تعتبر مدينة "معرة النعمان" من أعرق المدن السورية, فتاريخها يعود إلى آلاف السنين, وموقعها الاستراتيجي على الطريق الدولية بين "حلب" و "دمشق", جعل منها مركزاً لمثلث رؤوسه /ثلاثة/ محافظات: "حماة" و"حلب" و"إدلب"، ومحطّة لا بد منها لكل من يزور المنطقة.

وقد زارها ووصفها الكثير من الرحالة العرب والأجانب, يحدّثنا عنهم الباحث التاريخي "فايز قوصرة" في لقائه مع موقع eIdleb حيث يقول: «في سنة /1047/ م زار "المعرة" الرحالة "ناصر خسرو" فقال عنها: «هي مدينة عامرة, ولها سور مبني, ورأيت أسواق "المعرة", وافرة العمران, وقد بني مسجد المدينة على مرتفع وسط المدينة, يصعدون إليه بدرجات, وزراعة السكان أغلبها تعتمد على محصول القمح, وهو كثير, ومياه المدينة من الأمطار والآبار».

إنها قديمة الموقع, قامت مقام مدينة قديمة كان اسمها "أرا")

أمّا "ابن جبير" الذي زارها سنة /1183/ م فيقول عنها: «بلاد "المعرة" سواد كلها بشجر الزيتون, والتين, والفستق, وأنواع الفاكهة, ويصل التفاف بساتينها, وانتظام قراها, مسيرة يومين, وهي من أخصب بلاد الله وأكثرها أرزاقا»، كما زارها "ياقوت الحموي" سنة /1229/ م حيث يقول: «مدينة كبيرة قديمة مشهورة, ماؤهم من الآبار وعندهم الزيتون الكثير والتين»، ويتابع "قوصرة" سرده للرحالة العرب الذين زاروا "المعرة": «زارها "إبن بطوطة" عام

الباحث فايز قوصرة

/1325/ م وقال عنها: «و"المعرة" مدينة كبيرة, حسنة, أكثر شجرها التين والفستق, ومنها يحمل إلى "مصر" و"الشام"».

أما الرحّالة الدمشقي "شمس الدين" المعروف "بشيخ الربوة" والمتوفي سنة /1326/ م فقد كتب عنها: «"معرة النعمان" تعرف بذات القصرين, ولها عمل من أحسن الأعمال، شجرها التين, والفستق, واللوز, والمشمش, والزيتون, والرمّان, والتفاح, وكثير من الفاكهة وسائرها يشرب من ماء السماء)». ويضيف "قوصرة": «ومن الرحّالة "العرب" الذين زاروها الأب "لويس شيخو" سنة /1895/ م قال عنها: «كان وصولنا إلى "المعرّة" عند غروب الشمس, بعد أن اجتزنا في بساتينها التي تكتنفها وهذه البساتين هي اليوم قليلة الاتساع, وكانت في سالف الزمان تمتدّ بضعة أميال, و"المعرّة" بلدة قديمة سبقت عهد "الإسلام", ما يدلّ على قدمها الآثار الطامسة, والنقود "الرومانية", التي اكتشفت في ردومها وقد رأينا في بعض أحيائها أبواباً من الحجر الأسود الصلد, نقشت على وجهها نقوش نصرانية قديمة».

شارع أبو العلاء في معرة النعمان

وفي عام /1910/ م زار "المعرة" الأمير "محمد علي باشا" قال: «مررنا ببلدة تعرف "بمعرة النعمان", وهي من القرى التي اشتهرت في الحروب "الصليبية", يوجد فيها قلعة مخرّبة مهدّمة, وسألت أصحابها عن عدد سكانها الآن فقالوا إنهم يبلغون /7/ آلاف نفس, وشاهدنا حول القرية أحراش واسعة»، وفي أواخر النصف الأول من القرن العشرين زار "البستاني" "المعرة" يقول: «إنها قديمة الموقع, قامت مقام مدينة قديمة كان اسمها "أرا")»

وفي الحديث عن الرحّالة الأجانب يرى الباحث "قوصرة" أنّ أول الرحالة الأجانب الذين كتبوا عن "المعرة" هو الرحالة الإيطالي "مورونه" سنة /1645/ م, حيث قال عنها: «وصلنا إلى "المعرّة" حيث يوجد فندقان الواحد قديم, وقسم منه غير مستخدم لأنّه مدمّر, والثاني جديد سقفه مغطى بالرصاص»، وفي عام /1649/ م زارها الرحّالة التركي "أوليا جلبي" كتب عنها: «والبلدة في مكان حجر، وفيها /800/ دار مشيّدة بالحجر, فيها /26/ معبداً ذا محراب, وماؤها نبع يكون في شهر تموز بارداً كالثلج» كذلك زارها الرحّالة الإنكليزي "كرين" سنة /1725/ م حيث قال عنها: «"معرّة" أو "معرّة النعمان" كانت إحدى المدن القويّة, ذات الأهمية كما يظهر في نقوش أثرية عديدة»، كذلك الرحّالة الإنكليزي الآخر "بوكوك" زارها سنة /1738/ م وكتب عنها: «أمّا "المعرّة" فبلدة صغيرة, وبسيطة جداً, لا شيء جدير بالذكر باستثناء برج مربع جميل أحجاره منقوشة, ومبني في أحد جوامعها)».

قلعة معرة النعمان

ويختم الباحث "قوصرة" حديثه عن الرحالة الأجانب بالحديث عن الرحالة "ستيزن" الذي «زار "المعرة" سنة

/1805/ م وكتب عنها يقول: «وصلنا إلى قلعة "النعمان", وجدنا جدرانها مخرّبة ومهدّمة, وتقطن فيها بعض العائلات الفقيرة جداً، وبالقرب من القلعة تماماً كانت بلدة "معرة النعمان", يحيط بها سور قديم لازال بابه مغلقاً، عدد سكانها /1500/ نسمة, شوارعها غير منتظمة, وغير مبلّطة)».