الأمانة والصدق والسماحة والإيثار صفات حميدة اختلطت ببعض العادات السيئة فقل المتَّصفون بها وخاصة وأصبح حاملوها من القلائل وخاصة في المعاملات التجارية.

الحاج "جمعة جراد" أحد وجوه منطقة "جسر الشغور" البارزين والذي التقاه موقع eIdleb بتاريخ 9/10/2008 والذي حدثنا عن سبب شهرته في المنطقة بالقول: «بدأت كأي رجل بسيط من دكان صغير أبيع فيه بعض المواد وهكذا كبرت شيئاً فشيئاً وكنت أعلم أنني إذا عملت بجدٍ أيام الشباب فإني سأجد كل ما عملته جلياً أمامي».

يا ولدي هذه هي الحياة تعطيك ما أعطيت وترفعك كلما تواضعت وأما الإنسان والمال فهما إلى زوال

ابن الثامنة والسبعين عاماً الذي حمل في طيَّاتها ذكريات لا تنسى جعلت منه شيخ تجار المدينة. استقبلنا بوجهه الأبيض الذي حارب قسوة السنين وابتسامته الدافئة التي تطفح بالبشر والبركة، كيف لا وقد شهد له كل تجار السوق وكل زبائنه بالصدق والإخلاص في العمل وبمساعدة الفقراء وإعانة العائلات ولكن تبقى الأحداث التي يرويها الكبير والصغير خير برهان على سماحته وكرمه حيث يروي لنا إحداها السيد "محمد قسوم النمر" قائلاً: «بحكم عمله كأحد صغار التجار كان يحضر البضائع من مدينة "حلب" ولم يكن يستطيع وفاء كامل ثمنها وفي أحد الأيام وعندما كان يفتح إحدى علب السمن وإذا بها قد مُلِئت بالمال وعندما شاهده بعض الأصدقاء أشاروا عليه أن يستفيد منها ويصبح كبير التجار في ذلك الوقت لكنه رجع إلى "حلب" في اليوم ذاته ليرجع المال لأصحابه».

السيخ ياسر النايف

ويتصف الحاج "جمعة" بعدة صفات فحبه لليتيم وإكرامه للضيف وتدخله لحل كل المشاكل التي تعترض أبناء السوق تجعل منه ذائع الصيت رغم تواضعه وكرهه للمديح حتى أن بعض رجال الدين يشهدون له وهو ما أشار إليه الشيخ "ياسر النايف" قائلاً: «ليس من السهل وجود مثل هذا الرجل الذي يعطي جل وقته لغيره فدائماً ما تراه في "الوجاهات" التي تعمل على حل المشاكل وفي علاقاته الاجتماعية المتميزة بالصدق وحسن المعاملة حتى أنه لم يتردد في بناء أحد المساجد على نفقته الخاصة برغم ما عاناه من نقص في الإمكانات المادية».

ويتميز الحاج "جمعة" بأنه قليل الكلام جيد الإصغاء حتى أنه لم يحدثنا سوى ببعض الكلمات تاركاً الحكم للمحيط من حوله حين قال: «يا ولدي هذه هي الحياة تعطيك ما أعطيت وترفعك كلما تواضعت وأما الإنسان والمال فهما إلى زوال». ويقوم السيد "بشار زلخي" بإدارة أعمال الحاج "جمعة" والذي تربى على يديه حين قال لنا: «كنت أعمل في القطاع الحكومي لكن الحاج آثر أن أكون القائم بكل أعماله وعلمني على أن أدخل قلوب الناس». يذكر أن الحاج "جمعة" من مواليد "جسر الشغور" عام /1930/.

محمد قسوم النمر
السيد بشار الزلخي