«"حكمت بن نورس باشا الحراكي" ولد في "معرة النعمان" ونشأ بها، أرسله والده للدراسة في "الأستانة" حيث يدرس أولاد الأعيان، وعاد ليصبح من كبار بلدته وقد ورث نقابة الأشراف في "المعرة" عن والده، وفي عام 1919 بعد دخول الأمير "فيصل" سورية انتخب نائباً عن "المعرة" في أول مجلس نيابي وهو المؤتمر التأسيسي السوري».

اقتبس هذا النص من الوثائق التي رصدت شخصيات ساهمت في بناء تاريخ سورية وقد صدر عن دار "طلاس" للنشر، وعائلة آل حراكي من أعرق العائلات التي عرفتها "المعرة" والتي تمتلك إرثاً ثقافياً هاماً في تاريخ المنطقة، وكانت تمتلك عقارات واسعة من الأراضي والمنازل داخل المدينة وخارجها وجميعها مسجّلة في لوائح الآثار، ومنها منزل "حكمت باشا" وهو منزل عائلة "آل حراكي" الكبير الواقع في الحي القديم من الزاوية الجنوبية الشرقية للمدينة، والمنزل المذكور مستملك من قبل مديرية الآثار بتاريخ عام /1990/ وفيه بيان قيد عقاري ومخطط مساحي يتضمن وصفاً سريعاً لأوابد المنزل حيث كتب الأستاذ "كامل شحادة" وهو مدير دائرة الآثار سابقاً وباحث معروف، كتب واصفاً إياه بالقول: «في "المعرة" بيت تاريخي يعود عهده إلى القرن الثامن عشر وهو من المنازل الفريدة، بُني من حجر منحوت بشكل بارع، وهو يشغل مساحة من الأرض قدرها دونمان في الحي التاريخي من المدينة مجاوراً لمسجد نبي الله "يوشع بن نون"، وله مدخلان متجاوران أولهما جنوبي وهو متعرّج إلى قسمي "الحرملك" و"الخدمات"، وثانيهما شمالي يفضي إلى قسم "السلاملك"».

في "المعرة" بيت تاريخي يعود عهده إلى القرن الثامن عشر وهو من المنازل الفريدة، بُني من حجر منحوت بشكل بارع، وهو يشغل مساحة من الأرض قدرها دونمان في الحي التاريخي من المدينة مجاوراً لمسجد نبي الله "يوشع بن نون"، وله مدخلان متجاوران أولهما جنوبي وهو متعرّج إلى قسمي "الحرملك" و"الخدمات"، وثانيهما شمالي يفضي إلى قسم "السلاملك"

ويضيف الباحث "شحادة" في كتابه عن الأقسام قائلاً: «قسم "الحرملك" هو الشطر الجنوبي من البناء يتوضّع حول باحة سماوية تتوسطها بركة ماء وتغشاها أشجار الحمضيات والزينة، ومن حول الباحة أجنحة ثلاثة، وهي "الإيوان الكبير" تتصدره لوحة كتابية رخامية تؤرخ البناء وعلى طرفي "الإيوان" جناحان يطلان بنوافذهما وشمسياتهما المزخرفة على صحن المنزل، ويقابل جناح "الإيوان" جناح فيه قاعة استقبال ونوم، وجناح آخر من الشرق يحتوي على طابقين تعلو أسقفهما العقود المصلّبة ومن الأعلى كسوة خشبية ويُصعد إليه بسلم حجري، أما الجناح الثالث في قسم "الحرملك" فهو جناح "المعاش" من الغرب وفيه حمام كبيرة من ثلاثة أقسام وهي البراني والجواني والوسطاني ذات "قمريات" مزججة ومنظمة بشكل جميل، أمّا القسم الشمالي من البناء فهو قسم "السلاملك" وفيه معبر قصير يؤدي إلى صحن سماوي مستطيل وتنتظم القاعات من حوله، والبناء مبني من حجر كلسي بديع الصنعة».

سلم حجري يفضي إلى أحد الأجنحة

في المنزل مضافة مهمة في تاريخ "المعرة" توالت عليها أهم الأحداث وحضرها أبرز الشخصيات السياسية والثقافية في مطلع القرن العشرين، وعن ذلك تحدّث المحامي "زكريا الحراكي" وهو من أحفاد "حكمت باشا" قائلاً: « زار المنزل قادة الجيش العربي بقيادة "نوري السعيد" بعد الثورة العربية الكبرى ضد السلطة العثمانية حيث حلوا ضيوفاً عند "سامي بيك" شقيق جدي حين وُلي رئاسة الحكومة العربية، وفي عام 1945 أقام جدي في منزله مأدبة عشاء ضخمة لضيوف مهرجان الألفية الأولى لـ "أبي العلاء المعري" ومنهم "طه حسين" و"بدوي الجبل" و"ناظم القدسي" و"محمد مهدي الجواهري" كما زار المنزل كلّ من الرئيس "شكري القوتلي" و"سعد الله الجابري"».

وبهذا يعتبر منزل "حكمت الحراكي" نقطة هامة في تاريخ سورية لما تعهد من معانٍ سامية ما تزال تضيء إلى وقتنا الحاضر لتشهد فترة عهد وطني حمل الكثير من معاني الأصالة والشرف الرفيع.

صور للمنزل من السطح
السيد زكريا الحراكي