منذ عام 2005 أخذت محافظة "إدلب" تخطو نحو الأمام في مجال التعليم العالي، ومع نهاية عام /2010/ أصبحت تضم ما يزيد على عشرة آلاف طالب موزعين على سبع كليات تتفرق في الجهات الأربع من المدينة، ومع التزايد المستمر في أعداد الطلبة الوافدين إلى "إدلب" تبرز مشكلات عدة لها تأثير سلبي جداً أهمها المواصلات والنقل الداخلي.

يتحدث لموقع eidleb الطالب "أيهم أكتع" طالب كلية الآداب- قسم اللغة العربية: «تعتبر سيارات الأجرة "التاكسي" السبيل الوحيد لوصول الطلبة إلى كلياتهم الموزعة على مشارف المدينة في اتجاهاتها المختلفة مع عدم وجود كراج موحد لسيارات نقل الركاب القادمة من المناطق إلى مركز المحافظة، فكلية الحقوق تقع في الجزء الشرقي من المدينة في حين أن موقف سيارات النقل القادمة من "سلقين" و"حارم" وكفرتخاريم" تقع بالقرب من ثانوية "المتنبي" في الجزء الغربي، وينطبق الأمر ذاته على كليتي الزراعة والطب البيطري الواقعتين شمال المدينة فيما يقع موقف سيارات مدينة أريحا في الجزء الجنوبي، وليس الوضع أفضل لأبناء مدينة "سراقب" و"بنش" و"الفوعة" من طلبة كليات التربية والعلوم والآداب الواقعة في نهاية المخطط التنظيمي للمدينة غرب الملعب البلدي ليقطعوا ما يزيد على ثلاثة كيلو مترات ونصف على الأقدام أو يضطرون لاستقلال التاكسي ذهاباً وإياباً إلى كلياتهم، ومع عدم وجود خط للنقل الداخلي ضمن المدينة فالمشكلة تزداد تعقيداً خاصةً في أشهر الشتاء مع حلول الأمطار والثلوج والمناخ العاصف في "إدلب"».

تتضمن مدينة "إدلب" عدة معاهد متفرقة أيضاً وتحتاج إلى خط سير باصات النقل الداخلي للربط بين هذه المعاهد وبين مراكز الانطلاق المتفرقة على المدن والقرى

تناثر الكليات في الأطراف المترامية لمركز المحافظة يبرز التاكسي خياراً قسرياً خاصةً للإناث كما تحدثت الطالبة "دعاء بزماوي" طالبة كلية العلوم قسم الرياضيات فقالت: «حتى نستطيع الالتزام بمواعيد محاضرتنا علينا استقلال التاكسي يومياً من وإلى موقف المكروباص العائد إلى بيوتنا أي أن ندفع /70/ ليرة سورية يومياً، ناهيك عن المصروف اليومي للطالب وأجور المواصلات، فبعض الطلبة يقطع يومياً ما يزيد على /80/ كم للوصول إلى "إدلب" كأبناء مدينة "خان شيخون" الواقعة على مشارف محافظة "حماه" أو منطقة "بداما" على حدود "اللاذقية"، ومن الناحية الأخرى فلا تستطيع معظم الإناث ركوب التاكسي بعد نهاية المحاضرات عند الساعة السادسة مساءً من مكان معزول ككلية التربية والعلوم، ففي حال وجود نقل داخلي نستطيع الالتزام بالمحاضرات والخروج مساءً، وتكون التكلفة أقل على الأهل، لكن الآن فالتاكسي هو المستفيد الوحيد من تردي وضع الطلبة، لذلك فالتكاسي منتشرة أمام أبواب الكليات وتبلغ أجرة التاكسي مهما قصرت المسافة /35/ ليرة».

التاكسي هي الحل الوحيد

يتحدث الطالب "علي الحسن" عن مواصفات باصات النقل الداخلي في "إدلب" فيقول: «حتى وإن وجد باص النقل الداخلي لا يمكن للطلبة الصعود فيه بسبب سوء التجهيز والقدم وتكسر المقاعد وزجاج بعض النوافذ ناهيك عن عدم وجود شاخصة تعريفية تدل على خط السير، وإن وجدت فالأمر سيان لأن سيارات النقل الداخلي تستأجر في حال حصول وفاة لتنقل ذوي الموتى وأقاربهم إلى المقابر ثم تعود بهم لقاء ثمن معين، فحلت مكان مكتب دفن الموتى، وجميع هذه الباصات لا تزيد على ثلاثة (أي الموضوعة منها في الخدمة) ويندر أن يرى أحد الطلبة باص النقل الداخلي يمر في "إدلب"».

