المناهج التعليمية الجديدة وضعت العديد من التساؤلات مع أنها تعتبر نقلة نوعية في المنهجية المتبعة في مدارس المرحلة الأولى، والمراحل ككل للنهوض بالواقع التعليمي نحو الأفضل، ومواكبة التطور العلمي الحاصل على نطاق أوسع، وتفعيل دور المعلوماتية ضمن المناهج الجديدة، وتنشئة الجيل الجديد على قاعدة علمية سليمة، يعتمد من خلالها على نفسه ويستطيع شق طريق له متوافق مع معطيات الواقع، وما فرضت عليه الظروف، ولكن دخول المنهاج فجأة إلى المدارس فاجأ المعلمين والأهل والتلاميذ، ونتج عنه الكثير من التساؤلات.

موقع eIdleb التقى السيد "يحيى طالب" المدير المساعد لشؤون التعليم الأساسي في مديرية التربية في "إدلب" والذي يقول: «تم تغير المنهاج تغير جذري لبعض الصفوف، وسيتم العمل على تغير المنهاج لكل الصفوف بشكل كامل، عملاً على تجسيد نظرية التطوير والتحديث المتبعة، وخاصة في مجال التربية، وعلى إنشاء جيل متطور ومتعلم بشكل راقي، ومواكبة لمستويات المناهج في الدول المتقدمة، من حيث المادة العلمية والإخراج وطرائق التدريس، وأن تكون مستمدة من الحياة العملية، ومفيدة من الجانب العملي لدى الناشئة والمتعلمين، وأن تحاكي واقع الطفل، لكي تلاقي الأشياء النظرية مع العملية وترسخها في ذاكرة التلاميذ والأطفال، ورفع سوية العمل التربوي وتحسين جودة التعليم، عملاً بنظرية أن الاستثمار في المجال البشري العلمي لا يقل فائدة للوطن عن الاستثمار الاقتصادي».

المنهاج أفضل بكثير من المنهاج السابق، ولكن أضخم بكثير، ويحتاج لوقت أكبر حتى يتم التحكم به وتفعيله بشكل أفضل، وفيه الكثير من الصعوبات، فعدد كبير من التلاميذ لا يستطيع استيعابه بشكل جيد نتيجة لضخامة المعلومات الواردة فيه، كما يعتبر أكبر بكثير من العمر التعليمي لطلاب هذه المرحلة

ويضيف السيد "يحيى": «عمدنا إقامة دورات بالصيف للموجهين التربويين والاختصاصيين ثم لجميع الجهاز الإداري والتدريسي من داخل الملاك وخارجه، تضمن التعريف بالمنهاج وطرائق التدريس المعدلة، واستخدام التكنولوجيا المتاحة " الوسائل الحديثة"، تحت عنوان "دمج التكنولوجيا بالتعليم"، من خلال هذه الدورات استطعنا وضعهم بصورة المنهاج والإجابة على كل الأسئلة المطروحة، وبتوجيه من الوزارة تم تنظيم جدول مناوبات للموجهين التربويين للإجابة عن كل تساؤل يحصل لدى المعلمين».

الموجه التربوي علي كوبية

كما التقينا الموجه التربوي السيد "علي كوبية" الذي يقول: «قبل بداية العام الدراسي أخضعنا المعلمين إلى دورة تعليمية وتدريبية مدتها خمسة أيام، وأتبعتها دورة ثانية شملت المعلمين الوكلاء، حاولنا من خلال هذه الدورات توضيح المنهاج الجديد وآلية العمل التي يجب أن تتبع في تطبيقه، ووضحنا الأهداف الأساسية منه ونحن مستمرين في متابعة الموضوع في المدارس، ونقوم بالعديد من الجولات الميدانية لمتابعة عمل المعلمين داخل الصفوف، وتوجيههم إلى التحضير المناسب والعمل على تفسير إي نقاط غامضة، لدى أي معلم ولا سيما الوكلاء، وتم استيعاب المنهاج في عدد من المدارس بشكل جيد رغم وجود العديد من المعارضات على المنهاج الجديد والتي تعود إلى الجهل به».

