ما يستغربه البعض في أكلة "اللحمة بكرز" في حين يجده البعض الآخر عنواناً لنكهة مميزة، ألا وهو الجمع بين اللحم والفاكهة في أكلة واحدة، ولا يعول في الحكم إلا على رأي من تذوقها، فاللحمة بالكرز تعد من أهم المأكولات "الريحاوية" (نسبة إلى منطقة أريحا في ادلب) وأكثرها شهرةً، وتأتي شهرة المنطقة بصناعة هذا الأكلة الفريدة والغريبة في تركيبتها وفوائدها من تفردها بزراعة صنف الكرز الذي تصنع منه وهو الصنف الحامض منه أو ما يطلق عليه أبناء المنطقة اسم "الوشنة".

مدونة وطن eSyria زارت بتاريخ 21/6/2009 أحد المطاعم المتخصصة والمشهورة بصناعة هذا الطبق في منطقة "جبل الأربعين"، والتقت السيد "عمار حصرم" مدير المطعم فقال: «تزرع "الوشنة" في منطقتنا، وهي المنطقة الوحيدة في سورية التي تختص بهذه الزراعة. وهذا ما أدى إلى تخصصنا باللحمة بكرز عن باقي المناطق، كما أن اللمسة الفنية والحرفية العالية في صناعة الأطباق وعصير الكرز تجعلنا مقصداً لكثيرٍ من أبناء المحافظات لتذوق طعمها الفريد الذي لا يُنسى، وتقدّم هذه الوجبة منذ /20/ عاماً وعلى مدار العام، فيخزّن عصير الكرز في البرادات من الصيف ليستخدم أيام الشتاء في تحضيرها».

طعم عصير الكرز حامض قليلاً. وهذا ما يميز نكهة الأكلة حيث يجب أن تشعر بحموضة المذاق وحلاوته أيضاً، وكلما كان الكرز المستخدم للعصير أكثر نضجاً رجحت كفة الطعم الحلو على الطعم الحامض، وهناك من يستعين ببعض السكر في حال كانت الطعمة الحامضة أكثر ظهوراً في الأكلة

وللحديث عن طريقة التحضير التقينا الشيف "محمد مهنا" حيث قال: «تتألف "اللحمة بكرز" من مكونين أساسيين وهما عصير الكرز الحامض (الوشنة) واللحم المشوي (الكباب). أما طريقة تحضير عصير هذه الفاكهة فتمر بعدة مراحل، أولها عصر الكرز وتصفيته من الشوائب ثم إضافة الماء وغليه، ثم يفرز إلى قسمين، العصير الذي يغلى مع اللحم، والعصير الذي يصب فوق الطبق. توضع حبات الكرز المنزوعة البذور مع الماء في قدر وتطهى فوق النار لمدة 10 إلى 12 دقيقة. يخلط اللحم مع الملح (والبعض لا يستخدم الملح)، والبهار، والفلفل الأحمر والأسود والقرفة. تحضر كرات صغيرة بحجم حبات الكرز من خليط اللحم. تبلل اليدان بالماء أثناء تقريص اللحم وذلك لتفادي التصاقه باليدين. تقلى كرات اللحم في الزيت ثم تضاف إلى مزيج الكرز وتطهى معاً إلى أن تتكاثف الصلصة قليلاً. يقطع الخبز العربي إلى مربعات ويرصف في قعر الطبق بشكل اختياري، ثم يسكب فوقه مزيج اللحم والكرز ويقدم الطبق ساخناً، ويزيّن الطبق بالقرفة والفستق الحلبي والبقدونس».

غلي اللحم مع عصير الكرز

ويضيف "مهنا": «طعم عصير الكرز حامض قليلاً. وهذا ما يميز نكهة الأكلة حيث يجب أن تشعر بحموضة المذاق وحلاوته أيضاً، وكلما كان الكرز المستخدم للعصير أكثر نضجاً رجحت كفة الطعم الحلو على الطعم الحامض، وهناك من يستعين ببعض السكر في حال كانت الطعمة الحامضة أكثر ظهوراً في الأكلة».

السيد "عدنان سيفو" أحد محبي هذه الأكلة وهو من مدينة "حلب" قال: «في كل عام نأتي إلى "جبل الأربعين" لنأكل اللحمة بكرز فهي ذات طعمٍ شهي وفوائد متعددة لما يحويه هذا الخليط الغريب من بروتينات وفيتامينات وخاصةً فيتامين "C"، إضافة إلى الموقع الفريد للجبل المطل على الشمال السوري والجبال التركية والمنطقة الغربية من سورية، وعندما يسمع أحد الأصدقاء من محافظات أخرى في سورية أو من أصدقائنا العرب عن هذه الأكلة يستغربون كثيراً، ومرد ذلك إلى الخلطة السحرية التي تجمع اللحمة بالفواكه في أكلة واحدة وهو ليس اعتيادياً في الأكلات عموماً، ونقول لهم عادة: لا تحكموا على هذه الأكلة إلا إذا تذوقتم طعمها الشهي».

عمار حصرم مدير مطعم

الجدير ذكره أن "الوشنة" هو نوع الكرز المخصص للعصير، وتشتهر به محافظة ادلب وبالتحديد منطقة "أريحا"، ويتميز بطعمه المائل إلى الحموضة وهو أصغر ثمار الكرز حجماً وأكثرها صباغاً، ويستخدم عصيره كنوعٍ من المشروبات المنعشة المثلّجة لذيذة المذاق وتصنع منه الحلويات والمشروبات والمربى عدا طبق اللحمة بكرز. ويقوم أهل ادلب عادة بتخزين هذا النوع من الكرز كمونة لهم من أجل تحضير "لحمة بكرز" في غير موسمه.

  • تم تحرير المادة عام 2009.
  • ثمار الكرز الحامض (الوشنة)