استطاع أن يجمع بين المتناقضات من خلال إيمانه بأن الإبداع لا يقف في طريقه أي عائق إذا ما قُرن العمل بالجد والنشاط والمثابرة لتحقيق الهدف، حيث جعل من مهنة الطب سبيلاً للإبداع الأدبي والفني في وقت واحد، فسخّر دراسته للطب في سبيل أن تكون ميدانناً للإبداع في مجال الرسم، كما أن شعوره القومي فجر في داخله ينابيع الغيرة على أمته فصاغها شعراً صوَّر من خلاله عشقه لهذا الوطن.

الطبيب الشاعر "طاهر سماق" الذي التقاه موقع eIdleb ليحدثنا عن قصته مع الإبداع الأدبي والفني التي رافقت مسيرته العلمية في دراسته للطب، والذي بدأ حديثه قائلاً: «لكي تكون مبدعاً يجب أن تمتلك روحاً مملوءة بالحيوية والنشاط وقدرةً كبيرةً على إدارة الوقت وتنظيمه مما يجعلك منهمكاً في عملك ومخصصاً لكل جزء من حياتك ما يستحق دون أن تخلط بين جزئيات الحياة فتجد الإبداع يأتي من كل هذا مجتمعاً، فقد حاولت أن أجمع بين أشياء متعددة في الحياة العملية والهوايات التي أوليتها اهتماماً لا يقل عن اهتمامي في مجال عملي في مهنة الطب، فكتب الشعر في فترة مبكرة حيث رافقه إبداع من نوع آخر، فحاولت أن أُعبر عن مشاعري بطريقة أخرى وهي الريشة الفنية التي لا يقل فيها مساحة الشعور عن القصيدة التي تعتبر لوحة فنية من نوع أخر»

لكي تكون مبدعاً يجب أن تمتلك روحاً مملوءة بالحيوية والنشاط وقدرةً كبيرةً على إدارة الوقت وتنظيمه مما يجعلك منهمكاً في عملك ومخصصاً لكل جزء من حياتك ما يستحق دون أن تخلط بين جزئيات الحياة فتجد الإبداع يأتي من كل هذا مجتمعاً، فقد حاولت أن أجمع بين أشياء متعددة في الحياة العملية والهوايات التي أوليتها اهتماماً لا يقل عن اهتمامي في مجال عملي في مهنة الطب، فكتب الشعر في فترة مبكرة حيث رافقه إبداع من نوع آخر، فحاولت أن أُعبر عن مشاعري بطريقة أخرى وهي الريشة الفنية التي لا يقل فيها مساحة الشعور عن القصيدة التي تعتبر لوحة فنية من نوع أخر

*كيف ظهرت عندك هذه المواهب وما هو السبيل الذي اتبعته لتنميتها؟

د. طاهر سماق

** في فترة الدراسة الإعدادية والثانوية كنت مميزاً بين أقراني من الطلاب ويعود ذلك لسببين أولهما تفوقي الدراسي، والسبب الثاني أن والدي كان مدرساً وبحكم صداقته مع المدرسين كانوا يهتمون بي، فإلى جانب تفوقي الدراسي كنت أميل للاهتمام بالمواد الترفيهية مثل الرسم واللغة العربية، حيث كنت محط أنظار مدرسي هذه المواد لما أظهرته من تفوق فيها إلى جانب التفوق في المواد الأخرى. فبدأت بكتابة الشعر في فترة مبكرة في منافسة مع عمي "أسعد سماق" الذي كان يكتب الشعر والذي يحمل الطابع الثوري فأصبحت أملك دفتراً يحتوي على عدد كبير من القصائد الشعرية لكنني فقدته، وبعد أن تخرجت من الثانوية ودخلت كلية الطب كنت أشعر أن مكاني ليس هذا المكان لكنني أكملت دراستي حتى تخرجت من كلية الطب عام /1987/ وفي هذه الفترة كتبت مجموعة من القصائد الشعرية والقصص القصيرة، وسافرت بعدها إلى اليمن فصقلت الغربة موهبتي الشعرية وتواصلت مع مجموعة من الشعراء والأدباء عبر المواقع الأدبية على الإنترنت وبدأت أنشر كتابتي الشعرية في هذه المواقع.

  • ما أهم الاتجاهات التي كانت تحملها كتاباتك الشعرية؟
  • غلاف ديوان الطبيب الشاعر طاهر

    ** هناك العديد من الاتجاهات التي كنت أكتب بها ولكن أهم هذه الاتجاهات كانت من خلال محطات مهمة في حياة الأمة العربية مثل انتصارات تموز التي حققتها المقاومة عام /2006/ فكتبت في هذه الانتصارات مجموعة من القصائد وجمعتها في ديوان في طريقه إلى النشر ويحمل عنوان "ألف سلام"، والمحطة الثانية العدوان الإسرائيلي على غزة وانتصار المقاومة الذي كتبت فيه مجموعة شعرية أيضاٍ في طريقها إلى النشر وتحمل عنوان "سوف أعود"، إضافة إلى اتجاهات أخرى من الشعر الوجداني والغزلي ومن القصائد التي كتبتها في عدوان غزة قصيدة بعنوان "يأهل غزة" تقول:

