عادات وتقاليد قديمة، تحف وشرقيات وألبسة وحكايات تراثية أصيلة، هذه الأشياء التي غدت معانٍ وعبر لديها اليوم من الأشخاص من يحتفظ بها، ومن هؤلاء القائمين على حفظ التراث السيد "مصطفى النجار" "أبو محمد"، وهو من سكان "معرة النعمان"، الذي يحتفظ بأكبر مجموعة من التحف والشرقيات القديمة، ومصدر ذلك تعلق وتعمق كبيران في كل ما يتعلق بالتراث الشعبي وخصوصياته، لذلك يطلق الناس عليه لقب "ابن البلد" وهو نفس اسم معرض الشرقيات الذي يعمل به.

"مصطفى النجار" التقاه موقع eIdleb ليشرح لنا العلاقة التي تجمعه مع الأشياء القديمة بالقول: «جمع الأشياء القديمة هي عادة بدأت مع نشأتي في حب ارتداء الأقمشة والثياب النادرة الأصيلة، وبسبب تعلقي بارتداء اللباس العربي وحمل "المسبحة" تكون لدي موروث شعبي وفولكلوري واهتمام بالذوق الأصيل، وهو في ظني لا يبلى أبداً، وبفضل ذلك حصلت على دراية كاملة في الطرب والموال الشعبي وأسماء اللباس الشعبي، وبدأت في عمر /الثلاثين/ أشتري التحف والألبسة ثم أبيعها، وهكذا شققت طريقاً تجارياً في هذا المجال، وصرت أشتري من أسواق "دمشق" المتنوعة والمليئة بهذا النوع من البضاعة».

جمع الأشياء القديمة هي عادة بدأت مع نشأتي في حب ارتداء الأقمشة والثياب النادرة الأصيلة، وبسبب تعلقي بارتداء اللباس العربي وحمل "المسبحة" تكون لدي موروث شعبي وفولكلوري واهتمام بالذوق الأصيل، وهو في ظني لا يبلى أبداً، وبفضل ذلك حصلت على دراية كاملة في الطرب والموال الشعبي وأسماء اللباس الشعبي، وبدأت في عمر /الثلاثين/ أشتري التحف والألبسة ثم أبيعها، وهكذا شققت طريقاً تجارياً في هذا المجال، وصرت أشتري من أسواق "دمشق" المتنوعة والمليئة بهذا النوع من البضاعة

وتابع "أبو محمد" حديثه مستعرضاً أنواع الأقمشة والألبسة التي يقتنيها، وليبتدئ كلامه بتنهيدة ثم كلمة (آاا خيو) التي دائماً ما يكررها قائلاً: «آه على لباس أهل (الزمان الأول) حيث أصلياً ومشغولاً بمهارة وإتقان، لكنه تحول اليوم إلى تحفة وتراث، ومنه مثلاً "مئزر" الحمام النسائي المشغول من خيوط الحرير والفضة وهو لا يقدر بثمن، وقماش "البروكار" المصنوع في "الشام" وتدخل في صناعته خيوط القصب و الحرير التي تحتاج إلى "نول" خاص، ومن الألبسة العبايات المطرزة والشالات الرجالية، وبالإضافة إلى ما ذكرت يوجد لدي "الدامر" وهو ثوب شعبي قصير مطرز يشبه العباءة من طرفها الأعلى، و"السمنية" وهي غطاء الرأس والكتف، مصنوعة من الحرير الخالص ونادرة الوجود في السوق، و"الزنار" وهو حزام جلدي يوضع حول الخصر، مصنوع من ضفائر الجلد بإتقان شديد ولم يتبق منه اليوم، و"الملتان" أو "الصدرية" وهما قطعتان تلبسان فوق اللباس العربي، ومن الألبسة "القنباز" الذي كنت أرتديه في عمر /تسع/ سنوات، ويتكون من العباءة الحمراء القصيرة والثوب الداخلي الطويل ثم "الحزام" و"الطاقية" و"الشال"».

أبو محمد يعرض قطع الملتان

"أبو محمد" يحتفظ أيضاً بمجموعة من القطع المعدنية النادرة و"المسابح"، وعنها تحدث قائلاً: «مثل الخناجر والسيوف الأصلية الصنع، وتعتبر السيوف الدمشقية أجودها، وكانت قديماًً تستخدم للدفاع عن النفس في البراري والأماكن الموحشة، وأقتني عدة عمل قديمة كان والدي يعمل بها، وجميعها محفورة بعلام حتى تُميز عن غيرها، مثل "فارة النجارة" و"الزئبق" ومثلث الزاوية و"المقداح" وهو أداة حفر الخشب، و"الغمزاي" المعقوفة من الأعلى لتسنيد الأكياس الثقيلة قبل حملها، و"الطاحونة" وهي إسطوانية الشكل تستعمل لطحن القهوة والهال، ويوجد لدي مجموعة كاملة من المعالق والأشواك والسكاكين الملونة بماء الفضة، أما "المسابح" فلها خصوصية معينة في حياتي، ومن أنواعها "العاج" – "السندلوس" – "النارجين" – "اليسغ" – "النسكي" و"الكاربا" ويُربط بعضها بقطع وسلاسل من الفضة، وتتكون من أحجار كريمة غالية الثمن، وبالإضافة إلى ما ذكرت أبيع في محلي أنواع البلور المختلفة الشرقية والعجمية و"الصمديات" والتحف الجميلة».

فلسفة الحاجة إلى اقتناء الأشياء العتيقة وبيعها في رأي السيد "مصطفى" هو أن كل إنسان يختص بعمل ويُرزق على أساسه، وحسب قوله (الكون بدو يعمر) وبيع التحف والأمور الكمالية لا يرتبط بغنيٍ كان أو فقير لأن له هواة ومحبين من الطرفين، أما الربح والخسارة فهما سيان لديه ويُعبر عن هذا بقوله (الحياة سلسلة متصلة ببعضها والكل بيتأثر بتوقف السوق وحراكه، ونحن لمن يصير بيع وشرا الله حيك)، يشهد كل من يعرف "أبو محمد" عن قرب أنه "إبن البلد" بحق فثيابه غالباًَ ما تكون شعبية أصيلة، ولا يمكن أن يحضر الأعراس إلا باللباس العربي الكامل وهو يُدعى دائماً للرقص العربي فيها، ويلجأ كل من يريد التعرف على تراث البلد من حكايات وألبسة ومواويل وأغاني شعبية إليه، ومختصر الكلام أن لديه مخزون تراثي فكري أصيل لا يمكن أن يتخلى عنه، وهو يجري في عروقه مجرى الدم ويتمثل ذلك في محله الواقع أعلى شارع الكورنيش، والمسمى "إبن البلد" أكبر دليل على ذلك.

القنباز الذي كان يلبسه أبو محمد
المسابح بأنواعها المذكورة