«نحن الشعراء فضائحيّون، فكيف لمفضوح من الداخل أن يكتم، وهو الذي تعوّد على البوح»، والكلام للشاعر "محمد الشيخ علي" هذا المبدع الذي له ما له وعليه ما عليه. لمبدع فضاؤه الشعر، والحب منتهاه، وبين الشعر والحبّ تجلّى العرفان والتحول في الرؤية، لحياة تشكّل جسرا لعبور يراه بعين العارف. موقع eIdleb التقى الشاعر "محمد الشيخ علي" وكان الحديث الحوار التالي:

  • كيف التقى الله، والشعر في قلب "محمد الشيخ علي"؟
  • أن الإمام جعفر الصادق بينما كان يصلي إذ وقع مغشيّاً عليه، فأنعشوه، وصبوا على وجهه الماء، وعندما صحا قالوا: ماذا ألمّ بك يا إمام؟ فقال: «ما جرى أكبر من أن يصدق فقالوا: كيف لانصدقك وأنت الصادق، فقال: بينما كنت أصلي إذ علقت على لساني آية، فظللت أرددها حتى سمعتها من فم قائلها فوقعت لأنني لم أكن قادرا على الاحتمال

    ** كنت فيما مضى زاهدا في كل شيء بما في ذلك الدنيا والآخرة ، وفجأة رأيت الله فعشقته، فأحببت الآخرة، لأنّها ستأخذني إليه، وأحببت الدنيا لأنّها طريق إلى الآخرة، وأحببت أمي لأنّ رحمها كان طريقي إلى الدنيا. رحمك الله يا أمي، سنلتقي ثانية ما دمت قد عرفت الله، إنّ الله الذي عرفته هو الذي عرّفنا بذاته عبر كلامه حينما قال: «ما قدروا الله حق قدره»، أمّا عن الشعر، وكيف يلتقي بالله فقد قال: "جان كوكتو" «لأنّ الشعر هو أن يا إلهي»، فقد قلت في يوم ما:

    الشاعر محمد الشيخ علي ومراسل eIdleb والقاص تاج الدين الموسى

    نحن الذين حبانا الله أجنحة

    للحب حينا وللتحليق أحيانا

    إن عاش عائشنا فالأرض جنته

    وإن فنينا فدار الخلد مأوانا

    إنّ الجمال دفين في مخابئه

    فمن يزيح نقاب الحسن لولانا؟

  • ما سرّ هذا التحول الذي أراه في شعرك وشخصيتك؟
  • ** المعقوليات الكبرى تبدو لا معقولة للعقل المحدود، وأين للنسبي أن يعانق المطلق؟، ما حدث أكبر من أن يُصدق يقول الشيخ "محي الدين بن عربي" في كتابه "الفتوحات المكيّة" «أن الإمام جعفر الصادق بينما كان يصلي إذ وقع مغشيّاً عليه، فأنعشوه، وصبوا على وجهه الماء، وعندما صحا قالوا: ماذا ألمّ بك يا إمام؟

    فقال: «ما جرى أكبر من أن يصدق فقالوا: كيف لانصدقك وأنت الصادق، فقال: بينما كنت أصلي إذ علقت على لساني آية، فظللت أرددها حتى سمعتها من فم قائلها فوقعت لأنني لم أكن قادرا على الاحتمال».

    هل هذا معقول في عقلنا الجزئي؟ إنه يا أخي عناق الكلي للجزئي. ستجد هذا التحول في آخر صفحة من آخر ديوان لي حتى الآن في قصيدة "شتات الكلام" في المقطع الثامن، وهو بعنوان "عصافير الكلام" أقول فيه:

    ألف ولام ثم ميم، والله يكتبنا على شجر قديم لم يتخذ جسدا ولا ولدا ولكنا على أغصان قدرته نبتنا مثل ريش تختفي فيه عصافير الكلام. نهفو إلى طين نشرق فيه أجساداً إلى حين ونمضي في سلام.

  • بعد هذا القلق المضني المبدع الذي يكابده في مسيرته الحياتية هل نعتبر أنّ "محمد الشيخ علي" تصالح مع ذاته أولاً ومع روحه ثانياً؟
  • ** جداً، فكثيراً ما كنت أشعر بأنّي أسيء إلى ما حباني الله به حتى عرفته، وكان الجواب يأتيني «أليس هو الذي يعلّم السر وأخفى؟.

    فقلت: «لك المعنى وأنت لديّ ذات

    و لي صوت وأنت له لهاة

    وأنت القوس والرامي وسهمي

    وتصويبي ونصلي والجهات

    ولي نفس يخيب الظن فيها

    ويصدق حيث يحتار القضاة

  • هل خسرناك كشاعر وربحناك كعارف؟
  • ** نحن الشعراء فضائحيون فكيف لمفضوح من الداخل أن يتكتم؟. وهو الذي تعوّد على البوح إنني أشعر كأنني إناء من زجاج لا يستطيع أن يخبئ ما بداخله فليعذرني من يرى من عورتي ما لا يليق.

  • بعد هذا التحول ماذا تُبقي من شعرك وماذا تحذف؟
  • ** تأكد أنني لن أحذف شيئا مما نشرت على الأقل، فقد يجري التعديل على مالم يطله النشر، وربما استغنيت عن كثير منه ولكنني واثق من أنّ ما نشرته هو أنا، فهل أقبل بأن أكون أو أظهر مبتور الساعد مثلا؟

    إنه شعري، ولعلّه ما يتبقى من بعد المغادرة حتى ولو كان فيه بعض التجاوزات. أخيرا أقول لقد استطعتَ أن تنتزع مني ما كنت أنوي أن أتركه لي وحدي، ولأنني عندما أكون وحدي مع من أحب، أشعر أنني وحدي المتعدد، فأنا أطلعتك يا وحدي.

    من الجدير بالذكر أنّ الشاعر "محمد الشيخ علي" من مواليد قرية "كنصفرة" 1949 يحمل إجازة في اللغة العربية، ويعمل حالياً رئيساً للمركز الثقافي العربي في قريته الواقعة غربي "معرة النعمان" بعشرين كيلو متراً تقريباً.