أكثر من ثلاثين عاماً أمضاها في مهنة الطبخ، وهو أول طبّاخ بدرجة "شيف" من أبناء محافظة "إدلب"، اكتسب شهرة كبيرة في مجال الطبخ نتيجة مهارته العالية في تحضير مختلف الأطباق الشرقية وعلى رأسها طبق "المنسف" الذي يتطلب كما هو معروف لخبرة كبيرة لا تتوفر إلا عند القلة من المشتغلين بمهنة الطبخ.

الشيف "أحمد الأحمد" المشهور بـ "الشيف أبو شادي" استضاف موقع eIdleb في منزله الكائن في بلدة "التح" قرب "معرة النعمان" حيث حدثنا عن مسيرته الحافلة مع مهنة الطبخ بالقول: «كوني تركت الدراسة من مرحلة الإعدادية وذلك لظروف مالية، فقد حاولت البحث عن عمل وجربت عدة مهن من نجار "باطون" إلى دهان وحلاق وعامل مطعم، إلا أن المهنة التي استهوتني كانت العمل في المطعم، فقد أحببت هذه المهنة، فقد ناسبتني كثيراً كونها مهنة تساعد في إرضاء الناس وإفراحهم عندما يأكلون لقمة طيبة كما أنها مهنة مستمرة لا تنتهي وباقية ما بقي الإنسان في كل زمان وفي كل مكان، وبدايات تعلمي لمهنة الطبخ بشكل حقيقي كانت في "لبنان"، حيث سافرت إلى هناك وكان عمري 16 عام وبقيت لمدة 15 سنة، حيث عملت في أكثر من مطعم بمختلف المأكولات، وبعد خمس سنوات في عملي في مطاعم "لبنان" وفي تحضير مختلف أنواع المأكولات، من حلويات و"كوكتيلات وسلطات ومقبلات شرقية وغربية وطبخ عربي وغربي ومشويات ومأكولات بحرية" حصلت على لقب "شيف" وهي درجة دولية في مجال الطبخ تعني "رئيس الطباخين"، وهذه الدرجة لا تمنح للطبّاخ حتى يكون ملم بجميع أنواع الطعام، من مأكولات غربية وشرقية ومقبلات وكل ما له علاقة بالطعام».

يعتبر "الشيف أبو شادي" متعهد ولائم الأعراس في قريتنا ومنذ عدة سنوات، حيث أثبت جدارة كبيرة في هذا المجال، وساهم في تغيير الكثير من عاداتنا الخاصة بوليمة العرس، وبخبرته في هذا المجال ساعدنا في تقديم وليمة محترمة وبتكلفة أقل

بعد العمل في "لبنان" لمدة 15 عاما انتقلت للعمل في إحدى شركات البواخر الأجنبية، ثم انتقلت للعمل في أحد مطاعم "السعودية" وعن هذه المرحلة يقول: «عملت لمدة ثلاث سنوات "كشيف ثاني" على ظهر أحد البواخر التابعة لإحدى الشركات، ولكني تفوقت على شيف الباخرة رقم واحد فتم اعتمادي "كشيف أول" بحري على الباخرة، ونتيجة سفر الباخرة إلى عدد من الدول الأوربية "كتركيا وروسيا وقبرص وأوكرانيا" تعززت خبرتي في مجال الطبخ من مختلف المطابخ العالمية، ثم عملت كشيف ومدير مطعم في "السعودية" لمدة ثلاث سنوات وذلك قبل رجوعي إلى "سورية" في عام 2001».

