شمعة رابعة أضيئت على مدى ثمانية أيام، حملت تراث سورية على راحتيها في مدينة التراث والزيتون، لتودع أحبابها إلى العام القادم بمزيد من الشوق للتعرف على تاريخ الأجداد وتراثهم، فكيف كان مهرجان هذا العام بعد احتلاله مرتبةً بين المهرجانات السورية؟. سؤالٌ أجاب عنه المشاركون وضيوف المهرجان الذين التقاهم موقع eidleb.

والبداية على صعيد الفرق المشاركة والتي حدثنا عنها السيد "عبد المجيد زيدان" مدير فرقة "إيبلا" للفنون الشعبية والحاصل على الدرجة الأولى من لجنة التحكيم فقال: «تميز هذا العام بالحضور الكثيف للفرق فكانت العروض يومية مؤلفة من فرقتين، مع وجود فرق من فلسطين والفرقة التركية التي تخلفت عن الحضور في اللحظات الأخيرة، وحتى على صعيد فرقتنا فقد طرأت أمور جيدة وهي مشاركة العنصر النسائي في الرقص على المسرح وأمام الجمهور، البادرة التي لطالما حلمنا أن تتحقق في المحافظة المحافِظة، إضافةً إلى التحسن الملحوظ على الفرق في انتقاء الأغاني التراثية وضبط حركات الراقصين واعتماد الرقصات المنبثقة من وحي التراث المحلي لكل مدينة، وهو ما يسعى إليه المهرجان».

تبين ذلك من خلال حديث الدكتور "رياض نعسان آغا" في اليوم الافتتاحي حين أكد على دعوة العديد من الفرق من دولٍ مختلفة في العام المقبل حتى يتسنى للمهرجان أن يصبح في مصاف العالمية

وعلى صعيد آخر كان جمهور "إدلب" على موعدٍ مع المهرجان وأصبح المسرح المكشوف مكاناً للوقوف وليس للجلوس لكثرة الحاضرين وهو ما حدثنا به السيد "عبد الرحمن مناع" أحد المتابعين لفعاليات المهرجان فقال: «عندما نأتي إلى هذا المسرح نتذكر عبق الماضي وأيام التراث الأصيل بجمالها وطقوسها الفريدة، العروض الحية حققت جذباً أكثر من الدراما التراثية التي نشاهدها في "باب الحارة" وبيت جدي"، وننقل بذلك صوتنا بأننا محافظة تحوي الخامات والتراث والأصالة ففيها "إيبلا" أقدم مكتبة في التاريخ، ومنها تحرر أول شبر من المحتل الفرنسي، وفي أحشائها مكامن أثرية لا تعدّ ولا تحصى، ونحاول إيصال اللهجة الإدلبية التي لا يعرفها الكثيرون كوننا نقع في أقصى الشمال الغربي من سورية، وما فعلته فرقة "إيبلا" بأداء لوحة الحناء كان تصويراً واضحاً على عمق وأصالة تراثنا، وهو السبب الرئيسي الذي انعكس على الحضور الكثيف رغم وجود أحداث عالمية ككأس العالم».

من عرض فرقة توتول

الجانب التنظيمي كان الجانب الأبرز في المهرجان وعليه توقف النجاح كما قال الأستاذ "سمير الشمعة" أحد المكرمين وعضو لجنة التحكيم: «كان الجانب التنظيمي جيداً إلى درجة جعلت الضيوف يشعرون أنهم في مدينتهم من حيث توفر الإقامة، ووسائط النقل، والالتزام بتوقيت العروض، وعدم وجود الأخطاء وتداخل الأنشطة، وقد خرجنا ببعض التوصيات منها بقاء الفرق المشاركة لمناقشتها بالأعمال المقدمة، وتغيير موعد المحاضرات والأنشطة المرافقة إلى ما بعد الظهيرة، والعديد من التوصيات والجوائز التي من شأنها رفع سورية المهرجان».

وعن السعي لجعله دولياً قال "الشمعة": «تبين ذلك من خلال حديث الدكتور "رياض نعسان آغا" في اليوم الافتتاحي حين أكد على دعوة العديد من الفرق من دولٍ مختلفة في العام المقبل حتى يتسنى للمهرجان أن يصبح في مصاف العالمية».

مروان فنري نائب مدير المهرجان

ومن الناحية الإعلامية لم يحظ المهرجان حتى الوقت الحالي بالتغطية المطلوبة وهو ما جاء على لسان السيد "هيثم شحادة" : «ما زال المهرجان في مرحلة البدايات إعلامياً رغم الحضور الكثيف للقناة الأرضية في المركز الإذاعي والتلفزيوني في "إدلب" وبعض المواقع الإلكترونية، كنا نطمح لحضور التغطية المكثفة من جميع الوسائل الإعلامية السورية التي تظهر الوجه الحضاري لسورية باعتبار أن المهرجان أحد هذه المظاهر».

وعن النظرة المستقبلية لمشاركات الفرق خاصةً التركية منها قال السيد "مروان فنري" نائب مدير المهرجان ومدير المسرح القومي: «هذا ما تطمح إليه الوزارة وتمت المراسلة بيننا والعديد من الفرق من عُمان وقطر وزارنا وفد خليجي للتعرف على ماهية العروض، كما أن الفرق التركية كانت حاضرةً في الدورتين الثانية والثالثة للمهرجان في إطار العلاقات الثقافية وبحكم القرابة والتجاور بين المنطقتين اللتين تحفلان بالتراث العريق ذاته، وما يشير إلى ذلك وجود بعض الكلمات التركية المتداولة في عموم أنحاء المحافظة وكذلك الكلمات العربية التي يتكلمها إخوتنا الأتراك».

سعيدة صيوف مديرة فرقة أنطاكية

وجاء حديث "فنري" مطابقاً لوجهة النظر التركية على لسان السيدة "سعيدة صيوف" مديرة فرقة "أنطاكية أكاديمي فولكلور" التي شاركت في دورتي المهرجان السابقتين فقالت: «نتطلع إلى إحياء التراث الموحد بين البلدين والعلاقات الأخوية التي سادت بيننا، وما نرويه فناً على خشبة المسرح يذكرنا بأصالتنا التي ارتبطت بهذه الأرض الواحدة ونفتخر بأن نشارك في سورية بفرقتنا».

يشار إلى أن عدد الفرق المشاركة في هذا المهرجان وصل إلى خمس عشرة فرقة من مختلف المحافظات السورية، وأقيمت عدة ندوات تراثية تهتم بالرقص والدبكة، إضافةً إلى أنشطة أخرى كمعرض الصور الضوئية عن كنائس العصر الكلاسيكي في "إدلب" و"حلب"، ومعرض لمنشورات الهيئة العامة للكتاب التابعة لوزارة الثقافة، ومعرض الفن التشكيلي بإشراف مديرية الفنون الجميلة، وسينما الهواء الطلق بإشراف المؤسسة العامة للسينما.