تقع بلدة "قورقانيا" إلى شمال غرب مدينة "إدلب" بنحو ثلاثين كيلومتراً، وإلى الشرق من "حارم" بمسافة لا تزيد على اثني عشر كيلومتراً في موقع متميز فوق مرتفع جبلي، لتبدو معه كالحارس الأمين على المنطقة وعلى السهلين اللذين تطلّ عليهما من جهة الغرب والشرق.

وبين هذا الموقع وتلك الإطلالة يخترق الطريق إلى "قورقانيا" تلك المناظر، ليأسر المرء ويأخذه في رحلة مع الطبيعة بتنوع مناظرها بين سهل وجبل وخضرة أشجار الزيتون، ومعها لا بد للمرء أن ينسى وعورة الطريق ويترك لناظريه التأمل بهذه الطبيعة الجميلة التي لا يمكن له أن يمل منها حتى إنه لا يشعر بنفسه إلا وقد أصبح وسط قمة جبلية وكأنه في عش نسر عاشق للقمم.

إنّ اسم "قورقانيا" مشتقّ من الآرامية وحسب الأبوين "شلحت" و"أرملة" يعني اسمها "الأسكاف" في حين يرى "خير الدين الأسدي" أنّها من الآرامية منسوبة إلى " قرق الدجاج"، ويرى البعض أن اسمها من العربية مؤلف من كلمتين "القور" هو الجبل و"قانيه" هو اللون الأحمر، وبذلك يكون اسمها بلدة الجبل الأحمر

يقول الباحث "عبد الحميد مشلح": «إنّ اسم "قورقانيا" مشتقّ من الآرامية وحسب الأبوين "شلحت" و"أرملة" يعني اسمها "الأسكاف" في حين يرى "خير الدين الأسدي" أنّها من الآرامية منسوبة إلى " قرق الدجاج"، ويرى البعض أن اسمها من العربية مؤلف من كلمتين "القور" هو الجبل و"قانيه" هو اللون الأحمر، وبذلك يكون اسمها بلدة الجبل الأحمر».

الجامع الكبير في قورقانيا

ويضيف "مشلح": «"قورقانيا" أو "قرقانيا" كما يلفظها البعض بلدة قديمة تعود بتاريخها إلى العام 146 ميلادي حسب الكتابات التي عثر عليها في بعض آثارها، فيما تبيّن كتابات أخرى أنّ فترة ازدهارها كانت في العهد البيزنطي بين القرن الرابع والسادس الميلادي، وقد أحصي فيها نحو خمسين فيلا قديمة لم يتبقّ منها سوى بعض الجدران والحجارة المتناثرة كما عثر فيها على آثار كنيستين تعودان إلى القرن السادس، الأولى موقعها مكان جامع الشيخ "علم الكيالي" لم يبق منها سوى باب الواجهة وموقعه ضمن السور الجنوبي للجامع، أمّا الثانية فهي على الأغلب مكان الجامع الكبير حيث يوجد في سوره الشرقي جزء من ساكف من الكنيسة وتاج لعمود قرب المدخل، وفي التاج كتابة يونانية تعود للعام 329 ميلادي وقد تكون هذه الأجزاء قد نقلت من موقع آخر قريب أو أنّ الكنيستين كانتا في الأصل مكان الجامعين، وعلى مقربة من البلدة من جهة الغرب يوجد بقايا جدران دير "الرويس" وهي منقورة بالصخر مع مدفن رهباني يحوي قبرين وصهريجين، وتعدّ كنيسة "قلب لوزة" وآثار "قرق بيزا" و"بنقوسا" أهم المواقع الأثرية القريبة منها».

وخلال زيارة موقع eIdleb إلى البلدة التقينا "أحمد سكر" رئيس مجلس البلدة حيث تحدّث عن تاريخ البلدة بالقول: «"قورقانيا" من أقدم بلدات المحافظة حيث أحدث فيها بلدية منذ العشرينيات من القرن العشرين، ولا يزال منزل أول رئيس بلدية فيها "زكي آغا الكيالي" موجوداً كما هو، كما أنّه لا يزال فيها بعض الأحياء القديمة المحافظة على شكلها وتصميمها القديم مثل "حي الأغوات" أو ما يعرف باسم "أرض الأوضة" وذلك نسبة لوجود "أوضة" أو مضافة "الآغا" فيها ولا يزال قسم من أهلها ولاسيما كبار السن محافظين على زيهم الشعبي القديم».

شاهر دنبرة محاسب بلدية قورقانيا

وأضاف: «أما اليوم فـ"قورقانيا" أصبحت مركز ناحية ويوجد فيها كافة الخدمات من مركز هاتف ووحدة ارشادية ومكتب بريد ونقطة ثقافية ومركز صحي مجهز بأحدث التجهيزات مع عيادة سنية وفيها ثانوية قديمة ومدرستين للتعليم الأساسي، ويبلغ عدد سكانها أربعة عشر ألف نسمة، ويعمل أهلها بالزراعة وأهم زراعاتها "الزيتون" و"الكرمة" و"التين" و"اللوزيات"».

أما "شاهر دنبرة" محاسب مجلس البلدة فقال: «تبلغ موازنة مجلس البلدة حوالي عشرة ملايين ليرة نصفها مخصّص للمشاريع الاستثمارية وخلال العام 2009 تمّ تنفيذ مشاريع طرقية بنحو ثلاثة ملايين ليرة من شق وتعبيد وتزفيت، وكذلك مشروع لإنارة مدخل البلدة بنحو نصف مليون ليرة، ومشروع صرف صحي بمليون ليرة، حيث إنّ نسبة التخديم بالصرف الصحي وصلت ما بين 95 إلى 100%».

أرض الأوضة ومضافة الآغا