    /أصبحتُ أخجلُ من كلامي/

    /بتُ أخجلُ من شعاراتي وزيّفي وانهزامي/

    من لوحات الدكتور طاهر

    /يأهلَ غزةَ يا أباة تَحملوا دفع الضريبة وحدكم/

    /فـ"قلوبنا معكم".. ولن تكفي قلوب خاليات من حياة/

    /ياويلتي من خزي جند بالألوف.. كأنما هم ألف شاة/

    /لم ننتصر لدم أريق وللشبابِ تقطعت أشلاؤهم ملء الفلاة/

  • ماذا عن أهم مشاركاتك الأدبية؟
  • ** كانت مشاركاتي الأدبية تقتصر على الأماسي الشعرية التي نقيمها في المراكز الثقافية في محافظة "إدلب" وفي جامعة "حلب" و"دمشق"، وحصلت على تكريم من نقابة الأطباء عام /1994/ عندما كنت عضواً في فرع هيئة المخابر في "إدلب".

  • من خلال عملك في مجال الطب هل حاولت أن تكتب في هذا المجال؟
  • ** بعد أن حصلت على الماجستير اختصاص "أحياء دقيقة" عام /1994/ بدأت أعطي محاضرات في كلية الطب في جامعة "حلب" لطلاب السنة الثالثة قسم "الأحياء الدقيقة"، فكتبت كُتيّباً عن التدخين بعنوان "الإقلاع عن التدخين بعيداً عن القسرية" صدر عام /2006/ تضمن مجموعة من الفصول تبين مضار التدخين وطرق الإقلاع عنه صغتها بطريقة أدبية بعيدة عن الصيغ العلمية التي تدفع القارئ للملل، إضافةً إلى بعض الرسومات التوضيحية التي نفذتها في هذا الكُتيّب.

  • تحدثت عن موهبة فنية في بداية حديثك، كيف تجسدت هذه الموهبة، وهل مازلت تسعى إلى تطويرها وتنميتها؟
  • ** كما ذكرت لك سابقاً أنني كنت أثناء دراستي في المراحل الأولى يستهويني الرسم والألوان وكان أستاذ الرسم يشجعني على تنمية هذه الموهبة، كما أن والدي كان يرسم بالألوان الزيتية فكنت أجلس معه وأنظر إلى عملية خلط الألوان وكيف يتمّ مسك الريشة فبدأت أرسم وبعد أن تخرجت من الثانوية رسمت أربع لوحات زيتية من القياس الكبير، وفي عام /2008/ اقترح صديقي "خالد اليوسف" أن أعيد دراسة الثانوية للدخول في "كلية الفنون الجميلة" فنجحت في الامتحان وانتسبت إلى "كلية الفنون الجميلة" في "جامعة حلب" فاستطعت أن اجتاز الاختبار الأولي للقبول فيها، وكان هدفي من دراسة هذا الاختصاص صقل موهبتي القديمة وفق أسس منهجية وعلمية وأنا حالياً في السنة الثانية.

  • ما الذي أضاف الجانب العلمي والمهني لموهبتك الفنية؟
  • ** أضاف الجانب العلمي لموهبتي أسساً منهجيةًُ تسير عليها هذه الموهبة، فجميع ما درسته في السنة الأولى لم أجد فيه شيء جديد لكن بعد أن انتقلت إلى السنة الثانية بدأ التخصص وشعرت أن هناك جوانب علمية، فالموهبة وحدها لا تكفي لأن تكون فناناً، فلابد من الجانب العلمي الممنهج لاجتياز هذه المرحلة. وسوف أختص رسم وتصوير لأنني أعتبر أن الرسم والتصوير أبو الفنون.

  • ما هي العلاقة بن "الفن" و"الأدب" و"الطب" برأيك؟
  • ** أنا أرى أن القصيدة واللوحة وجهان لعملة واحدة، واللوحة هي الوجه الآخر للقصيدة وهي تعبير عن مشاعر من نوع أخر يستطيع من يمتلك هذه المشاعر أن يسكبها في قالب فني أو أدبي فهي تؤدي نفس الغرض والوظيفة، فأنا أخطط لعمل لوحات تحمل عمقاً فلسفياً كما أنني أفكر أن أعبر عن كل قصيدة كتبتها بلوحة تمثلها. أما الطب صحيح أنه يعتمد على المنهج العلمي لكنني أستطيع أن أتناوله بطريقة مختلفة عن غيري من الأطباء فأثناء دراستي كنت ألون سطور الكتاب بألوان متعددة حتى أضفي عليها نوع من الإحساس الفني وأكسر رماديتها بهذه الألوان.

    يشار إلى أن الطبيب "طاهر سماق" من مواليد "سراقب" عام /1962/ حاصل على إجازة من كلية الطب في "جامعة حلب"، وشهادة ماجستير في "الأحياء الدقيقة" من كلية الطب "جامعة حلب"، وهو طالب في السنة الثانية في كلية "الفنون الجميلة والتطبيقية" في "جامعة حلب" ويعمل في مختبر للتحاليل الطبية في بلدته "سراقب".