ويقول مدير مدرسة "العروبة" السيد "محمد ماهر سالم": «المنهاج بشكل عام وكطريقة علمية حديثة جيد جداً، ويرقى لمستوى المناهج العلمية في الدول المتقدمة، ولكن المشكلة التي تعترض هذا المنهاج هي طريقة التطبيق، إضافة إلى الحاجة الماسة للعديد من الدورات المتتابعة التي يخضع لها المعلمين بشكل مستمر، فالمعلمون وخاصةً القدامى تعودوا على منهاج آخر، وعملية استيعاب هذا المنهاج تحتاج إلى إعادة تأهيل المعلمين بشكل كامل، والمنهاج الجديد ركز بالذات على التعلم الذاتي، وطريقة التوصل إلى البحث والبحث العلمي، في حين أن المنهاج القديم اعتمد على المعلم بشكل كبير، إضافة إلى افتقار المدارس لأدوات المنهاج الجديد، ولا سيما الحواسب والأدوات الأخرى، إضافة إلى أنه لم يأتي بشكل تدريجي ابتداءً من الصف الأول بل شمل عدد من الصفوف والمراحل دفعة واحدة».

محمد سالم مدير مدرسة العروبة

ويقول المعلم "إسماعيل العاصي": «لم يأخذ المنهاج الجديد في حسبانه المعلمين القدامى، فالعديد منهم لا يستطيع التعامل مع الأدوات الحديثة بشكل جيد، وليس لديهم خبرة بالعمل على الحاسوب، الذي يعتبر من أساسيات عمل المنهاج الجديد، هذا ناهيك عن عدم توافر الأدوات وخاصةً بالمدارس الريفية، فهي تفتقر بشكل كبير إلى العديد من الأدوات التي تعتبر أساسية في المنهاج الجديد».

ويقول معلم اللغة الانكليزية السيد "عمار سماق": «المنهاج أفضل بكثير من المنهاج السابق، ولكن أضخم بكثير، ويحتاج لوقت أكبر حتى يتم التحكم به وتفعيله بشكل أفضل، وفيه الكثير من الصعوبات، فعدد كبير من التلاميذ لا يستطيع استيعابه بشكل جيد نتيجة لضخامة المعلومات الواردة فيه، كما يعتبر أكبر بكثير من العمر التعليمي لطلاب هذه المرحلة».

عاطف زريق

كما التقينا المعلم الوكيل "عاطف زريق" والذي يقول: «العمل هو أساس هذا المنهاج سواء من قبل الطالب أو المعلم أو الأهل، فالعملية هنا موزعة بين الجميع، ولكل دوره الأساسي في العملية التعليمية، ولكن لكون المنهاج جديدا فهو يتعارض مع الواقع التدريسي القائم بالمدارس، ويحتاج إلى الوقت الكبير حتى يُطبق بشكل جيد، ويحتاج إلى المثابرة وعدم التواكل، والعمل على الدورات التي يتم تأهيل المعلمين فيها بالدرجة الأولى، حتى يصبحوا في مستوى يرقى للتعامل مع هذا المنهاج، والمنهاج فيه الكثير من الصعوبة، ويبحث عن الطالب الجيد، ويعمل على تحسين واقع التلاميذ بطريقة رائعة، في حال تم استيعابه وتطبيقه كما هو متوقع منه».

وتقول السيدة "فدوى النايف" والدة أحد تلاميذ الصف الثاني: «أنا لم استوعب أي شيء من هذا المنهاج، وكنت دائماً أقوم بتعليم أبنائي في البيت، وأساعدهم بحل الوظائف المطلوبة منهم وشرح الدروس، أما الآن فالأمر مختلف ولم أعرف منذ بداية العام ما هو المطلوب من التلميذ وما هو المطلوب من أهله، وإن أغلب الوظائف والدروس مطلوب في نهايتها من الأهل المتابعة في المنزل وأنا أرى أن هذا المنهاج أكبر بكثير من واقعنا ويحتاج إلى جهد كبير».