بدأ حديثه ليحكي عن المعنى الكبير لكل الذكريات التي مضت: «الشعر هو انفعال ذاتي للنفس الإنسانية، وهذا الانفعال هو الذي يجمع بين لغة القلب والأحاسيس العميقة والخيال، وتختلج هذه المشاعر في لحظة واحدة لتنسكب بشكل صورة شعرية ذات رونق خاص».

الشاعر والأديب "عبد القادر حمصي" ضيف موقع eLatakia الذي التقاه في مكتبة دار الأسد في "اللاذقية" قال عن علاقته بالكتاب وبداياته في تجربة الشعر الكتابية: «بدأتُ الكتابة متأثراً بوالدي الذي كان يلقي على مسمعي بعض من معلقات عنترة التي كان يحفظها عن ظهر قلب، وأول ما لامست يدي القلم كان في أوائل المرحلة الثانوية، حيث نظمت خلال هذه الفترة بعض قصائد من الشعر القديم، ثم اتجهتُ بعد مرحلة وجيزة نحو كتابة الشعر الحديث، وكان لمشاركاتي في الأمسيات التي كانت تقام في المراكز الثقافية آنذاك حافزاً إيجابياً لاستمرارية كتابتي، كما ترك رأي الشاعر المرحوم "حنا طباع " مدير المركز الثقافي في "بانياس" آنذاك أثراً كبيراً بداخلي حين قرأ قصائدي وعبر عن إعجابه بها، ولم تكن هذه الكتابة إلا نتاج اهتماماتي المتزايدة في مجال الأدب، وولعي بمطالعة وقراءة الكتب الأدبية والمنوعة، فتقدم الإنسان وتأخره عن مجتمعه والمجتمعات الأخرى مرتبط تماماً بقراءة الكتاب واعتراف الإنسان به وبمحتواه الإنساني، لأن الإنسان حينما يقرأ الماضي يكون قادراً على تفهم الحاضر بكل أشكاله والتخطيط للمستقبل القادم»

لا والقريض ونوح الساجعات لقد عداه ذوق فداس الشعر والأدبا الشعر أرفع من أن يبتغي رتباً له السمُو ورتب دونه الرًتبا

*كيف تعرف لنا الشعر؟..وكيف تراه وسيلة للوصول إلى النفس ؟

الشاعر عبد القادر الحمصي

**«دائماً وفي كثير من الأحيان تأتي الكتابة لتعبر عن معاناة الإنسان، وعما يختلج بداخله من مشاعر الحب والحزن والفرح والألم، ومن هذه المشاعر ينسج الشاعر قصيدته، فالشعر هو مشابه لعملية حمل المرأة وما تعانيه من ألم الولادة، فالشاعر يحمل أيضاً من الألم حتى تولد القصيدة، ووقتها يشعر بالراحة، لأن الكتابة هي وجود وهوية الشاعر وإذا فقد الشاعر هويته فهو غير موجود في حضرة الشعر ».

كما يضيف " الحمصي" في بيتيه معرفاً الشعر فيقول:

الشاعر في مكتبة المطالعة

« لا والقريض ونوح الساجعات لقد

عداه ذوق فداس الشعر والأدبا

الشعر أرفع من أن يبتغي رتباً

له السمُو ورتب دونه الرًتبا ».

*هل قمت بتوثيق أو نشر ما كتبته خلال تجربتك الشعرية والتي عمرها أكثر من أربعين عاماً؟

**نعم أقوم بتوثيق كل ما كتبته وكل ما اكتبه في ديوان شخصي فهناك الكثير من الأصدقاء يقرؤون قصائدي ويسمعونها عندما القيها في المناسبات والاحتفالات، أما بالنسبة للنشر فلا أفكر بالنشر على الإطلاق لأن الشعر أفكار ومشاعر تخص الشاعر فهي حصاد عمره من التعب ولأني أؤمن تماماً بأن ليس هناك من شيء يخلد الشاعر أو يمنحه الأوسمة إلا صدق مشاعره وإخلاصه لتجربته وللناس الذين يكتب عنهم ولهم، فالشاعر يموت لكي تحل قصائده محله لأنها وحدها التي لا تموت فالقصيدة هي كل ما يملكه الشاعر ومن أجل هذا لابد أن تصل إلى كل الناس .

*هل تراقب تجارب الشباب في الكتابة والإلقاء، وكيف ترى مستواها؟

** نعم وأجد فيها فسحة كبيرة لأن استفيد من المميز منها، فالكتابة واللغة والأسلوب هي الإنسان .

واستطرد " الحمصي" في حديثه:« الإنسان يكون أكثر عرضة للضياع حين يريد أن يوجد نفسه وهذا الضياع قد يولد تساؤلات تكون هي عمق الحياة، وأكثر ما يخيفني في المجتمع هو الترف الذي قد يكون وراءه خواء لأن الإنسان يستطيع أن يأتي بالأفضل دائماً. والإنسان الحقيقي هو الذي يبني نفسه بنفسه وأن يستغل طاقاته وإمكانياته ويوجهها في الاتجاه الصحيح، و أن لا يعتمد على الآخرين كي لا يكون مهزوماً ».

وختم ضيف موقعنا الشاعر " الحمصي" حواره بباقة من أبيات الغزل معرفاً فيها الحب فقال:

« عتبى عليً نزف الشوق محترقا

هذي العيون التي أتعبتها أرقا

قولي: أُحِبكً وارتاحي بلا قلقٍ

قلبي سيحمل عنك الهمً والقلقا

ما أهون الهمً عنك حين أحمله

فالوجد يعذب للصبً الذي عشقا

ثوري عليً إذا ألقيت متئداً

منًي ولا تخجلي أن تشهري النًزقا

فالحبً كالعطر لا ندري مزيته

إلا إذا ما نثرناه ومحترقا».

وتجدر الإشارة إلى أن الشاعر " عبد القادر حمصي" من مواليد قرية "آرمناز" في محافظة " إدلب "، إلا أنه بعد أن انتقل أهله إلى مدينة "اللاذقية" التحق بمدارسها لمتابعة دراسته عام 1958م، ثم تخرج من جامعة "تشرين" في "كلية الآداب والعلوم الإنسانية " قسم " اللغة العربية " وعمل مدة طويلة في سلك التدريس ثم تقاعد، وهو يقضي معظم أوقاته بين آلاف العناوين من الكتب وبين أكداسٍ من الأوراق البيضاء.