«دائما أقول: العمل، بالعمل وحده يحقق الإنسان ما يريد. لقد كانت البداية صعبة جداً، وقاسية، لدرجة أنني أقف مدهوشاً لذلك الشاب الذي كان يحمل سجادتين، وفوقهما عدد من الحصر البلاستيكية فوق كتفيه...

ويمضي في ريف محافظة "درعا" باحثاً عن (زبون)، وأحياناً يصبح الكرسي وحده هدفاً للجسد المرهق خاصة بعد نهار مُرهق ومُتعب فيتحول البحث عن كرسي إلى غاية، لأتكوم.. فوقه ريثما أستعيد شيئاً من القوة فتساعدني على البحث من جديد عن الزبائن..»، بهذه المقدمة بدأ السيد "أحمد المحمد أبو غازي" حديثه لموقع eIdleb حين التقاه يوم 19/10/2008م في قرية "معر شورين" الواقعة شرقي "معرة النعمان" بأربعة كيلومترات تقريباً.

هذه البداية، كانت قبل أن أبلغ العقد الثاني من العمر، رغم صعوبتها إلا أنّ هاجس تكوين رأس مال أستطيع من خلاله أن أشقّ طريقي، كان أكبر من التعب والمعاناة

ويتابع بالقول: «هذه البداية، كانت قبل أن أبلغ العقد الثاني من العمر، رغم صعوبتها إلا أنّ هاجس تكوين رأس مال أستطيع من خلاله أن أشقّ طريقي، كان أكبر من التعب والمعاناة»، ويتابع مبتسماً: «ثم اشتريت دراجة عادية ساعدتني على التجول بسرعة أكبر وخففت من تعب ركوب الأقدام، فصرت أمتطي دراجتي، وخلفي أضع سجادي وحصري، وبعد فترة امتلكت ثمن "طرطيرة" ومع "الطرطيرة" توسعت تجارتي حيث كنت أملأ الصندوق بالسجاد والحصر والإسفنج الذي أشتريه من "دمشق"، وأمضي به متجولاً في محافظة "درعا"، ثمّ استأجرت محلاً في محافظة "درعا" ووضعت فيه مقصاَ للإسفنج، وكنت أعمل ليل نهار حتى توسعت أعمالي فوجدت من المناسب أن أقسّم العمل إلى فروع إحداها في "دمشق" والأخرى في محافظة "درعا"، والثالثة في منطقة "معرة النعمان". فاشتريت عدّة محلات في بلدة "السيدة زينب" وأيضاً في "درعا" وكذلك في "المعرة"، ثم أنشأت معملاً لصناعة الحصر البلاستيكية، والتي نقوم بتوزيعها في كافة محافظات القطر..».

التاجر "أبو غازي" المعروف بخفّة دمه، وبمقدرته العجيبة على تقليد أيّ صوت يسمعه، لدرجة التطابق بينه وبين من يقلده، فاجأنا بإتقانه الكبير لأعمال الخفّة، وقد قال واصفاً تعلمه لها: «إنها عززت ثقتي بنفسي وقوت عندي الإحساس بقدرة الإنسان على تعلم ما يريد، حيث استطعت بعد تدريب طويل أن أحوّل الخيط إلى أفعى حقيقية من خلال الاعتماد على خفة اليد، وأيضاً المنديل الورقي إلى حمامة حقيقية، وهذا التعليم جاء من مراقبتي لفرق السيرك..».

أخيراً ليس مصادفة أنّ "أبا غازي" الذي ولد عام /1964م/ في قرية "الغدفة" الواقعة شرقي "معرة النعمان" /بخمسة عشر كيلومتر تقريباً/، وقبل نكسة حزيران بثلاث سنوات، أن يكون زوجاً لثلاث نساء فهو يبحث عن الرابعة لأنّ حلمه كما يقول أن يصل عدد أولاده إلى الستين قبل أن يصل هو إلى هذا العمر.