وقف ممسكاً عكازه الذي بات رفيقه منذ زمن يتكئ عليه حيناً وأحياناً يضعه جانباً ليعتمد على نفسه متحدياً تلك السنين التي حفرت ذكرياتها وتركت بصماتها على جسده لكنها لم تفلح في إلزامه بيته.

حيث أنه لا يزال إلى اليوم يقوم ببعض الأعمال الزراعية كتقليم الأشجار وزراعة البطاطا والعناية بحديقة منزله الريفي في بلدة "ملس" الواقعة إلى الغرب من مدينة "ادلب" بنحو /20/ كم إنه المعمر "رشيد أمين محمد شعبان" البالغ من العمر مئة وعام ولكنه لا يزال يتمتع بسمع وبصر جيدين ويمضي جزءاً من وقته في القراءة ويستمتع بالسهر عند الجيران والأقارب ولا يزال يشكل مرجعية اجتماعية وذاكرة حية لأبناء القرية في الحديث عن تاريخ المنطقة وأحداثها ورجالها.

عاصرت العديد من الأحداث التاريخية من الحرب العالمية الأولى و ثورة الزعيم "إبراهيم هنانو" في الشمال السوري والتقيت بعدد من أبطال الثورة الذين كان لهم شرف مقارعة المستعمر الفرنسي

موقع eIdleb زار السيد "أبو عادل" في منزله الذي يقضي فيه جل وقته وحيداً مع زوجته "أم عادل" ورفيقة دربه الطويل منذ أكثر من سبعين عاما والتي لا تزال تتمتع بصحة جيدة واليوم عمرها يزيد عن التسعين عاماً رغم أن لديهما / 55/ حفيدا وهما الآن جد الجد وابنهما الأكبر يبلغ من العمر /75 / عاما استقبلنا "أبو عادل" يوم 1/7/2008 بترحاب حار ثم أجلسنا إلى جواره ليحدثنا عن بعض ذكريات الماضي البعيد التي ما نسيها يوماً لأنه ما يزال يتمتع بذاكرة حية لأدق تفاصيل حياته وكذلك قدرته على الحوار والمناقشة وروح الفكاهة والضحك حيث قال: «عاصرت العديد من الأحداث التاريخية من الحرب العالمية الأولى و ثورة الزعيم "إبراهيم هنانو" في الشمال السوري والتقيت بعدد من أبطال الثورة الذين كان لهم شرف مقارعة المستعمر الفرنسي»، مضيفاً أن جميع أبناء جيله قد فارقوا الحياة منذ أكثر من عشر سنوات.

وعن طريقته في الحياة قال أنه يمارس نمطا منتظماً في حياته اليومية فهو ينام باكرا ويستيقظ منذ ساعات الصباح الأولى يجلس في حديقة البيت ويقوم ببعض الأعمال الزراعية قبل أن يخرج إلى مجالسة أصدقائه وجيرانه من كبار السن يتذكرون مع بعضهم البعض الأيام الخوالي وبساطة العيش التي طالما تذكروها بشيء من الشوق رغم كل ما قضوا فيها من شظف العيش وقسوته. وقال "أبو عادل" أنه يميل في غذائه إلى الطبيعة حيث السمن العربي والعسل والزبدة والبرغل كان ولا زال الغذاء المفضل لديه طوال حياته وهو لا يدخن ولا يتناول الخضار إلا في موسمها لأنها في غير موسمها تكون بدون طعم ولا فائدة وتضر أكثر مما تنفع وأنه يحب العنب والتين والتمر وأنه نادراً ما قصد طبيباً خلال حياته التي تجاوزت المئة العام.