«حب العلم وإيماني بتفوق الذات جعلني أسعى لأكون بمستوى الأقران من حملة الشهادات، فكانت الإرادة دافعاً ومحركاً للذات لأرتقي مدارج الحياة وأحطم الصعوبات بقوة المرأة وحنان الأم وعشق العلم».

هذا ما قالته السيدة "فاطمة إسماعيل حريري" التي التقاها موقع eIdleb وهي التي آمنت بأن المرأة الريفية لها الحق في أن تكون نبراسًا ينير الطريق للراغبات في السير على طريق العلم رغم صعوبة الظروف فكانت أول خطوة خطتها في هذا الطريق هي دورة محو الأمية التي التحقت بها عام 1972. وعند سؤالنا للسيدة "فاطمة" عن التشجيع الذي تلقته والمعارضة التي اصطدمت بها والصعوبات التي واجهتها كان جوابها:

خلال سعيي وراء تحقيق طموحي ألا وهو التعلم كان هنالك من أصحاب الشهادات من أعطاني دافعاً قوياً غذى إرادتي لمواجهة صخور الجهل التي تمثلت أمامي بأصحاب العقليات القديمة ومن الداعين إلى التخلف وجهل المرأة آن ذاك. وبالطبع كان تحطم تلك الصخور نتيجة منطقية لاندفاع الإرادة التي كان عقلي منارة لها وقلبي موجهها وروحي حاضنة لها

«خلال سعيي وراء تحقيق طموحي ألا وهو التعلم كان هنالك من أصحاب الشهادات من أعطاني دافعاً قوياً غذى إرادتي لمواجهة صخور الجهل التي تمثلت أمامي بأصحاب العقليات القديمة ومن الداعين إلى التخلف وجهل المرأة آن ذاك. وبالطبع كان تحطم تلك الصخور نتيجة منطقية لاندفاع الإرادة التي كان عقلي منارة لها وقلبي موجهها وروحي حاضنة لها».

لانسة فاطمة مع السيدة الاولى

ولكن بعد اتباع الدورة وتخطي المصاعب والمعيقات كيف استطاعت "فاطمة" أن تصل إلى ما تصبو إليه فتقول عن ذلك: «خضعت لفحص سبر المعلومات في مادة الرياضيات والجغرافية والإملاء والنحو وذلك في مديرية التربية بـ"إدلب" وجاءت النتيجة دليل منطقي على الجهد المبذول. وبعد سبر المعلومات التحقت بمدرسة "عبد الله العجمي" في مدينة "الفوعة" ودخلت الصف الرابع مباشرة وتابعت حتى أنهيت التعليم الابتدائية وانتقلت إلى مرحلة الإعدادية، وأيضا رافقت هذه المرحلة بعض الصعوبات والرفض ولكن أنهيتها ودخلت الثانوية حتى وصلت إلى أبواب شهادة الفرع العلمي وكان قلبي حينها ممتلئ بالأمل والنور ولم تكن معارضة الأهل في هذه المرحلة أيضا حاجزا أمام الحلم الذي سعيت سنوات لتحقيقه، وبحمد من الله اجتزت المرحلة وحصلت على شهادة الفرع العلمي بمجموع 165».

ولا بدّ لكل فرد طموح هدف يسعى نحوه فما هو الهدف الذي وضعته الآنسة "فاطمة" أمامها بعد حصولها على الشهادة الثانوية؟

عن ذلك تقول: «كان شغفي باللغة العربية كبيراً جداً هذا ما دلت عليه الدرجة التي حزت عليها في هذه المادة وكانت حينها 38/40 وقد أهلتني أن أكون طالبة على مدرجات كلية الآداب بـ"حلب" قسم اللغة العربية. وبعد إنهائي السنة الأولى تزوجت ولم يكن الزواج عائقاً أمام متابعتي للدراسة وأكملت مشوار دراسة اللغة العربية وبإرادة قوية وبتشجيع من زوجي الذي كان راغبا في حصولي على الشهادة الجامعية. وتخرجت من كلية الآداب عام 1994 بمعدل جيد، بمكتسبين أولهما إجازة في اللغة العربية وثانيهما أم حنون لستة أولاد».

ومن المؤكد أن كل خريج جامعي لابد أن يمضي بعد إنهاء دراسته في درب التطبيق العملي لما تعلمه في الجامعة فماذا عن السيدة "فاطمة" بعد التخرج؟ عن ذلك تضيف: «بدأت بعد التخرج بالعمل مدرّسة في مدارس "الفوعة" وحتى الآن مازلت على ما أنا عليه من عام الـ 1994 ولكن إضافة لكوني أدرس في مدارس الحكومة أقوم بإعطاء دروس خصوصية لأقف جنباً إلى جنب مع زوجي، وإضافة لهذا فإن السيدة الأولى "أسماء الأسد" قد شملتني بعنايتها الكريمة، فقد دعيت في عيد الأم من هذا العام /2009/م للتكريم من قبلها وكان هذا التكريم لسببين الأول أنني حطمت بإرادتي صعوبات الحياة وتحررت من أميتي والثاني أني كنت الأم الحنون لأبنائي الستة وكان هذا التكريم ثمرة مشوار عمره 37 عاماً. إلا أن هذا المشوار ينقصه حجر واحد ألا وهو قرار التثبيت كي أرسى على بر الأمان».

والجدير بالذكر أن السيدة "فاطمة حريري" من مواليد الفوعة 1962 ولازالت على رأس عملها في مجال التدريس حتى الآن.