لم تكد كرة "برشلونة" التي سددها النجم الإسباني "كسافي" تدخل مرمى "كاسياس" حارس "ريال مدريد" حتى انبرى حوالي 100 شاب مبتهجاً في أحد المقاصف الصغيرة داخل مدينة "المعرة" ليعلنوا تشجيعهم وحبهم لما أطلقوا عليه "البرشا" أو النادي الكتالوني، وذلك في المباراة التي جرت الليلة الفائتة بين قطبي الكرة الأوروبية الكبار "ريال مدريد" و"برشلونة"، وللمشهد الحماسي المذكور صيغ تفسير عديدة، حيث يُعلن الوصول إلى أوج الحماسة في أوساط الشباب من أجل تشجيع الفرق العالمية الكبيرة.

موقع eSyria حضر وسط الكثافة الكبيرة في عدد من الأماكن التي تعرض مباراة "الليغا" الإسبانية، وكان الهدف رصد آراء ومواقف الشباب تجاه الأندية العالمية، حيث همس أحدهم وهو الشاب "زاهر المنديل" خلال المباراة قائلاً: «صدق أن معظم زملائي سابقاً كانوا يُشجعون "ريال مدريد" لكن انتصارات "برشلونة" جعلتهم يريحون عاتقهم من هم الخسارات المتتالية التي يُمنى بها الفريق الملكي الأبيض، لأن ذلك يُعرضهم لانتقادات وسخرية ممن يُناهض هذا الفريق، فيُضطرون في النهاية لتشجيع النادي الذي أجمع الجميع على قدرته وقوته».

صدق أن معظم زملائي سابقاً كانوا يُشجعون "ريال مدريد" لكن انتصارات "برشلونة" جعلتهم يريحون عاتقهم من هم الخسارات المتتالية التي يُمنى بها الفريق الملكي الأبيض، لأن ذلك يُعرضهم لانتقادات وسخرية ممن يُناهض هذا الفريق، فيُضطرون في النهاية لتشجيع النادي الذي أجمع الجميع على قدرته وقوته

يُمكن أن نستلخص من الشاب "زاهر" نتيجة وهي تركيز بعض الشباب ومعظمهم بين أعمار 15 سنة و25 على الأندية العالمية المشهورة مثل "برشلونة" في الدرجة الأولى و"ريال مدريد" في الدرجة الثانية وأندية أخرى مثل "إسي ميلان" و"الأنتر ميلان" الإيطاليان و"مانشستر يونايتد" و"الأرسنال" الإنكليزيان، بالإضافة إلى أندية أوروبية أخرى في ألمانيا وهولندا وفرنسا وتركيا، حيث تجتاح منذ سنوات عديدة عقول وقلوب الشباب حمى عشق الملاعب العالمية، والدليل سيشهده القاصي والداني حين يلاحظ تدفق الشباب الكبير إلى الصالات والمقاصف التي تعرض مباريات الدوري الأوروبية في موسمها الشتوي، ولا يقتصر ذلك الاهتمام على الشباب أنفسهم بل يتجاوز ذلك أيضاً إلى الأطفال تحت سن اثنتي عشرة سنة.

الشباب مشدوهون للمباراة

التقينا مع لاعب نادي "النعمان" في "المعرة" الشاب "محمود اليوسفي"، ولكونه لاعبا تحدث عن الفروق بين الأندية المحلية والأندية العالمية، حيث قال: «اعتدنا منذ زمن وبحكم عرض مباريات الدوري الأوروبي على القنوات المشفرة التوجه مع رفاقنا إلى صالات العرض بعد فترات التدريب التي نقضيها في النادي، وكنا نتعلم خلال ذلك اللعب النظيف والمهارات الفردية والجماعية، وأعتقد أن المقارنة ضرب من الخيال فالجماهيرية متفاوتة، حيث يُفضل أغلب الشباب رؤية مباراة من الدوري العالمي على الذهاب إلى ملعب محلي مثلاً ودفع أجرة تذكرة».

وفي وصفه لحماسة الشباب أضاف "اليوسفي": «ومع الأيام تزداد حماسة الرفاق جميعهم لتشجيع هذه الأندية لأن مشاهدة المباريات تمتد إلى الناس كافة، ويسعد الجميع في رؤية جماعية فيتحول الجو إلى جو الملعب نفسه تقريباً، فذاك يُشجع نادياً وزميله يُشجع نادياً آخر، ويحمل البعض معه شعارات الأندية التي يُشجعها ويلبسون قمصانهم أو يُلوحون بها، وتصل الحماسة في نهاية المباراة إلى حد خروج في مواكب تشجيعية تهتف باسم الفريق الفائز وتعرض صور لاعبيه وأعلامه، وأحياناً يقوم الطرف الخاسر بحرق شعار النادي المنتصر خفيةً وتحت ستار الظلام خوفاً من تعرضه لأي مشاجرة إزاء ذلك».

اللاعب محمود اليوسفي

للأمر وجوه عديدة وآراء تحمل نظرة تفاؤلية وأخرى تشاؤمية عن هذا الموضوع، فالسيد "فتحي أبو حجر" وهو رئيس رابطة مشجعي "النعمان" قال: «يوجد أسباب عديدة لتنامي ظاهرة التعلق بمباريات الدوري العالمي من أهمها سوء واقع الفرق المحلية وما تواجهه مع لاعبيها من سوء إدارة وعدم اكتراث، ويبقى أن نحترم ما يحترمه الشباب لأنهم يصنعون وجهات نظرهم الرياضية بأيديهم، وبالتالي فهم يتوجهون لمشاهدة المباريات التي تملأ رؤوسهم وترضي أذواقهم وميولهم، وهم أحرار في ذلك، لكن لا بد من إسقاط هذه النظرة على الملاعب المحلية وتوجيه طاقتهم الرياضية في سبيلها».

وجهة نظر أخرى قدمها الأستاذ "منذر الكامل" وهو موجه في الإرشاد النفسي التربوي، حيث قال: «من غير المعقول نقل المنافسة بين الفرق والأندية الأجنبية إلى بيئتنا ومجتمعنا، فنحن ينقصنا الكثير حتى نقلد أبطالهم، والمشكلة أن الأمر يصل إلى غاية خطورته حين يتشاجر الشباب ويتقاتلون لنصر لاعبيهم المفضلين والسخرية على من يحب لاعبين آخرين، وأعتقد أن من غير الوارد الاحتفال بنصر رياضي أحرزه الغير الذي قد يكون عدواً أكثر منه صديقاً».

بهجة وفرح