التفوق ليس مصادفة أو ضربة حظ، بل هو تخطيط ومثابرة وإصرار. والتجربة المتميزة لطالب الدراسات العليا في جامعة البعث "فادي الشحود" الذي دفعته ظروفه المادية، لأن يعمل ويدرس ويتفوق في دراسته، تظهر مقدرة الإنسان حين يكون سعيه خلف غاية أو هدف مرسوم فتصبح همته أقوى من أي ظرف أو واقع وتكون بمثابة الحافز والمشجع الدائم له.

موقع eIdleb في 24/11/2008م. التقى "فادي" ليحدّثنا عن البداية قائلاً: «درست المرحلة الثانوية في المنزل، لأنّ الظروف المادية لم تكن تسمح لي بالتفرغ كلياً للدراسة، فوالدي متقاعد، وصاحب أسرة كبيرة مكوّنة من عشرة أبناء إضافة لتعرضه لحادث سير جعله مقعداً وقد أصيب بكسور بليغة في الحوض ما أعاق حركته، فكان لابد من العمل لتأمين مصاريف الدراسة.

الوصول إلى أيّ هدف يحتاج فقط إلى التصميم والإرادة وعدم إضاعة الوقت خلف الترهات

وحين حصلت على الثانوية العامة بدأت أبحث عن عمل لتأمين مصاريف الجامعة ورحت أنتقل من عمل إلى آخر، ففي السنة الأولى عملت في معمل جلود في "دمشق"، ثمّ في معمل مدافئ، وعملت في إحدى المزارع، وفي السنة الرابعة قلّمت أشجار الزيتون عند أحد المزارعين».

السيد فراس معمار

وعن كيفية التوفيق بين الدراسة من جهة وبين العمل من جهة ثانية، قال: «كنت أعمل طوال الفصل الدراسي، وقبيل الامتحان كنت أتفرغ بشكل كلي للدراسة بحيث تصل الساعات الدراسية أحياناً إلى ما يزيد على /13ساعة/ تقريباً. لم يكن أمامي من خيار سوى هذه الطريقة، فكنت أنكبّ على الدراسة بشغف وبشوق، إضافة إلى هاجس التفوق الذي كان يدفعني بشكل كبير، وقد كان جلّ تفكيري الوصول إلى الدراسات العليا والحصول على شهادة الدكتوراه، والحمد لله كنت من بين العشرة الأوائل الخريجين في "جامعة حلب"، وبعد الحصول على الإجازة الجامعية انتقلت إلى "جامعة البعث" لدراسة الدبلوم، وأثناء دراستي له تقدمت لمسابقة في "وزارة التربية" فعينت في إحدى مدارس قرية "سفوهن" القريبة من قريتي، فكنت أقوم بتدريس اللغة العربية وأدرس الدبلوم، وقد نلت الترتيب الثاني، وحالياً أقوم بالتحضير للماجستير، وإن شاء الله لن أتوقف قبل الحصول على شهادة الدكتوراه».

وعن العوامل التي حفزت "فادي" على التفوق يقول: «بالنسبة لي فإنّ عشق اللغة العربية ساعدني كثيراً على التفوق، وربما كانت الظروف المادية السيئة حافزاً إضافياً على التفوق والنجاح، حيث أصبحت دافعاً كبيراً لإثبات الذات فضلاً عن تشجيع الأهل، فالوالد والوالدة كانا من المشجعين دائماً، وقد وفرا لي جواً من الراحة في المنزل أثناء الدراسة وتشجيعاً مستمراً لي».

ومن الجدير بالذكر أن "فادي الشحود" من مواليد /1983م/ ومن قرية "حزارين" الواقعة غربي "معرة النعمان" بعشرين كيلومتراً تقريباً التقيناه في المركز الثقافي العربي في "المعرة" يستعير كتباً ومراجع تخصّ رسالته في الماجستير، وقد كان برفقة السيد "فراس معمار" صديقه في الجامعة، والذي قال عن صديقه "فادي": «فادي صديق مخلص ليس لأصدقائه فحسب، بل لدراسته ولطموحه، وهذا الإخلاص كان السبب الأساسي الذي جعله متميزاً بين زملائه في الجامعة وفي دراسة الدبلوم أيضاً».

أخيراً «الوصول إلى أيّ هدف يحتاج فقط إلى التصميم والإرادة وعدم إضاعة الوقت خلف الترهات»، بهذه الجملة ختم "فادي الشحود".