الشيف أحمد الأحمد أبو شادي

ويتابع: «بعد عودتي إلى "سورية" قمت بتأسيس مطبخ شرقي، وهذه الفكرة كانت موجودة في ذهني منذ عام 1990 ولم أتمكن من تحقيقها إلا بعد عودتي إلى "سورية" منذ عشر سنوات، وقد لقيت هذه التجربة تقبل الناس وتشجيعهم لي والكثيرون شجعوني على الاستمرار في هذه التجربة حيث ألاحظ بأنّ هذا المطبخ يحظى بشعبية متزايدة وإقبال كبير، وأردت أن تكون الوجبة الرئيسية في مطبخي هي "المنسف" كونه من أهم الوجبات التراثية العربية شهرة، وأردت من وراء ذلك إحياء "المنسف" حيث لاحظت بأنه وصل لمرحة شبه انقراض، ولكونه يعتبر في بيئتنا رمزاً للفرح والمناسبات وتكريم الضيف، وبالتالي فقد يكون ضروري في كل بيت لذلك رأيت أنه لا بد من إيجاد طريقة تجعله متاح للجميع وتقلل من تكاليفه المادية, فقمت بإجراء بعض التعديلات عليه، ففي الماضي كان المنسف كبير ويوضع عليه ذبيحة أو ذبيحتين، ولكن في الوقت الحاضر ونتيجة ارتفاع أسعار اللحوم بات هذا الشيء مكلف جداً، ونسبة قليلة من الأشخاص هم القادرون على تحمل تكاليف تحضير هذه الوجبة في حين غاب تماما عن حياة النسبة الأكبر من الأهالي، وأبرز هذه التعديلات أني قمت باستبدال الذبيحة الكاملة أو نصف الذبيحة باللحمة المفرومة، وطبعاً مع الحفاظ على الأشكال الأساسية للمنسف ولكن أوجدت أشكال جديدة له باستخدام اللحمة المفرومة، فبات بإمكان الشخص حرية اختيار أن يضع على المنسف كيلو لحمة مفرومة أو ثلاثة كيلو مقطع أو نصف ذبيحة أو ذبيحة كاملة بحسب إمكانياته المادية، وفي كل ذلك محاولة للحفاظ على هذه الظاهرة في مجتمعانا العربي».

وحول نشاطه في مجال تحضير المنسف في مختلف المحافظات يقول: «بفضل الله يتمتع المنسف الذي يعده "الشيف أبو شادي" بشعبية كبيرة في كل أرجاء محافظة "إدلب" وفي معظم المحافظات السورية، ويمكن القول بأن نشاطي ممتد من محافظة "حمص إلى حماه وإدلب وصولا إلى محافظة "حلب" وريفها، هذا عدا الاسم الهام الذي كونته لنفسي في عدد من مطاعم "لبنان والسعودية"».

مع مساعده خالد عرنوس

وعن اهتماماته الأخرى يقول: «أهتم بالثقافة العامة كما أهتم كثيراً بالأدب، وأحب أن أسمع للشاعر السعودي "عبد الرحمن العشماوي" وذلك منذ 23 سنة حيث أجد في شعره الصدق والأمانة وأحفظ له عدد من القصائد، وأنا عضو في منتدى اتحاد الأدباء والمفكرين وله استشارات في مجال الطبخ من خلال زوار المطبخ العالمي في المنتدى لتقديم استشارات خاصة بالطبخ».

"خالد عرنوس" مساعد "الشيف أبو شادي" قال: «هو أول "شيف" عرفته منطقتنا، شخص صاحب ذوق عال في مجال الطبخ، تعلمت منه أشياء كثيرة من خلال مرافقتي له خلال خمس سنوات أهمها الإخلاص في العمل والتنظيم العالي الذي يضبط مواعيده وعمله، وهو يهتم كثيراً بالنظافة ومن يكون قريب من "أبو شادي" يلاحظ ذلك تماماً سواء في أناقته الكاملة والدائمة وحرصه الشديد على أدق تفاصيل النظافة في مجال عمله وفي كل شيء يحيط به، إلى جانب حرصه الشديد على الصدق مع زبائنه والمتعاملين معه والنصيحة الصادقة في مجال تحديد الشيء الأكمل بالتكلفة الأقل».

المنسف وليمة الأعراس الأساسية

الأستاذ "حسن الزهران" من أهالي قرية "بابيلا" قال: «يعتبر "الشيف أبو شادي" متعهد ولائم الأعراس في قريتنا ومنذ عدة سنوات، حيث أثبت جدارة كبيرة في هذا المجال، وساهم في تغيير الكثير من عاداتنا الخاصة بوليمة العرس، وبخبرته في هذا المجال ساعدنا في تقديم وليمة محترمة وبتكلفة أقل».

يشار بأن الشيف "أحمد الأحمد" من مواليد بلدة "التح" عام 1967.