«كانت تقولها أمي وعيناها تقطران حزناً كيف سيقضي "مصعب" حياته, دون شيء وكان هذا السؤال هاجساً, يراود أسرتي بالكامل, فأنا المصاب بشلل أطفال في رجلي كيف سأعمل وأعيش مستقبلاً وأنا الذي خضت مع البكلوريا حرباً لمدة خمس سنين وكانت تتغلب علي في النهاية». بهذه الكلمات بدأ الشاب "مصعب العبي" حديثه لموقع eIdleb وراح يروي لنا رحلته من الدراسة رويداً ومع المعاناة رويداً آخر, ثم أضاف قائلاً:

«أنا من مواليد "كفرنبل" عام (1985) وأسرتي لا تملك إرثاً يسد رمقي إذا ما أردت العيش بدون عمل وبصراحة أنا متأكد أنني بدون دراسة غير قادر على جمع قرش واحد, إلى أن وجاء اليوم السعيد يحمل لأسرتي خبر نجاحي في الشهادة الثانوية وكنت وقتها في "لبنان" أعمل في ورشة فسيفساء».

الجد والمتابعة وتكثيف ساعات الدراسة هي أفضل طريقة لتحقيق الهدف وللمعاقين أقول يجب ألا تكون الإعاقة سبباً لكي تجعل الناس يشفقون عليك بل اسع وقل لهم برغم الإعاقة أنا قادر على صنع المستحيل

لعلها دموع الفرح أروع بكثير من ابتساماته ورجف الشفاه دون كلام أصدق تعبير عن السعادة يقول "مصعب" أنه تلقى خبر نجاحه بمشاعر من المستحيل أن يستطيع شاعر أو روائي وصفها حيث قال: «أعرف أن اليوم

الشاب مصعب العبي

17 / 7 / 2007 ستصدر نتائج إمتحاناتي فكنت منذ الصباح أعيش على أعصابي إلى أن جاءت الساعة السادسة والربع رن جرس الهاتف, الكاشف الناطق يؤكد أن الرقم سوري وبالضبط أنه رقم منزلنا رفعت السماعة وأنا أرتجف لم أسمع وقتها سوى صوت الزغاريد وصوت أمي تقول (روح الله يوفقك)، قالها أبي نجحت يا "مصعب" وبدأت أستحلف أبي وهو يضحك عندها تأكدت أني ناجح بتميز ولم يكن بوسعي سوى حجز أول مقعد إلى سورية».

يضيف "مصعب": «كان اللقاء كبيراً حيث عودة المسافر وفرح النجاح كانتا حاضرتان, الحارة كلها سعيدة لأنها تحبني ربما لعطف أو لشفقة لكن منذ اليوم أصبحت طالباً جامعياً وسأكمل دراستي وبعدها انتقلت إلى جامعة "حلب" كلية التربية (قسم المناهج) وأنا أدرس الآن في السنة الثانية, والحياة في الجامعة ممتعة جداً, وهي دوماً تقول لك عليك بالمضي قدماً فالمستقبل يجب أن تتعب من أجله».

ولعل الذي يجعلنا نقف عنده هو هاجس "أم مصعب" التي قالت لنا: «أنا الآن مطمئنة على مستقبل "مصعب" فهو الطالب المجتهد والذي أثبت للكل أن الإعاقة ليست مشكلة, وهو الشاب الاجتماعي بامتياز والطموح يعمل في الصيف بالفسيفساء ويدرس في الشتاء كما وأنه موظف في الجامعة فهو (مفرغ في المكتب الإداري بفرع "جامعة حلب" لشؤون الطلاب) فبعد أن كنت قلقة جداً على مستقبله كونه لا يستطيع العمل, الآن يتقن حرفة الفسيفساء ويعمل موظف ويدرس في الجامعة وأنا فخورة جداً به».

"مصعب" قال لكل المعاقين ولكل المقبلين على الشهادة الثانوية بشتى مجالاتها: «الجد والمتابعة وتكثيف ساعات الدراسة هي أفضل طريقة لتحقيق الهدف وللمعاقين أقول يجب ألا تكون الإعاقة سبباً لكي تجعل الناس يشفقون عليك بل اسع وقل لهم برغم الإعاقة أنا قادر على صنع المستحيل».