الانتصار للغة العربية والغوص في الأدب القديم بكل ما فيه من كنوز ودرر وعناوين ومؤلفات هي الرسالة التي حرص على أدائها الدكتور "فاروق اسليم" منذ اللحظة التي قرر فيها ولوج بحر اللغة كطالب في قسم اللغة العربية بجامعة "حلب"، رسالة يواظب على حملها بكل وفاء والتزام مما جعل اللغة العربية جزء من شخصيته على مدى تلك السنوات التي قدم فيها الكثير من الدراسات في الأدب القديم وتحقيق التراث العربي والقراءات الفكرية والأدبية المعاصرة.

والدكتور "فاروق اسليم" من مواليد مدينة "إدلب" /1953/. حاصل على دكتوراه في الدراسات الأدبية من جامعة "حلب" عام /1995/ وحالياً أستاذ الأدب الجاهلي فيها، وسبق له أن درّس في قسم اللغة العربية بجامعة "الإمارات" كما له مشاركات في الكثير من الندوات والمؤتمرات العلمية في سورية وفي دولة الإمارات العربية.

قضية اللغة الفصحى والعامية ليست خاصة بالعرب وحدهم فوجود مستويين من اللغة المحكية والفصيحة لا يشكل خطراً كبيراً على هوية الأمة لأن اللغة المحكية الأصيلة غير المتأثرة باللغات الأجنبية هي من مستويات اللغة الفصيحة ومتولدة عنها ومن جذورها القديمة في كل منطقة، والدليل على هذه العلاقة أن الناس الذين يتكلمون العامية غير المهجنة بالأجنبية يفهمون الفصيحة بسهولة ويسر

وخلال هذه المسيرة قدم /11/ كتاباً منشوراً في مجال الدراسات الأدبية منها (الانتماء في الشعر الجاهلي) و(شعر قريش في الجاهلية وصدر الإسلام) و(دراسات في الشعر الجاهلي)، وله في تحقيق التراث العربي عدة كتب منها: (الفروسية والمناصب الحربية) لـ "نجم الدين الرماح" و(معجم الشعراء) لـ "المزرباني" و(اختراع الخراع) لـ "الصفدي"، إضافة إلى كتاب قيد النشر بعنوان (جامع الفنون وسلوة المحزون) لـ "ابن شبيب الحراني" بالاشتراك مع الدكتورة "فاطمة البريكي" من جامعة "الإمارات" وكذلك عشرات الدراسات الفكرية والأدبية والمقالات الصحفية.

وعن علاقته باللغة العربية ورؤيته لواقعها الحالي تحدث الدكتور "فاروق" لموقعeIdleb حيث قال: «علاقتي مع اللغة العربية قديمة ومستمرة لأنه إضافة إلى عملي واشتغالي في التعليم والبحث العلمي في قسم اللغة العربية بجامعة "حلب" أجد نفسي مكونة ثقافياً وسلوكياً من اللغة التي أعرف دقائقها وأستمتع بها ولكن للأسف فإن اللغة العربية كانت ولا زالت مستهدفة ولكنها استطاعت خلال القرن العشرين تحقيق انتصارات كبيرة مع انتشار التعليم في الوطن العربي وكذلك على المستوى الثقافي، إلا أنها لم تحقق إلا قليلاً من الحضور في المؤسسات البحثية والعلمية حيث يكاد أن ينحصر التزام المؤسسات العلمية المختلفة بالتعريب بالمؤسسات البحثية في سورية، ولعل من المهم الإشارة إلى أن المناطق العربية الأكثر اضطراباً هي المناطق الأقل تعريباً مما يدل عملياً على ارتباط اللغة بالهوية والانتماء والولاء للأمة.

ومنذ التسعينيات بدأت اللغة العربية تعاني من هجمة واسعة وهي قديمة بتوجهاتها التفتيتية وجديدة بأدواتها الإعلامية العولمية التي تركز على إيقاظ الهويات التفتيتية الكامنة، إضافة إلى خطر آخر لم يكن من قبل وهو مزاحمة اللغات الأجنبية للغة المحكية من خلال دخول مفردات وأساليب أجنبية جعلت المسافة تبعد بين اللغة المحكية واللغة الفصحى».

وحول اللغة الفصحى والعامية يقول: «قضية اللغة الفصحى والعامية ليست خاصة بالعرب وحدهم فوجود مستويين من اللغة المحكية والفصيحة لا يشكل خطراً كبيراً على هوية الأمة لأن اللغة المحكية الأصيلة غير المتأثرة باللغات الأجنبية هي من مستويات اللغة الفصيحة ومتولدة عنها ومن جذورها القديمة في كل منطقة، والدليل على هذه العلاقة أن الناس الذين يتكلمون العامية غير المهجنة بالأجنبية يفهمون الفصيحة بسهولة ويسر».

أما بالنسبة إلى كيفية النهوض بواقع اللغة لتأخذ مكانتها وتعود إلى سابق قوتها فيقول: «إن مسؤولية النهوض بواقع اللغة العربية مسؤولية تقع على عاتق جميع المؤسسات والوزارات والأحزاب والجمعيات في الوطن العربي ولكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المعنيين بالتربية أولاً و بالتعليم العالي ثانياً ومن ثم الثقافة والإعلام وأن تكون سورية قدوة لكل الأقطار العربية بالنسبة إلى الانتصار للعربية وحركة التعريب حيث أنه لسورية دور ريادي في هذا المجال وما صدور مرسوم إحداث لجنة تمكين اللغة العربية إلا تعبيراً عن تطلعات الشعب العربي في سورية وريادته وقيادته للعرب في هذا المجال حيث تضمنت خطة عمل اللجنة التوجهات الخاصة بكل وزارة ومؤسسة واتحاد و نقابة ومنها القيام بمحاضرات وندوات توعية ودورات تدريبية للعاملين في كافة الدوائر وتغيير أسماء المحال إلى أسماء عربية وإحداث مسابقة للأطفال والشباب.

كما أننا بدأنا خلال الفترة القليلة الماضية نشهد توجهاً عربياً واضحاً نحو تمكين اللغة العربية وتوجه عدد من الباحثين نحو الدراسة والتأليف في هذا المجال فظهرت مجموعة كتب ودراسات عديدة إضافة إلى محاضرات ودراسات وندوات شملت الوطن من أقصاه إلى أقصاه مما سيسهم في صنع وعي لغوي ينتصر للغة العربية الفصيحة وللهوية العربية ولثقة الإنسان العربي بنفسه وبتاريخه وبأمته ومستقبله».