نظراً لواقع محافظة "إدلب" الزراعي، فإن القرى والأرياف تنتشر على المساحة العظمى من هذه المحافظة، وقرية "النيرب" واحدة من القرى الزراعية، التي تنبسط على سهل زراعي خصيب في وسط المحافظة ، تحفها أشجار الزيتون، التي عملت على إعطائها صبغة خضراء دائمة على مدار العام، تطل من الغرب على "جبل الأربعين"، ولها موقع استراتيجي مهم لوقوعها على طريق عام "اللاذقية- حلب".

موقع eIdleb زار قرية "النيرب"، والتقى السيد "أحمد الأسعد" رئيس بلديتها ليحدثنا عن قريته قائلاً: «"النيرب" بلدة عريقة القدم، تقع في منطقة سهلية غنية بالمحافظة، تحيط بها أشجار الزيتون من كل حدب وصوب، تعني بـ"الآرامية" "ناربا"، أي ساكنو الوادي، ويقال أيضاً "نارب" أي الممر بين جبلين، و"النيرب" في اللغة العربية، تعني الرجل الجلد القوي، وذكرها "أبو العلاء المعري" في كتابه "رسالة الغفران"، تُعتبر من القرى الزراعية حيث يعمل سكانها بالزراعة والإنتاج الحيواني، وصل عدد سكانها إلى خمسة آلاف نسمة، ولها موقع استراتيجي مهم على طريق "اللاذقية حلب" وتُعتبر صلة وصل بين مناطق المحافظة، تقع إلى الشرق منها مدينة "سراقب"، وإلى الشمال ناحية "سرمين"، وغربها مدينة "أريحا"، تتبع إدارياً لمدينة "إدلب"، والحركة العمرانية فيها متطورة، وتُعتبر من القرى المواكبة للتطور على مستوى المحافظة من جميع النواحي، فبنائها الحديث والأبنية التجارية الموجودة فيها تدل على ذلك، وهي محط أنظار للكثير من المستثمرين والتجار، لموقعها الاستراتيجي على طريق عام مهم، يوجد فيها العديد من الآثار "الرومانية والإسلامية"، ويوجد فيها تلال أثرية أحدهما في الجهة الغربية ويعرف بـ"تل أسفن" الغربي، والآخر في الجهة الجنوبية ويُعرف بـ"تل أسفن" الجنوبي، والثالث شرق القرية يعرف بـ"تل الضيعة"».

التطور الذي حصل في القرية كبير جداً مقارنتاً بالقرى الأخرى المجاورة، والسبب يرجع بذلك لوقوعها على طريق مهمة، ما أدى إلى كثرة الحركة فيها وكثرة الاحتكاك مع الآخرين، وبالتالي تطلع العديد من أبنائها للعمل بالتجارة العامة، ما لعب دوراً مهماً في إنعاش اقتصاد القرية ككل، والأمر الذي جعلها تقف في مصاف القرى المتطورة اقتصادياً وتجارياً

ويضيف السيد "أحمد": «لم يكتفي أهل القرية بالعمل الزراعي، بل تطلعوا للعمل بالتجارة، فنشطت الحركة التجارية في القرية بشكل كبير، ولا سيما تجارة المواد الزراعية وأهمها "الزيتون" وتوابعه، فيوجد فيها عدد كبير من معاصر "الزيتون"، ونشطت تجارة السيارات ففيها عدد كبير من مكاتب السيارات، والقرية مؤمنة من جميع الخدمات، ففيها شبكة للصرف الصحي، وشبكة ماء شرب، وشبكة هاتف، وسوق تجارية، كما يوجد فيها مجلس بلدي، وجمعية فلاحية، ونادي رياضي، ومعسكر للإعداد الشبيبي، ومركز صحي، والحركة العلمية نشِطة، قلت بعض الشيء في الفترات الأخيرة، نتيجة تطلع أبنائها للسفر إلى الدول الغربية بقصد العمل، حيث يوجد عدد كبير من أبنائها في الدول الغربية وأهمها "قبرص واستراليا وكندا"، يوجد فيها مدارس للتعليم الأساسي ومدرسة ثانوية، كما تنشط الحركة السياحية ففيها العديد من المقاصف السياحة المشهورة على مستوى المنطقة، وأهمها مقصف"إيبلا والرابية الخضراء وزهرة المدائن"».

أحمد الأسعد رئيس بلدية النيرب

وعن العادات والتقاليد السائدة في القرية يقول "سمير العلي" مختار القرية: «امتاز أهل "النيرب" كغيرهم من أهل المحافظة، بحرصهم الشديد على إتباع العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، والمستقاة من التعاليم الإسلامية، فعُرف عنهم الكرم ومساعدة المحتاجين، والتعاون فيما بينهم في الفرح والحزن، طَرأ على القرية العديد من التغيرات بالناحية السلوكية والاجتماعية وخاصةً بالنسبة للشباب، نتيجة تطلعهم للسفر إلى الدول الأوربية، فساد في القرية تيار اجتماعي جديد لم يكن موجود في الفترات السابقة نتيجة الاحتكاك بالثقافات والمجتمعات الأخرى».

كم التقينا السيد "مصطفى الكنج" أحد أبناء القرية ورجال أعمالها ليقول: «التطور الذي حصل في القرية كبير جداً مقارنتاً بالقرى الأخرى المجاورة، والسبب يرجع بذلك لوقوعها على طريق مهمة، ما أدى إلى كثرة الحركة فيها وكثرة الاحتكاك مع الآخرين، وبالتالي تطلع العديد من أبنائها للعمل بالتجارة العامة، ما لعب دوراً مهماً في إنعاش اقتصاد القرية ككل، والأمر الذي جعلها تقف في مصاف القرى المتطورة اقتصادياً وتجارياً».

مصطفى الكنج

ويقول السيد "أسعد الأسعد" أحد أبناء القرية: «يتصف أهل "النيرب" بالوعي والهدوء والتروي والطبيعة السلسة التي عُرفت عنهم بالتعامل مع الآخرين، ومع بعضهم البعض، فلا يقع أي خلاف في القرية إلا في الظروف القليلة، وربما نتج هذا الطبع عن الطبيعة السهلية المحيطة بالقرية، ولا تزال تحترم الكبار وتوقر الصغار، ويوجد لكل عائلة عدد من الأشخاص الذين يتم الرجوع إليهم في أمور القرية كبيرها وصغيرها».

أسعد الأسعد