من المعروف بأن السياحة لا تقتصر على الآثار والمتاحف، بل هناك أنواع متعددة للسياحة يمكن التوجه إليها وتنميتها، خصوصاً تلك التي تتوافر مقوماتها في سورية ومنها السياحة الزراعية.

وهو مفهوم يطلق على تلك الرحلات والزيارات التي تنظم إلى مناطق زراعية تقليدية، بغرض الاستمتاع ومزاولة الأنشطة الزراعية، وتأمل البيئة بملامحها الطبيعية، للابتعاد عن زحام وضوضاء المدينة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن منتج السياحة الزراعية حقق نجاحاً كبيراً في كل من "اسبانيا" و"ايطاليا"، من خلال استقطاب السياح إلى مواسم الزيتون والحمضيات، والحد من هجرة سكان الريف إلى المدن، حيث باتت المزارع الصغيرة في كل من اسبانيا وإيطاليا تؤمن فرص عمل جيدة جداً لأبناء الريف بعد أن تحولت إلى مناطق جذب للسياح.

أعتقد أن للمكاتب السياحية دور جوهري في تطوير منتج السياحة الزراعية، إذ يمكن للمكتب أن يخصص وقتاً محدداً ضمن البرنامج السياحي، لكي يقوم الوفد السياحي بزيارة مزارع وحقول الزيتون والكرز، وغيرها من المحاصيل الزراعية، ولا سيما في أوقات قطافها، وهي فكرة جملية جداً يمكننا كمكاتب سياحية أن نساهم في تطويرها من خلال التنسيق مع الجهات السياحية المختصة

وفي حديثه لموقع eIdleb يقول السيد "محمد حاجي مشعل" صاحب مكتب "رفيف" للسياحة والسفر في "إدلب"، عن الدور الذي يمكن أن تلعبه مكاتب السياحة والسفر في تطوير السياحة الزراعية وإعداد برامج للسائح الغربي بهذا الخصوص: «أعتقد أن للمكاتب السياحية دور جوهري في تطوير منتج السياحة الزراعية، إذ يمكن للمكتب أن يخصص وقتاً محدداً ضمن البرنامج السياحي، لكي يقوم الوفد السياحي بزيارة مزارع وحقول الزيتون والكرز، وغيرها من المحاصيل الزراعية، ولا سيما في أوقات قطافها، وهي فكرة جملية جداً يمكننا كمكاتب سياحية أن نساهم في تطويرها من خلال التنسيق مع الجهات السياحية المختصة».

محمد ميمون فجر مدير سياحة إدلب

ومن خلال تجربته في العمل كدليل سياحي، يبين الأستاذ "محمد عبد الله" النشاطات التي يهتم السائح بممارستها في مجال السياحة الزراعية بالقول: «هناك مجموعة من النشاطات يمكن للسائح أن يمارسها في نطاق السياحة الزراعية منها، المشاركة في قطاف الزيتون والكرز، والاحتفاظ ببعض الثمرات والأوراق، وهذا أمر ممتع جداً للسائح، وتوفير عبوات صغيرة من زيت الزيتون السوري يأخذها السائح معه كتذكار، توفير عينات صغيرة من الصابون الحلبي (الغار) المصنع من زيت الزيتون كتذكار للسائح أيضاً، كذلك المشاركة في زراعة وحصد المحاصيل الزراعية، ومراقبة الطيور ومعرفة أنواعها، مشاهدة أساليب تربية الحيوان، التثقيف بأنواع المزروعات والنباتات وخصائصها، وإعادة تأهيل المعاصر القديمة في "البارة" و"سرجيلا"، وإنشاء فنادق في أماكن زراعة الزيتون للسياح المهتمين بالسياحة الزراعية، كل ذلك يشكل أنماطاً تجذب السائح لاكتشاف بيئة وثقافة جديدة عليه».

ويضيف: «الأدلاء السياحيون السوريون لهم ثقافة زراعية مميزة، فمنهم أساتذة جامعيون ومنهم أطباء ومهندسون زراعيون، وهذا عامل مساعد للمضي قدماً في هذا الطريق، وإن الزيتون كأحد عناصر جذب السياحة الزراعية، يمكن أن يعمم على زراعات أخرى كالكرز والتين والفستق الحلبي والحمضيات والتفاح والرمان، إضافة إلى المحاصيل الحقلية كالقمح والقطن، ويمكن أن تكون البداية بمهرجانات سياحية خاصة بكل محصول حسب موعد قطافه، على غرار مهرجانات القطن، بحيث يكون هناك مهرجان للزيتون وآخر للكرز وثالث للحمضيات ورابع للقمح، لأن كل ذلك يعتبر بداية صحيحة على طريق تطوير منتج السياحة الزراعية».

أشجار الزيتون تعانق الأثار في إدلب

من جانبه الأستاذ "محمد ميمون فجر" مدير سياحة "إدلب"، تحدّث عن أفق تطوير هذا المنتج السياحي في المحافظة بالقول: «تمتلك محافظة "إدلب" أرضية جيدة جداً لتطوير منتج السياحة الزراعية، حيث الانتشار الكبير لحقول الزيتون والكرز والتين والرمان، والوفود السياحية التي تأتي عن طريق المكاتب السياحية، تنظر بعين الاعتبار لمواسم قطاف الزيتون والكرز، ولتوقيت وصول الطيور إلى سورية، وفي محافظة "إدلب" تتداخل السياحة الثقافية مع السياحة الزراعية، حيث تتعانق الأوابد الأثرية مع أشجار الزيتون والكرز، وتمتاز محافظة "إدلب" بأنها تمتلك الإمكانيات والمغريات لجذب السياح، فإلى جانب الموقع الجغرافي بين المحافظات المهمة سياحياً، هناك القرب الجغرافي من تركيا بوابة أوروبا إلى سورية».

ويتابع مدير السياحة حديثه قائلاً: «وفي سبيل استثمار هذه المقومات عملنا أولاً على تفعيل عمل المكاتب السياحية التي يمكن أن تقدم برامج للسياحة الزراعية مثل مراقبة الطيور وتحركها، ومواعيد المواسم وقطاف الثمار لمختلف الزراعات المتوافرة في المحافظة، بهدف استقطاب السياح من خارج القطر، فكثير من السياح يريدون أن يروا السياحة الزراعية إضافة للسياحة الثقافية والأثرية، ومحافظة "إدلب" تؤمن مثل هذا النوع من السياحة، فالمناطق الأثرية موجودة ضمن المناطق الزراعية، والآثار متداخلة مع الحقول الزراعية والتي تعطي جذباً أكبر للسياحة، ونؤكد أن الانطباعات التي سيحملها السائح الذي سيأتي إلى سورية من خلال ممارسة العمل الزراعي ومشاهدته لكيفية التعامل مع الشجرة ومع الحيوان لن ينساها أبداً».