عند بائع الخردوات "عوض خالد الحسن" في قرية "معرشمارين" الواقعة شرقي المعرّة بـ/خمسة كيلومترات/ لاتعنيك البضاعة وحسب، بل يخالط تفكيرك وجود هذا التداخل الغريب بين مقتنيات المكان المحرّضة للحنين إلى زمن نعرفه ولا يخصّنا، حيث تنقلك الموجودات إلى عصر لم يبق من عوالمه سوى غرف النوم هذه، وطاولات الطعام، والكراسي القديمة، والقدور النحاسية، والكثير الكثير من صور فوتوغرافية يعود معظمها إلى بدايات القرن الماضي، وهي لعائلات قال "عوض" أن أصحابها هاجروا إلى الدول الأوربية أو الأمريكية منذ زمن بعيد، فيشعل بكلامه القلب حنيناً إلى هؤلاء.

هؤلاء الذين لم يبق من ذكر لهم سوى هذه الصور، وهذه الأساسات التي يطلق عليها مجازاً بـ (الخردة)، و"عوض الحسن" الذي يعشق هذا العمل كما قال، حتى أنّ عمله لم يعد حرفة يكسب من خلالها لقمة العيش وحسب، بل هواية، ويسعده كثيراً جمع هذه القطع النفيسة، ثمّ يتحدّث عن بداياته بالقول: «منذ عشر سنوات تقريباً بدأت بتجارة الخردة، حيث كنت أذهب إلى مدينة "حلب"، وأشتري البيت بكل ما فيه بعد معاينته وتقدير ثمنه، وأغلب مقتنيات البيوت التي أشتريها هي لأناس هاجروا منذ زمن بعيد إلى الدول الأوربية أو الأمريكية، فيقوم أحفادهم أو من ينوب عنهم ببيعها، وبين هذه المقتنيات أجد أشياء شخصيّة كالصور العائلية التي احتفظت بالمئات منها، إضافة لبعض القطع النحاسية الخاصة، وأحس في كثير من الأحيان بحنين لهذه القطع».

ثمّ يحدد "عوض" تاريخ الصنع لمقتنياته قائلاً: «عندي غرف نوم، وغرف ضيوف، وطاولات سفرة، وبعضها يعود إلى أكثر من مائة وخمسين عاماً».

صحون مرسومة بلوحة شهرزاد

وعن القطع التي يحتفظ بها قال: «أغلب القطع التي رغبت بالاحتفاظ بها من (الطناجر) والقدور النحاسية، إضافة لصحون الزجاج، وأملك صحون عليها صور لـ"شهرزاد" بسعر /10آلاف/ ل.س للمجموعة، وأحتفظ بفناجين يزيد سعرها عن /40ألف/ل.س

وأيضاً أحتفظ بصحن بورسلان مذهّب، رسم على وجهه بخيوط الذهب، وسعره حوالي /3000/ ل.س.

وعن الزبائن الذين يقصدونه أجاب: «لقد أصبحت معروفاً للكثيرين، ويقصدني الزبائن من معظم المحافظات السورية كـ "حمص" و"حماة" و"دمشق"، و"طرطوس" عدا عن أبناء محافظة "إدلب".

أخيراً في محلّ الخردة في قرية "معرشمارين" لا يوجد خردة وحسب بل مذكّرات حقيقية تسمعها وتقرؤها بعينيك، وربما هذا ما يحرّض الكثيرين على اقتنائها.