إن أكثر ما يثير انتباه الزائر إلى قرية "الترنبة" الواقعة على بعد 23 كم جنوب مدينة "إدلب" و2 كم غرب مدينة "سراقب" بقايا القبور القديمة والتي على الرغم من أن معظمها اندثر نتيجة استخدام المنطقة للأغراض الزراعية، إلا أن بعضاً من شواهدها لا يزال موجوداً حتى اليوم.

وقبل أن يتطرق الباحث "عبد الحميد مشلح" إلى تاريخ تلك القبور وقصتها بدأ حديثه لموقع eSyria عن أصل تسمية قرية "الترنبة" بقوله: «يرى الأب "أرملة" (وهو رجل دين مسيحي كان ينشر أبحاثاً في مجلة "المشرق" التي كانت تصدر في "حلب" في النصف الأول من القرن الماضي) أنها من الآرامية "تورنبتا" وتعني السروة، و"الترنبة" كلمة تركية تعني مضخة المياه، أما تاريخ قرية "الترنبة" فهي قديمة وترقى إلى العهد المملوكي، تعود القبور التي تضمها القرية إلى فترة الحروب الصليبية، ففي منطقة "تل أسفين" غرب "النيرب" بـ 1 كم وغرب "الترنبة" بعدة كيلو مترات حدثت أكثر من معركة بين الصليبين وبين أمراء "حلب" سقط خلالها الكثير من الشهداء المسلمين حتى سميت تلك المنطقة بمنطقة الشهداء، حيث ما زال اسم كا شهيد صاحب القبر مكتوباً على كل شاهدة».

اتجه قسم من أبناء القرية إلى العمل الصناعي فانتشرت غرابيل الحبوب ومناشر الحجر ومعامل البلوك، وهناك عدد كبير من أبنائها مغتربون في دول الخليج العربي وفي المغرب العربي، وأكبر العائلات فيها هي "الحسن" و"جراد" و"رحمون" و"رعد" و"قويدر". تتميز القرية بهوائها الذي يهب بشكل مستمر طوال شهري تموز وآب

وفي لقاء مع المهندس "محمد الحسن" مدير فرع مؤسسة الحبوب في "إدلب" وأحد أبناء قرية "الترنية" تحدث عن قريته قائلاً: «تشكل "الترنبة" مع قرى "جوباس" و"داديخ" و"كفربطيخ" خطاً مستقيماً يمتد بشكل موازٍ للطريق الدولي "حلب" "دمشق" من الطرف الغربي، وذلك بطول يقارب 10 كم، وهي تحتوي على مجموعة كبيرة من المغاور متصلة مع بعضها البعض، كنا ندخل إليها عندما كنا أطفالاً، وفيها بقايا كنيستين بني على أنقاضهما مسجدان: جامع "الكيّالي" والجامع "الأنصاري"، يبلغ عدد سكان القرية 2200 نسمة، والوضع التعليمي فيها جيد؛ ففيها مدرسة تعليم أساسي تضم حوالي 650 طالباً، وهناك حوالي 70 طالباً جامعياً، وعدد من الخريجين من مختلف الاختصاصات، وهناك إقبال كبير على التعليم وخاصة بما يخص تعليم الفتيات، وذلك في خروج عن التقليد الذي كان سائداً في الماضي بعدم دخول الفتاة إلى المدرسة، وما يثير البهجة أن القرية خالية تقريباً من الأمية، وسوف يتم إعلانها خالية من الأمية خلال أشهر قليلة».

المهندس محمد الحسن

ويضيف: «اتجه قسم من أبناء القرية إلى العمل الصناعي فانتشرت غرابيل الحبوب ومناشر الحجر ومعامل البلوك، وهناك عدد كبير من أبنائها مغتربون في دول الخليج العربي وفي المغرب العربي، وأكبر العائلات فيها هي "الحسن" و"جراد" و"رحمون" و"رعد" و"قويدر". تتميز القرية بهوائها الذي يهب بشكل مستمر طوال شهري تموز وآب».

الأستاذ "أحمد حاج عرسان" رئيس بلدية "داديخ" التي تتبع لها قرية "الترنبة"، شرح الواقع الخدمي في القرية بالقول: «القرية مخدمة بالكهرباء بنسبة مئة بالمئة منذ عام 1982 وبالهاتف وبالمياه، وعلى المستوى الصحي فإنه تتم الاستعانة بالمركز الصحي في مدينة "سراقب" نظراً لقرب "الترنبة" منها، تمت دراسة المخطط التنظيمي للقرية لكنه لم يصدر حتى الآن، لذلك لم يتم إنجاز شبكة صرف صحي في القرية، المياه متوفرة بشكل جيد ويتم توفيرها من بئر فيها».

من أحياء قرية الترنبة

أما السيد "عبد الوهاب الحسن" رئيس الجمعية الفلاحية في "الترنبة" تحدث عن الواقع الزراعي في القرية بالقول: «تبلغ المساحة الإجمالية للقرية حوالي 1800 هكتار، ويتبع للجمعية الفلاحية 1100 هكتار "سليخ" و110 هكتارات "مشجر"، أما عدد أعضاء الجمعية فيبلغ 61 عضواً، وبذلك فإن الأراضي الزراعية للقرية تمتد على مساحة كبيرة جداً تصل لحدود قرى "النيرب" و"جوباس" و"أفس" و"سان" و"سراقب"، تشتهر قرية "الترنبة" بزراعة الحبوب إلى جانب الأشجار المثمرة وعلى رأسها الزيتون والتين وقليل من الرمان».

الاستاذ أحمد حاج عرسان