تشابه يتعدى الشكل ليصل إلى المضمون في الذوق والميول والمشاعر، والإحساس عن بعد (لاسلكي إلهي) من دون تدخل تربوي أو نفسي. يرتبطان ببعضها بشكل كبير وملحوظ، والتطابق بينهما كبير ومعقد، وهما يتشابهان في الحالة المزاجية والانفعالية والنفسية وطريقة المشي والحركة، حتى تصل درجة التشابه إلى الإحساس بالمرض نفسه والألم نفسه.

تقف أمامهما ومن الصعوبة بمكان أن تفرق بينهما خلال فترة وجيزة من الزمن فكثيراً ما طُلب من "طاهر" وهو معلم الصف أن يعير كتاباً من مكتبة المركز الثقافي العربي في "معرة النعمان" ظناً من الطالب أنه يتحدّث مع "ماهر" أمين مكتبة المركز الثقافي في المعرة، "فطاهر وماهر مخزوم" توأمان من مواليد 1970م يحملان من الصفات الجسدية والنفسية ما جعلهما نسخة واحدة لشخصين منفصلين. قال "طاهر": إنهما حصلا على مجموع واحد في الشهادة الإعدادية وعلامات موحدة في كافة المواد، ليس في الإعدادية وحسب بل وفي البكالوريا أيضاً كانت علامات المواد موحدة، لولا أن "طاهر" تفوق على ماهر بعلامة واحدة في التربية الدينية، والأغرب من ذلك، تابع طاهر، أنهما أديا الخدمة العسكرية في فترتين زمنيتين مختلفتين، لكنّ خدمتهما كانت في نفس المكان وبذات الاختصاص.

إنّ تعلقهما ببعضهما، دفعهما لأن يصرّا على الزواج من شقيقتين، وبعد البحث والتحري وجدا "صدفة" ضالتهما بالتعرف إلى فتاتين توأمين ليتزوجا منهما، وما إصرارهما كما قال "طاهر" إلا للبقاء معاً.

كثيراً ما فرقت النساء الأخوة أردف "طاهر مخزوم"، ثم تابع أما نحن فنأكل من سفرة واحدة ونعيش في شقة واحدة.

"طاهر" لا يفارق "ماهر" إلا للضرورات فما أن ينهي أحدهما عمله الوظيفي حتى يسارع إلى لقاء الآخر، والكلام لوالد زوجتيهما "أبو صالح" حين تحدّث هو الآخر عن التشابه الكبير بين ابنتيه التوأمين من حيث الشكل والطباع قائلاً: كنت أعاني كثيراً حين أشتري لباساً لهما فكثيراً ما أجد قطعة واحدة من مقاس واحد وكانتا لا تقبلان إلا اللباس الموحد لكلتيهما لذلك كنت أضطر كثيراً لتفصيله بدل البحث في المحلات.

عن تفسير العلاقة بين الأخوين يقول "طاهر": علاقتي به هي علاقة مع ذاتي فأنا مستعد للتضحية من أجله، ولا أحس بنفس الإحساس الذي أشعر به مع باقي الأخوة، فكثيراً ما انتابني الألم ذاته الذي يشعر به حين يمرض وفي العام الماضي تعرضنا لحادث مروري فأصيبت الفقرة التاسعة من العامود الفقري بانضغاط عند كلينا، تخيّل حتى في الحوادث نتعرض لنفس الحالة.

وعن أيام المدرسة والمواقف التي كانوا يتعرضون لها يقول ماهر: كان صعبا على المدرسين التميز بيننا، وكثيراً ما كنا نتبادل الأدوار فمثلاً حين يطلب أحد الأساتذة من "طاهر" أن يجيب عن تساؤل ما في إحدى المواد أقف للإجابة بدلاً عنه حين أعرف جهله للإجابة، وهناك الكثير من القصص التي كنا نقوم بها ولا ينتبه إليها المدرسون.

وعن علاقة الأهل بهما يقول "طاهر": يشتري لنا نفس اللباس لأنه يعرف أننا لن نرتديه حين يأتي به مختلفاً، وكان لكي يرضينا يأتي إضافة إلى اللباس المتشابه بالألعاب المتشابهة أيضاً.

أخيراً في "معرة النعمان" عدد من التوائم الذين أضحت لهم شهرة واسعة لعدم قدرة الناس التمييز بينهم "كحسن وحسين"، و"طاهر وماهر"، ولمن يود معرفة أحد هؤلاء التوائم من شقيقه عليه أن يرافقه لفترة لاتقل عن الأسبوع وربما أكثر.

(15/7/2008).