"معصران" القرية الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة "معرة النعمان" بحوالي 14 كم، هي إحدى التجمعات السكانية الكبيرة التي يقارب عدد سكانها العشرة آلاف نسمة، ينحدر معظمهم من أصول عشائرية ثلاثة هي كما تحدث عنها رئيس بلدية القرية السيد "وليد مطر" حين قال: «سكان قرية "معصران" ينحدرون من عشائر "البوسبيع" و"السبخة" و"الشعبان"، ونحن نشترك مع بقية القرى المجاورة من خلال صلة القربى والروابط العشائرية، وكما هي عشيرة "الشعبان" موجودة في قريتنا فهي موجودة أيضاً في قرى أخرى مثل "تلمنس" ومعرشورين" و"الغدفة"، ولهذا فإننا لا ندخل بيتاً إلا ويكون لنا قرابة عمومة أو أخوال، ويوجد تداخل اجتماعي كبير تبعاً لذلك في منطقتنا».

وعن سبب تسمية القرية أضاف "المطر" قائلاً: «أتت تسمية القرية من اسمين مركبين هما "معصى" و"ران"، والمعصى هو القلعة الراقدة تحت التراب، أما "ران" فهو ملك قديم حكم المنطقة، وكان يمتلك ذلك المعصى فسُمي المكان "معصى ران"، وأذكر أن والدي كان يُحدثني عن وجود دهاليز مشيدة تحت الأرض جنوب القرية أعتقد أنها معصى الملك المذكور، ويُقال أيضاً أن تسمية "معصران" جاءت من أصل القرية التي حوت معاصر العنب قديماً».

أستنتج أن عمر القرية هو مئتان وخمسون عاماً وما قارب ذلك، وأول مختار للقرية هو الحاج "جميل العزو" وكان الفارس المشهور فيها، وبالنسبة لمساحتها فهي تقارب 3500 هكتار مع مساحة المزارع الخاصة التي تتبع لها

وفي سؤال عن عمر القرية أجرى السيد "وليد" عمليات حسابية عن أعمار أجداده الافتراضية باعتبار أن عائلته هي إحدى العائلات الأصيلة في القرية وأجاب عن سؤالنا بالقول: «أستنتج أن عمر القرية هو مئتان وخمسون عاماً وما قارب ذلك، وأول مختار للقرية هو الحاج "جميل العزو" وكان الفارس المشهور فيها، وبالنسبة لمساحتها فهي تقارب 3500 هكتار مع مساحة المزارع الخاصة التي تتبع لها».

وليد مطر رئيس بلدية معصران

لا تنقص قرية "معصران" أية خدمات صحية أو تعليمية أو مواصلات، ففيها المدارس الثانوية ومدارس التعليم الأساسي، وفيها بلدية ومستوصف صحة، وعن ذلك كله قال "المطر": «مجلس البلدية تأسس عام 1979، وأُحدث أول مخطط تنظيمي في القرية عام 1983، وسيُتم قريباً البدء بتوسيع المخطط ليشمل مساحات جديدة ومناطق مخالفات أخرى، ويشمل الصرف الصحي 95% من مساحة القرية متوزعاً على مصبين، وتُجري مؤسسة الإسكان دراسة على مشروع إنشاء محطة معالجة على أرض مستملكة، أما مصدر مياه القرية فهو "الدانا"، ويوجد مركز صحي متواضع من حيث خدماته، ونحن بحاجة شديدة إلى تطوير إمكانيات البلدية المالية حتى تستطيع النهوض بواقع القرية في المستقبل القريب».

تحوي "معصران" أيضاً مزرعة خيول قديمة كان يمتلكها أول مختار متعارف عليه للقرية هو المرحوم "جميل العزو"، وهناك في المزرعة التقينا السيد "جميل" حفيد المختار المذكور ليحدثنا عن مزرعة جده وهواية العائلة في تربية الخيول قائلاً: «لأن جدي عشق الفروسية، توارثنا محبة الخيول وأخذنا على عاتقنا تربيتها في ذات المكان الذي كان يُربي فيه جدي آباءها، حيث نُجري في كل عام سباقات مع فرسان القرية، كما نحاول المشاركة في مسابقات على مستوى القطر، وما يمنعنا هو عدم تسجيل الخيول التي نمتلكها في منظمة "الواهو" العالمية، وبالتالي عدم اعتراف الدولة بخيولنا وحقها في السباق والهجن على الرغم من أنها أفضل الخيول وأجملها في المنطقة، وامتطيتها شخصياً في سباقات محلية مثل سباق المدن المنسية في "إيبلا"».

الخيل في مزرعة عائلة العزو

الزراعة هي النشاط الذي يزاوله معظم سكان قرية "معصران"، وترتبط القرية من خلال ذلك النشاط مع مدينة "المعرة"-المركز الإداري للمنطقة- في علاقات تجارية وإدارية وخدمية قديمة تعود لعشرات العقود، حيث يُرجع السيد "عبد الله العزو" وهو سائق على خط "المعرة" يُرجع سبب زيادة العلاقة التجارية مع "المعرة" إلى زمن امتلاك الأهالي في القرية لحافلات النقل الداخلي، حيث كانت "البوسطة" واسطة النقل بين القرية والمدينة، واليوم لا تكفي الحافلات الحديثة على حد قول السيد "عبد الله" لاستيعاب الركاب القادمين إلى "المعرة" وهذا يدل على عمق العلاقة معها.

"معصران" لا تنقسم إلى طرف شرقي وآخر غربي بل يجتمع أهلها في وحدة إجتماعية قوية، تقوم على القرابات والصلات، وحتى الأحجار فيها ذات لون موحد، وتشهد بذلك منازل القرية المهجورة المبنية من حجر البازلت البركاني الأسود، وهذه الأحجار البازلتية تطوق القرية مثل طوق السوار للمعصم.

جزء من القرية القديمة