مع تعدد وسائل الترفيه التي أنتجتها الثورة التكنولوجية، من فضائيات وانترنت و"بلاي ستيشن" وغيرها، عانت لعبة "المنقلة" من التهميش والنسيان وخاصة من قبل فئة الشباب، فالغالبية العظمى منهم لايعرفون عنها إلا القليل، ولكنها ما زالت تحافظ على بعضاً من أهميتها ووجودها بين صفوف كبار السن، فقد كانت في سالف الأيام ملجأهم الوحيد للتسلية، وسبيلهم لتمضية أوقات الفراغ، ولا سيما في مناطق الريف وخصوصاً في سهرات الشتاء الباردة، حيث تحلو لعبة "المنقلة" بجانب المدفأة ومع كوب من الشاي الساخن.

تناولتها حزازير التراث الشعبي حيث تقول إحداها:

كلمة "منقلة" أتت من فعل نقل الحجر، أي حرّكه من مكان إلى آخر، و"المنقلة" لعبة قديمة وذات شعبية وخاصة بيننا نحن كبار السن، ويقال بأن أصولها تركية، هذه اللعبة تحتاج لسرعة بديهة ومهارة في الحساب، وهي عبارة عن لوحين من الخشب، طولهما 75 سم وعرضهما حوالي 20 سم وسماكتهما 5 سم، وتكون مصنوعة من خشب الجوز أو المشمش، وفي كل لوح سبع حفر متتالية، وتوازي حفر اللوح المقابل، يتصلان مع بعضهما بمفصلة خشبية تسمح بطبق اللوحين وبسطهما، أما الحصيات التي يتم اللعب بها فعددها 98 حصية ملساء، في كل حفرة 7 حصيات، وحصة كل لاعب 49 حصية

"أرملة ولها زوجيـن، عميا بأربعطعشر عين، عاقر ما بتجيب ولاد، إلـهـا مـيـة إلا اثـنـيــن".

عبد المنعم زهران

وفي مضافة الحاج "خالد الزهران" في قرية "بابيلا" الواقعة شمال مدينة "معرة النعمان" بثمانية كيلومترات، حضر موقع eIdleb إحدى جولات اللعبة بين جيلين، جيل خبرة الكهول ويمثله الحاج "محمود العكل"، وجيل حماس الشباب ويمثله الشاب "عبد المنعم الزهران"، واللذان تحدثا عن هذه اللعبة وطريقة لعبها، حيث يقول الحاج "محمود العكل":

«كلمة "منقلة" أتت من فعل نقل الحجر، أي حرّكه من مكان إلى آخر، و"المنقلة" لعبة قديمة وذات شعبية وخاصة بيننا نحن كبار السن، ويقال بأن أصولها تركية، هذه اللعبة تحتاج لسرعة بديهة ومهارة في الحساب، وهي عبارة عن لوحين من الخشب، طولهما 75 سم وعرضهما حوالي 20 سم وسماكتهما 5 سم، وتكون مصنوعة من خشب الجوز أو المشمش، وفي كل لوح سبع حفر متتالية، وتوازي حفر اللوح المقابل، يتصلان مع بعضهما بمفصلة خشبية تسمح بطبق اللوحين وبسطهما، أما الحصيات التي يتم اللعب بها فعددها 98 حصية ملساء، في كل حفرة 7 حصيات، وحصة كل لاعب 49 حصية».

محمود العكل

ويذكر الحاج "محمود" بأن لعبة "المنقلة" لم تكن قديماً حكراً على الرجال فقط، بل كانت النساء أيضاً تمارسها، وكان "للمنقلة" شعبيتها بين النساء اللواتي كن يشتركن فيها ويتخذنها أداة للتسلية كالرجال، نظراً لابتعاد هذه اللعبة عن استخدام القوة الجسدية كما في الألعاب القديمة الأخرى».

أما "عبد المنعم زهران" فقد تحدّث عن طريقة اللعب في "المنقلة" بالقول: «تلعب "المنقلة" بلاعبين اثنين، يجلسان على الأرض متقابلين وجهاً لوجه و"المنقلة" بينهما، وتعتمد فيها الأشواط على العد والحساب، والرابح هو من يكسب عدداً أكثر من الحجارة، تبدأ اللعبة بتوزيع الحصيات على الحفر، بحيث يكون سبع حصيات في كل حفرة، ويختار اللاعب واحدة من الحفر التي يجلس قبالتها والتي يبدأ بتوزيع حصاها على حفره وحفر خصمه، ويكون التوزيع من اليمين إلى اليسار، وعند الانتهاء من التوزيع فإذا كانت الحصاة الأخيرة في حفرة عدد حصياتها اثنتان أو أربع فإنه يربح حصيات هذه الحفرة وكل الحفر التي تليها والتي عدد حصياتها اثنتان أو أربع، حتى الوصول إلى حفرة عدد حصياتها مفرد أو زوجي أكثر من أربعة، ثم يبدأ الخصم باللعب بنفس الطريقة وهكذا دواليك حتى تنتهي الحجارة، واللاعب الذي يجمع أكبر عدد من الحصيات يكون هو الفائز، وهنا نذكر بأنه يحق للاعب أن يعد الحصوات الموجودة في حفره دون حفر خصمه، ولا يستطيع أن يوزع حصوة من حفرة فيها حصوة واحدة قبل أن يربح».

المنقلة مع أحجارها

تابعنا جولة المنافسة بين "محمود العكل" و"عبد المنعم زهران" حتى نهايتها، التي كانت سعيدة لعنصر الخبرة، فقد سجل الحاج "محمود" فوزاً صعباً ومستحقاً على "عبد المنعم"، لكن في الجولة التالية استطاع الأخير أن يثأر لهزيمته بفوز ساحق وسريع، وفي كلا الجولتين ظل الرابح هم الحضور الذين تابعوا المنافسة بكثير من المتعة والتشويق.

وفي ظل حالة الاحتضار الذي تعانيه هذه اللعبة في مجتمعنا نتساءل: ماذا لو أخذ الغرب لعبة "المنقلة" وطوروها وأضافوها إلى ألعاب الكمبيوتر، ألن ترى شبابنا وأطفالنا يلهثون خلفها كما هو حالهم مع باقي ألعاب الكمبيوتر الأخرى!!!؟؟