مشكلة النقل الداخلي لا تقتصر فقط على طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس كما يتحدث السيد "إسماعيل الدرويش" الموظف في مديرية الثقافة فيقول: «هذه أيضاً إحدى العقبات أمام موظفي الدوائر الحكومية الواقعة على أطراف المدينة، وقد أصبحنا بحاجة ماسة لسيارات داخلية في المدينة، فمنذ ما يزيد على عشرة أعوام كنا نستطيع أن نجوب المدينة على الأقدام وبمدة لا تزيد على نصف ساعة، أما الآن فقد امتدت من الكورنيش الشرقي إلى ما بعد الكورنيش الغربي ما دفعني لشراء دراجة نارية بدل دفع مبلغ /70/ ليرة يومياً فقط للذهاب والإياب ضمن المدينة».

بعد الكليات عن المدينة بين الحقول

وكذلك يتحدث "خالد باكير" طالب المعهد الصناعي: «تتضمن مدينة "إدلب" عدة معاهد متفرقة أيضاً وتحتاج إلى خط سير باصات النقل الداخلي للربط بين هذه المعاهد وبين مراكز الانطلاق المتفرقة على المدن والقرى».

في لقاء الموقع السيد "مصطفى جغل" رئيس مصلحة النقل الداخلي التابعة للمجلس البلدي في المدينة قال: «يوجد لدينا ستة باصات من النوع القديم وفي حال وجود عطل في أحدها فإنه يتوقف عن الخدمة دون وجود البديل، كما تم تخصيص أحد هذه الباصات على خط "إدلب- بشمارون" لكننا وضعنا ثلاثة خطوط جديدة قيد الخدمة ومنها خط الجامعة الذي ينطلق من أمام المجمع الاستهلاكي باتجاه دوار "المتنبي" والمشفى الوطني وحديقة الجلاء ثم فندق "الكارلتون" ودوار المعهد الصناعي ثم كليتي الحقوق والزراعة وإلى جامع الحسين" فمساكن الضباط وكلية الآداب والمعاهد ثم إلى الكورنيش الداخلي، كل هذا الخط تحمله سيارة واحدة تنطلق من الساعة السابعة والنصف صباحاً وينتهي عملها في تمام الثانية والنصف عصراً رغم عدم تنقل هذه الباصات أصلاً أو اقتصاص جزء من سير الخط في حال بدأت بالسير كما رسم لها».

علي الحسن

يذكر السيد "عبد الستار عبد المجيد" رئيس شؤون الطلاب في كلية الآداب: «إن تخصيص باص أو اثنين لا يفي بالغرض لكلية الآداب وحدها والتي يبلغ عدد طلبتها /4400/ طالب منهم /3004/ طلاب في قسم اللغة العربية، و/362/ طالبا في قسم الآثار، و/1024/ في قسم اللغة الإنكليزية، فمن الضروري إيجاد حل جذري لهذه المشكلة التي تزداد تعقيداً مع ازدياد أعداد الطلبة في كل عام».

تذكر "سلام عزيزي" رئيسة فرع اتحاد الطلبة في "إدلب" سعي الاتحاد لخروج الطلبة من هذه المعضلة فتقول: «منذ عام /2007/ نعمل على تأمين خط سير للطلبة تتولاه شركة خاصة، ورغم المراسلات المتعددة لم تستجب رئاسة الجامعة إلى الآن، وحديثاً طرحت المشكلة وما زالت تطرح، وسيكون الحل بالإعلان عن مناقصة لتعهد خطوط نقل إلى الكليات والمعاهد وسيتم وضع لجان لضبط سير هذه الخطوط والالتزام بالمواعيد المحددة من خلال عقد وشرط جزائي، وسيتم الإعلان عن المناقصة مباشرةً في حال موافقة رئاسة الجامعة، ونكون قد قدمنا خدمة للطلبة وخدمة للموظفين وطلبة المدارس وحتى أهالي المدينة أنفسهم الذين يقطعون المسافات الشاسعة تحت حر الشمس وبرد الشتاء».