ثلاثة أدباء من رواد القصة والأدب الساخر اجتمعوا في حضرة "أبي العلاء" حاملين معهم خلاصة أدبٍ إنساني إحياءً لذكرى المعري الذي اشتهر به هذا الأديب في "رسالة الغفران" التي رفعته إلى مصاف الساخرين الإنسانيين العالميين الكبار.

الكاتب الصحفي "حسن م يوسف" والكاتب "خطيب بدلة" والروائي "تاج الدين موسى" وقفوا على منبر المعري فتحدث الكاتب "حسن م يوسف" عن قصته "بحار من أوغاريت" فقال: «تعكف القصة على إنجاز أحد البحارة السوريين في إنقاذه لإحدى سفن الشحن التي يعمل عليها، وتصور القصة في النهاية اعتزازه كونه سورياً إذ يرفض الدخول إلى الأراضي الأميركية لتتم معالجته إثر عملية إنقاذ، والهدف من القصة هو المشاركة في مهرجان "المعري" الذي صور الحالة العميقة هي التي تتحقق بواسطة عدد قليل من المؤشرات لتوليد الأثر الساخر الذي يبتعد عن الابتذال، والعلاقة القائمة بوجود دال ومدلولين يكون الأول مباشراً حرفياً وظاهراً، ويكون الثاني ضمنياً قصدياً، ولا بد والحال كذلك لكي تحقق السخرية الهدف منها على مستوى الكتابة، لا بد من تفاعل العنصرين: الكاتب والمتلقي لأن السخرية تحضر في النص من خلال مؤشرات وقرائن فقط يأتي بعد ذلك دور المتلقي في تشييدها لتصبح محققة».

تتقاطع الأجناس الأدبية المقدمة وأدب المعري في العديد من النقاط، فالنقد الذاتي الذي وجهه "خطيب بدلة" لذاته حضر عند "أبي العلاء" في قصص وأشعار كثيرة، كما أن الكاتب "حسن م يوسف" تعرض إلى قضية السخرية من خلال الحالة التي يعيشها ذلك البحار، فيما أبدع "تاج الدين موسى" في تصوير المواقف والأشخاص وإعطاء المفردات المعبرة لكل حالة

السخرية العميقة البعيدة عن الابتذال حضرت في "اليوم العالمي للمياه" عند "خطيب بدلة" والذي تحدث عنها فقال: «شر البلية ما يضحك، فعندما تكون محط أنظار الآخرين وتصادفك مواقف محرجة تضطرك للمراوغة هنا تكون قمة البلاء، التقاطع في قصة "اليوم العالمي للمياه" وأدب "المعري" كان واضحاً من خلال حادثة وقعت لي سردتها في القصة كما كان المعري الذي عاش بين عامي /973ـ 1058/ ميلادية، الشاعر الفيلسوف متجهم النظرة إلى الحياة والذي تميز بأسلوبه الساخر ذي الدعابة الدكناء التي لم يخلُ منها حتى اسمه الذي قال فيه:

الكاتب حسن م يوسف

"دُعيت أبا العلاء وذاك مينٌ.. ولكن الصحيح أبو النزول"، ويقول أيضاً: "وأحمد سماني كبيري وقلما... فعلتُ سوى ما أستحق به الذمّا"».

ويقول "تاج الدين موسى" بعد روى قصة ابن أخيه "محمد العبد" ذلك الريفي الطيب الذي يعيش في القرية فيقول: «لم استطع أن أبقي تلك القصة مسجونة، ورغم أن القصة لا تشير إلى سخرية المضمون وإنما السخرية الظاهرية من الفتى الريفي وتصرفاته الفطرية حين تعترضه مواقف سيئة وهو في المدينة، استخدمت بعضاً من الجمل المحلية و وبعضاً من مذكراتي كوني نشأت في الريف أصور الحالة المعيشية وبعضاً من الصور الطريفة التي كانت تحضر يومياً ونحن في طور الطفولة».

القاص تاج الدين موسى

والتقى موقع eIdleb الروائي "حسن حميد" عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب فقال: «تتقاطع الأجناس الأدبية المقدمة وأدب المعري في العديد من النقاط، فالنقد الذاتي الذي وجهه "خطيب بدلة" لذاته حضر عند "أبي العلاء" في قصص وأشعار كثيرة، كما أن الكاتب "حسن م يوسف" تعرض إلى قضية السخرية من خلال الحالة التي يعيشها ذلك البحار، فيما أبدع "تاج الدين موسى" في تصوير المواقف والأشخاص وإعطاء المفردات المعبرة لكل حالة».

وحين تأتي السخرية يحضر "المعري" ساخراً من نفسه ليسمو إلى درجة عالية، إذ ليس ما هو أشد من سجونه الثلاثة التي عبر عنها بقوله: "أراني في الثلاثة من سجوني.. فلا تسأل عن النبأ الخبيث... لفقدي ناظري ولزوم بيتي.. وكون النفس في الجسم الخبيث".

الروائي حسن حميد