونمات، فكانوا يأكلون الكرز ويبيعونه ويتهادونه».

عادات القرية في المناسبات الإجتماعية وعلاقاتها مع المناطق المجاورة انسابت كما انسابت مياهها العذبة عبر سفح الجبل في طريقها إلى وادي الغاب الأخضر، وعن هذه العادات تحدث مختار القرية السيد "جميل القنطار" قائلاً: «في الأعياد كنا نجتمع في ساحة القرية قرب المقبرة القديمة فينصب الشباب الدبكات وينشرون الأفراح، ثم يزور رجال القرية بيوتها بيتاً بيتاً، حيث لم يكن عدد المنازل يتجاوز خمسين منزلاً، فتوضع الحلوى وهي من الزبيب والتين اليابس قبل أن يعرف الناس شرب الشاي، وفي الشتاء كان ضوء ليل الشتاء ودفأه يعتمد نور الكاز الذي يشتري الناس قدراً منه يبلغ تنكة واحدة تكفي الشتاء كله، وكان المختار وحده يمتلك آنية زيت كاز من النمرة الرابعة».

الحاج صبحي السلوم

وعن علاقات القرية مع المناطق والمدن المجاورة أضاف "المختار": «كنا سابقاً نسافر إلى "المعرة" مشياً على الأقدام إلى "كفرنبل" شرقاً، ثم الركوب بالسيارة إلى "المعرة" حتى نصل سوق بازارها لشراء الأغنام، وكنا نسافر أيضاً إلى "جسر الشغور" من خلال قرية "جنقْرة" لنبيع محاصيلنا من قمح وحمص وكرز وشراء ما نحتاجه».

جانب من قرية عين لاروز