يُعرف عن الضباب بأنه سحاب منخفض، ويحدث نتيجة تكاثف بخار الماء قرب سطح الأرض، وهو عبارة عن قطرات مائية مرئية دقيقة عالقة بالهواء، والضباب يتكون بتكثف بخار الماء العالق في الجو عندما تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون درجة الندى أو التشبع، ويحدث الضباب في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي بارتفاع يصل أحياناً إلى 1000م.

وفي العرف الاجتماعي فإن الضباب كان يحمل شكلين هامين مختلفين في أوقاتهما، وبخصوص هذا الموضوع توجه موقع eSyria بالسؤال إلى أستاذ مادة الجغرافية "شريف الرحوم" ليشرح لنا ذلك بقوله: «سابقاً كان يحمل الضباب تنبؤا أو رؤية معينة حسب وقت مجيئه، فهو غالباً ما يجيئ بعد منخفض جوي ويُبشر بقدوم الدفء وارتفاع الحرارة، وذلك حين يأتي الضباب في الصباح الباكر، أما حين يأتي الضباب بعد هبوط الشمس في مغربها، مترسخاً طوال فترة الليل فهذا يعني العكس تماماً، وهو انقلاب الجو إلى برودة وأمطار، وهكذا كانوا يقولون "إن ضبضبت باكر احمل عصاك وسافر وإن ضبضبت عشية دورلك على قرنة دفية"».

تشكل الضباب ليلاً أو نهاراً يكوِن فكرة عن حال الجو القادمة، وكان فيمن سبقنا من أهل القرى عرافون يتنبؤون عن أحوال الطقس من خلال الرياح ونسبة الرطوبة فيها، وحين تتراكم الغيوم من جهة يتوقعون بأنها ستمطر عما قريب، وبالنسبة لأهل "معرة النعمان" فإن المطر قادم حينما تشاهد منطقة "جورة الحيات" وهي في أقصى الغرب ملبدة بالغيوم

وكيف عرف الناس الطقس الذي يختبئ خلف تراكم الضباب، عن ذك السؤال أجاب "الرحوم" قائلاً: «العادة هي التي فرضت ذلك وأملته من خلال التكرار، فعندما ينتشر الضباب في الصباح الباكر فهذا يعني أن الجو سوف يميل للاستقرار والدفء خاصةً أن البلاد تكون خرحت لتوها من طقس ماطر، فتحط الغيوم بفعل ارتفاع درجة الحرارة في الطبقات الجوية المرتفعة مع خيوط النهار الأولى، أما الضباب المُتأخر فيعني تكاثف الأبخرة قرب سطح الأرض لبرودتها، وعلى هذا الأساس قال أهل المثل من الأولين ما قالوه عن ضباب الليل والنهار، وليس الموضوع قاعدة ثابتة بل عبارة عن مقولة تناقلتها الألسن منذ مئات السنين، ويبقى الضباب هو عبارة عن مظهر من التكاثف الذي يأتي في درجته "الدنيا" الندى وهي قطرات من الماء تظهر في الصباح الباكر على أوراق الأشجار والأجسام الصلبة نتيجة لتبردها، ويشترط لذلك صفاء الجو وسكون الهواء، وله دور هام في نمو نباتات، ويكون "التهطال" مظهراً آخر من مظاهر التكاثف ويظهر في هطول المطر أو الرذاذ أو الثلج وأشكال أخرى».

الأستاذ شريف الرحوم

وأضاف "الرحوم" على كلامه قائلاً: «أحياناً يمنع حدوث الضباب هطول المطر أو يكون الضباب نتيجة لارتفاع درجة حرارة الجو فيكون تكاثف الضباب عوضاً عن تكاثف هطول المطر، وأحياناً تتكون الظروف الجوية لهطول الأمطار، ولكن لا يحدث ذلك فلا تصل قطرات المطر إلى الأرض وتتبخر نتيجة ارتفاع درجه حرارة الأرض، ولا تنسى أنه يوجد مدن يكون فيها الضباب دائماً مثل مدينة "لندن" ويشترك في ذلك عوامل مختلفة منها برودة سطح الأرض وتداخل تأثيرات البحر مع تيارت باردة قارية، وأذكر أن هناك أنواعا للضباب مثل ضباب المنحدرات المتكون من صعود الهواء على جوانب المنحدرات والضباب الأفقي المتمثل غالباً في ضباب البخار، وهناك الضباب الإشعاعي الذي يحدث ليلاً نتيجة فقدان الأرض لحرارتها، وأخيراً الضباب الأمامي ويتكون على جبهة فاصلة بين كتلتين من الهواء مختلفتين في درجة حرارتهما».

وأشار الأستاذ "الرحوم" إلى العرافة عن أحوال الجو من خلال الضباب أو ما شابه، حيث قال: «تشكل الضباب ليلاً أو نهاراً يكوِن فكرة عن حال الجو القادمة، وكان فيمن سبقنا من أهل القرى عرافون يتنبؤون عن أحوال الطقس من خلال الرياح ونسبة الرطوبة فيها، وحين تتراكم الغيوم من جهة يتوقعون بأنها ستمطر عما قريب، وبالنسبة لأهل "معرة النعمان" فإن المطر قادم حينما تشاهد منطقة "جورة الحيات" وهي في أقصى الغرب ملبدة بالغيوم».

مثال على ضباب الوديان

ولو أسقطنا هذا الموضوع على الأمر الواقع، حيث تسبب الضباب بانخفاض كبير في مستوى الرؤية بعد انحسار المنخفض الجوي السابق، ما تسبب بجموعة من الحوادث المرورية، عن مشكلة ضعف الرؤية في الضباب حدثنا أستاذ الجغرافية "علي الباشا" قائلاً: «انخفاض الرؤية في الضباب يرجع لعدة أسباب منها الضباب الكثيف وهو "الفوغ" بالإنكليزية والضباب الرقيق وهو "هاز" والضباب الدخاني "سموك" والمزيج من الضباب الدخاني والكثيف وهو "سموغ"، وللضباب الكثيف أنواع مختلفة، أما النوعان الأخيران فيحدثان في المناطق الصناعية حين يختلط الدخان بذرات الماء في الجو وينتج عنهما انخفاض للرؤية بشكل كبير، وذلك ما حدث خلال المنخفض الجوي الأخير حيث انخفض معدل الرؤية في بعض المناطق إلى ثلاثين متراً خاصة في المناطق المستوية والمنخفضات، وغالباً ما يتسبب ذلك بحوادث طرقية ليلاً، وفي حال عدم استخدام الأضواء الخاصة بهذه الحالة الجوية، لكن الرؤية تتحسن بشيء من البطء في حالة تشكل سحبا عالية فوق مناطق الضباب أو سطوع الشمس».

تكاثف الضباب