«الحادث لم يكن مؤثراً في مشوار حياتي، ويعود ذلك لطموحي الكبير في تحصيل العلم والاستفادة منه. كان ذلك بعد أن أنهيت دراسة الطب العام بتقدير جيد في جامعة "حلب" دخلت الاختصاص عام /2002/، ولم أكمل السنتين حتى قدّر الله ووقعت ضحية حادث سير مروع على طريق "إدلب"».

والكلام للطبيب "أسامة الدرويش" من قرية "حاس" غربي "معرّة النعمان" بـ/6/كم، والذي أضاف: «توفي معلم مدرسة، ونجا الباقون، وأنا أصبت بأذى كبير لحق بالعمود الفقري، مما أدى إلى انزياح بعض الفقرات، وبالتالي تأثّر النخاع الشوكي، الأمر الذي أطال من مدة شفائي، ودفع عائلتي لإرسالي إلى دولة إيران للعلاج، لكنّ الجرح كان أكبر من مقدور أطبائها على الأقل في الوقت الحالي، والعملية التي أجريتها كانت بكلفة /250/ألف ل.س، آنذاك، والحمد لله دائماً على السرّاء والضرّاء»

يوجد في عيادتي حاسوب وانترنت وأنا من متابعي الإعلام والصحافة الورقية والإلكترونية بشكل عام

الطبيب "أسامة " من مواليد عام /1976/، قال لموقع eIdleb عن الأثر الذي خلّفه الحادث الأليم، هذا الحادث الذي أقعده على كرسي الإعاقة: «لن يستطيع أن يقعد عزيمتي فإرادتي بفضل الله عز وجل أقوى من أن يضعفها هذا الوضع الذي وصلت إليه»، وأضاف: «لقد أكملت دراستي للطب، وحالياً أقدّم الخدمة الطبية لأهالي قريتي، صحيحٌ أن مشاريعي الحياتية كانت عديدة قبل الحادث لكن بعده انصب اهتمامي على تطوير قدراتي الذهنية داخل العيادة، وتحسين وضع المستوصف، وفعلاً فتحنا عيادة سنية، وعيادة نسائية وسكرية وعيادة لشمانيا، ونطمح أن يكون لدينا مخبر، أما حلم العمل في المشافي الكبيرة حالياً فهو مستبعد لأنني أعتبر أن على الإنسان أن ينطلق من ذاته ثم بيئته، ثمّ إلى محيط أكبر من ذلك».

الدكتور أسامة مع والده في المنزل

وعن دراسته قال د."أسامة": «القرية كانت مختلفة كثيراً قبل تأسيس المدارس وإنشاء المستوصف، فقد درست الثانوية في "كفرنبل" لعدم وجود ثانوية في قريتي"حاس"، وحصلت على شهادة "البكالوريا" في العام /1995/، وبدأت دراسة الطب بعد ذلك في جامعة "حلب"، ورغم توقفي عن إكمال الاختصاص بسبب صعوبة الحركة إلا أنني تلقيّت الكثير من الدعم المعنوي والمالي من قبل الأهل والأصدقاء والمحبين». وأضاف د."أسامة": «حين وقع الحادث كنت عائداً من العمل في مشفى "إدلب" حيث كنت أمارس اختصاصي ميدانياً، وبعد الحادث التزمت الجلوس في عيادتي الخاصة لمدة سنتين حتى التحقت بمستوصف القرية، ووضعت نصب عيني مع مجموعة من الأطباء المساهمة في تأهيل المستوصف وتطويره».

أخيراً قالها بعينين متحديتين: «الحادث كان يوم 16/10/ 2004 ورغم قساوته، لكنّه أعطاني العزيمة والإرادة والتصميم، ولم يؤثر حتى في إصرار عائلتي أو أقرب الناس إلي، وأهل القرية يعرفونني جيداً، وليس من خلال إعاقتي، فأنا لا أنتظر مساعدة أحد حتى أتمكن من الاستمرار، فالإنسان يطمح للأفضل لكن حالياً الإمكانات غير متوافرة، وأعتمد على الإمكانيات الموجودة حالياً ريثما يتوفر الأفضل، وأطمح للشفاء التام لأنهم وعدوني أن العلاج بحاجة إلى وقت فقط، والطب في نظري مهنة إنسانية، فأنا أحاول مراعاة أوضاع مرضاي، لأنّ ألم المرض ليس بالأمر السهل خاصة أن هذه التجربة مررت بها أيضاً».

السيد طاهر والد أسامة

وماذا عن هوايات الدكتور "أسامة": « يوجد في عيادتي حاسوب وانترنت وأنا من متابعي الإعلام والصحافة الورقية والإلكترونية بشكل عام».

والد "أسامة" السيد "طاهر درويش" قال عن ابنه: «نحن نحمد الله عز وجل دائماً، والحادث قضاء الله وقدره، وهو لم يثن من عزيمتنا أوعزيمة "أسامة"، فقد شجّعناه على إكمال دراسته، وعلى العمل والتحدي».

الدكتور مع أحد زملائه في المستوصف

نشير أخيراً إلى أن الطبيب "أسامة درويش" متزوج من ابنة خالته، وهي طبيبة أسرة أيضاً ولا يوجد لديهم أطفال.