بالقرب من كراج انطلاق البولمان في مدينة "إدلب" وصولاً إلى دوار "المحراب" تتوضع أشهر مقاهي الحمام، تلك الأماكن الخاصة التي يجتمع فيها مربو و"كشاشة" الحمام لحل المشاكل وعقد صفقات البيع والشراء، و"فك" الطيور المفقودة، والمكان المخصص لأحاديث أبناء الكار.

موقع eIdleb زار بعض المقاهي والتقى السيد "عبد الباسط بستاني" مالك أحدها فتحدث عن تاريخها وأسمائها قائلاً: «وجدت مقاهي الحمام منذ وجود هذه المهنة، وتعتبر ذائعة الشهرة لعددها الكبير الذي يزيد على عشرة مقاهٍ، ويختلف أحدها عن الآخر بحسب أهميته وقدمه، وبحسب العائلة المالكة للمقهى الذي يسمى باسمها، ومن المقاهي المعروفة قهوة "البستاني"، و"جمالي"، و"بهلول"، و"نعيمة"، و"مندورة"، و"كريّم" و"فارس"، وتسمية مقهى لم تأت من كونها تضم الكراسي والطاولات ولا تشبه أياً من مكونات المقهى إلا في شيء واحد وهو اجتماع المربين والتجار و"الكشاشة"».

أهم عنصر في المقهى وجود أماكن لوضع الحمام فيها بقصد التجارة والمبارزة بين الطيور بالنسبة لجمالها ونوعها وسعرها، وتكون هذه الطيور من أجود الأنواع، ويكون الحديث خاصاً بالحمام وقصصه القديمة وطرائفه، والأمراض التي يتعرض لها وأساليب معالجتها باستشارة أهل الخبرة، كما يجتمع كبار مالكي الحمام لحل القضايا العالقة مثل استعادة الطيور، وتقرير أي الطيور أفضل في حالات التحدي بين مالكين

وأضاف "بستاني": «يتم الاجتماع في المقاهي بعد صلاة العشاء وحتى الساعة الثانية عشرة ليلاً كل يوم، ويكون الاجتماع في الشتاء فقط لأن الحمام يستطيع الطيران في هذا الفصل، فيما يقتصر اجتماع الصيف على النشاط التجاري لبيع الطيور ولا تكون مثل هذه الجلسات الليلية لأن معظم المربين هم من المزارعين الذين يشغلهم النشاط الحقلي طوال النهار، ويجب أن يكون صاحب المقهى ذو مصداقية وشخصية قوية بين "الحميماتية"، ويكون من الوجوه المعروفة بين أبناء الكار، لذلك يلجأ إليه "الكشاشة" لحل القضايا العالقة بينهم وإقامة الصلح و"بوسة الشوارب"، وعلى عاتقه تقديم الحلويات بعد فض النزاعات».

شيخ الحميماتية محمد سيفو

وتحدث "محمد سيفو" الملقب "شيخ الحميماتية" في "إدلب" عن مهام قهوة الحمام فيقول: «أهم عنصر في المقهى وجود أماكن لوضع الحمام فيها بقصد التجارة والمبارزة بين الطيور بالنسبة لجمالها ونوعها وسعرها، وتكون هذه الطيور من أجود الأنواع، ويكون الحديث خاصاً بالحمام وقصصه القديمة وطرائفه، والأمراض التي يتعرض لها وأساليب معالجتها باستشارة أهل الخبرة، كما يجتمع كبار مالكي الحمام لحل القضايا العالقة مثل استعادة الطيور، وتقرير أي الطيور أفضل في حالات التحدي بين مالكين».

ولمقاهي الحمام وظيفة أخرى تحدث عنها السيد "خالد جمالي" مالك أحد المقاهي قائلاً: «يتم التركيز أيضاً على النشاط التجاري الذي يعتبر مصدر الرزق الوحيد للمربي أو التاجر أو "الكشاش"، ويتم فيها إبرام صفقات البيع بين التجار من المحافظة وتجار آخرين للبيع أو الشراء من المحافظات الأخرى أو بعض الدول القريبة كتركيا والأردن ولبنان، بينما نستقدم الطيور من أماكن بعيدة من فرنسا وبلجيكا ليجتمع الرجال في المقهى ويبدوا آراءهم في هذه الطيور المبيعة أو المستقدمة، في المقهى يتم استعراض الطيور وفي حال عدم وجود الطائر المناسب نقوم بإرشاد التاجر إلى من يملك نوع الطيور ويكون لنا دور الوسطاء بين الطرفين».

قهوة البستاني

وعن الحالة الاجتماعية التي تجمع مربي الحمام داخل المقهى يتحدث السيد "مصطفى مشلح" أحد المربين فيقول: «يمثل ذلك الطائر صلة الوصل بين جميع المربين الذين يرتادون مقاهي الحمام ويجتمعون فيها يومياً حتى ساعات متأخرة لتأمل الطيور بجمالها لأننا نجزم أن تربية الحمام هي مهمة الملوك ناسين عائلاتنا وأبناءنا والتمتع بجمال الطائر وقصصه الطريفة مع المربين أو أحدث التطورات الحاصلة في سوق الحمام، كما أن انعزال مربي الحمام عن المجتمع بسبب الصورة السيئة التي اكتسبوها تجعلهم عاكفين على هذه الأماكن مع صديقهم ذلك الطير المدلل الذي يؤمن لهم الراحة النفسية عند النظر إليه ويوفرون له المنزل والطعام فتكون العلاقة متبادلة».

مصطفى مشلح