يطلّ "مقهى سورية" سابقاً "مقهى الريحاني" حالياً على ساحة البازار وسط مدينة "إدلب"، ويقابل مئذنة جامع "بشير آغا" "الشيخ برغل" حالياً بقبابه الرائعة. وفي لقاء لموقع eIdleb بـالسيد "سطوف حمشدو" صاحب المقهى، الذي تجاوز الثمانين حدّثنا بقوله:

«يعود تاريخ هذا المقهى إلى أكثر من مئة سنة، ومايزال حتى هذه اللحظة يستقبل الزبائن، وكان إلى جانبه مجموعة من المقاهي أهمها "مقهى فياض" و"مقهى قدور غاوي" في ساحة البازار، ومقهى "توفيق بطل" في شارع الجلاء، ومقهى "ابن أبو دودي" أمام "الجامع الحمصي"، بالإضافة إلى مقهى" أبو النور مزّق"، ومقهى "صبحي حاج غزال" في شارع الجلاء، أمّا مقهى "إبراهيم القهواتي" بجانب الحمام فكان فيها الحكواتي الذي يروي السير الشعبية المعروفة مثل تغريبة بني هلال، وقصة الزير سالم، وقصة عنترة».

رغم أنني بلغت الرابعة والثمانين من العمر، إلاّ أنني مازلت قائماً على رأس عملي ففي هذا المقهى كلّ تاريخي

وعن أهم الشخصيات التي كانت ترتاد هذا المقهى قال "أبو عمر": «في هذا المقهى جلس أعيان ووجهاء "إدلب" والقرى المحيطة بها، وخاصة أيام الانتخابات في الستينيات أمثال: "عبدالحميد دويدري"، و"صادق آغا المعلم"، و"حسين أفندي فنري"، و"أبو وجيه دويدري"، ومختار "بنش" "أحمد سلات " وغيرهم، وأيام الوحدة بين سورية ومصر جاءنا طلاب من مصر، ليدرسوا في المحافظة، وكانوا من الجنسين ذكورا وإناثاً، فاستأجروا في الفندق الكائن فوق المقهى، رابطة المدينة في الوقت الحالي لصاحبه "محمد بيدو"، وكانوا في الصباح والمساء يشربون الشاي العراقي عندي، ويأكلون سندويش الفول، مع أنني حسبت أول الأمر أنهم يأكلون الكلاوي».

مدخل المقهى

ويضيف: «فتح المقهى قبل أن أديره أنا، وذلك منذ ستين عاماً، وكان سقفه خشبيا، وكراسيه من الخشب والقش، وقد بعته عام /1985/ للمقهى الغربي لصاحبه "عادل حجازي"، والذي أغلق مقهاه لاحقاً. كل شيء تغيّر كما تلاحظ، ابتداءً من السقف الذي صار من الإسمنت، وانتهاءً بالأرض التي صارت من البلاط، إلى الكراسي التي صارت من البلاستيك ولعلمك لقد أدخلت التلفزيون إلى المقهى عام/1963/ وكان يحضر أكثر من مئتي رجل لمشاهدته داخل المقهى وخارجه، فيقوم الرجال بالرقص والغناء ورمي الكوفيات والعقالات في الهواء من شدّة الفرح والطرب.

  • وعن زبائن المقهى الأوفياء الذين لم ينقطعوا عنه حتى الآن يتابع بالقول: «أنا أعتز كثيراً بوفاء أصدقائي الذين لم يتركوا هذا المقهى منذ أكثر من أربعين سنة، ومنهم "عبد القادر قصّاب"، و"محمد غنوم"، و"عبد القادر كردي". فهذا المقهى وكلّ المقاهي القديمة الموجودة في "إدلب" تمثّل جزءاً من تاريخها، ولاسيّما أن "إدلب" كانت أمّ الخانات، وأمّ الحمامات، وأمّ المقاهي».
  • صاحب المقهى "صطوف حمشدو"

    ويختم "حمدوش" بقوله: «رغم أنني بلغت الرابعة والثمانين من العمر، إلاّ أنني مازلت قائماً على رأس عملي ففي هذا المقهى كلّ تاريخي».

    "صطوف حمشدو" و"أنيس بدوي"