هو واحد من أبرز رجالات الصناعة في محافظة "إدلب"، صقلته سنوات الاغتراب في الولايات المتحدة الأمريكية صناعياً واقتصادياً، فعاد إلى بلده الأم ليضع كل تلك الخبرة في خدمة هذا الوطن العزيز المعطاء، استطاع أن يحقق لنفسه في الولايات المتحدة سمعة طيبة لدى الشركة التي كان يعمل معها وبين كل زملائه، فضل العودة إلى مسقط الرأس "إدلب" كي يستثمر فيها ويساهم في تنشيط حركتها الصناعية.

المهندس والصناعي "نجيب بركات" حل ضيفاً عزيزاً على موقع eIdleb حيث بدأ حديثه عن الفترة التي سبقت سنوات الاغتراب بالقول: «بعد تخرجي في جامعة "حلب" في عام 1976 انتقلت للعمل في "دمشق" مع أحد أقاربي وهو مهندس متخرج في لندن يعمل في مجال الطاقة الكهربائية ونقل التوتر العالي من مدينة إلى أخرى، وبالصدفة التقيت مع وكيل لإحدى الشركات الأمريكية المتخصصة في تصنيع آلات مد الطرق بالإسفلت وإنشاء مهابط الطائرات، حيث عرض علي العمل مع شركتهم فوافقت وانتقلت للعمل في الولايات المتحدة في عام 1980 وبقيت حتى عام 1992».

أتمنى أن تسود الألفة والمحبة بين رجال الصناعة والتجارة والاقتصاد بإقامة مجالس لهم ويأخذ كل منهم دوره في مجال عمله ونرجو أن تعمل الدولة على منهجة الفكر الاقتصادي ونقله إلى طلاب المدارس بسن مبكر لأنه علم بحد ذاته

فترة اغترابه في الولايات المتحدة كانت حافلة على الصعيدين المهني والشخصي، وعن ذلك يقول: «أمضيت في الولايات المتحدة قرابة 12 عاماً، حيث بدأت العمل كمهندس موقع مهمتي الإشراف على تركيب الآلات التي تبيعها الشركة وأدرب العمال على استخدامها، وبعد فترة قصيرة من بدء العمل مع الشركة الأمريكية حظيت بثقة الإدارة نظراً لما أبديته من نشاط وتفان في العمل فتوالت فرص ترقيتي الوظيفية حتى أسندت إليّ مهام تسويق الآليات في دول آسيا والعديد من الدول الأخرى، وكنت أحسن عقد الصفقات واعتمدت على الصدق في التعامل والوفاء بالتعهدات والالتزامات تجاه الشركات المشترية للآلات، وكنت أتخذ قراراتي دون إبطاء مما حبب بي المسؤولين عني والمتعاملين مع الشركة لما كنت أبذله من إخلاص في العمل وسرعة في تلبية الصيانة ومعالجة الأعطال، تعلمت أشياء عديدة في مجال العمل أهمها الدقة والتفاني في العمل والالتزام بالمواعيد وبدء العمل في الصباح الباكر، ففي الولايات المتحدة كل المعامل تبدأ العمل في السادسة صباحاً، وهم حريصون جداً على فكرة بدء العمل في وقت مبكر، وعلى الصعيد الشخصي أفتخر بالصداقات القوية التي أنشأتها وحتى اليوم أصدقائي في الولايات المتحدة يتصلون بي وحتى المعمل الذي كنت أعمل فيه إلى اليوم يعرضون علي العودة إلى الولايات المتحدة، كنت أزور بعض الأشخاص في المنطقة التي كنت أسكن فيها فلاحظت أن الفلاح الأمريكي مثل الفلاح في بلدنا إنسان طيب وصادق وبعيد كل البعد عن الخبث والمكر».

المهندس نجيب بركات

سنوات طويلة قضاها في المغترب وأتيحت له فرص ثمينة للاستثمار في الولايات المتحدة ولكنه فضل العودة إلى أرض الوطن ومدينته "إدلب" بالتحديد وعن سبب ذلك يقول: «عدت بدافع حنيني لأسرتي، ولأقوم بواجبي الوطني وأساهم في بناء محافظتي اقتصادياً من خلال بعض المشاريع الاستثمارية، فكانت البداية في عام 1995 مع معمل لعصر بذور القطن وتطورنا بالتدريج لعصر بذور الصويا ودوار الشمس وتكرير الزيت وتصنيع السمنة».

خبرته الصناعية والتجارية كانت لها فوائد جمة على غرفة تجارة وصناعة "إدلب" التي يترأسها حالياً وعن ذلك يقول: «يقال كثرة الأسفار تعلم التجار وأنا تعلمت من أسفاري ما يفيد بلدي فبحثت في كل مكان قصدته عما يحتاج إليه من منتجات وطنية، ولكون محافظة إدلب من المحافظات الزراعية سعيت بالتعاون مع كافة الجهات المعنية لتصنيع المنتج المحلي للمحافظة والترويج له تجارياً على مستوى العالم».

الباحث فايز قوصرة

رغم غنى محافظة إدلب بالآثار إلا أنه لم يفكر بالاستثمار في المجال السياحي وعن سبب ذلك يقول: «لم أتوجه للاستثمار في المجال السياحي لأني أولاً بعيد كل البعد عن هذا المجال كما أن كل المواقع الأثرية لدينا بحاجة للتخديم بالبنى التحتية ليتم الاستثمار بالشكل الأمثل ولكن غرفة تجارة وصناعة إدلب تدعو باستمرار رجال السياحة للاستثمار في هذا المجال لأن محافظتنا غنية بالمواقع الأثرية والأماكن السياحية الخلابة».

كلف المهندس "بركات" برئاسة لجنة العلاقات التجارية ما بين "سورية" و"جنوب أفريقيا" فما هي أهم الخطوات التي قام بها لتنشيط التبادل التجاري بين البلدين؟ يجيب: «يقال عن جنوب أفريقيا أنها بلد خام وبلد غني ومع الأسف علمت مؤخراً خلال زيارتي للسفارة بأن حجم التبادل التجاري بين الدولتين لا يتجاوز 200 ألف دولار، فقمنا بالدعوة لتشكيل مجلس لرجال الأعمال السوريين لزيارة جنوب أفريقيا ومعرفة حاجة السوق هناك من المنتج السوري ليتم الترويج لها».

لأعمال الخير عند المهندس "نجيب بركات" قصة مشرفة يلخصها بالقول: «تعلمت من والدي ألا أقف مكتوف اليدين عندما أرى يتيماً ليس له رعاية، فأحرص أن أكون أباً لكل يتيم وأن أساعد كل عاجز عن الكسب، لقد تعلمت منذ صغري من والدي رحمه الله أن الصدقة ترفع البلاء، فقد كان يحثنا أن نتبرع عندما نذهب للجامع بجزء من المصروف الأسبوعي الذي كان يخصصه لنا، وفي النهاية كلنا أسرة واحدة وكل واحد منا مسؤول عن هذه الأسرة الكبيرة، ومنطقي في العمل الخيري هو أنني بدلاً من أن أصرف على وجبة غداء ثلاثة آلاف ليرة أكتفي بغداء بسيط وأتصدق بالباقي على المحتاجين، والحمد لله لا أريد أن أرد محتاجاً نهائياً فلا أحد يضمن حياته ويضمن الغنى الدائم وعدم الفقر».

وفي ختام حديثه لموقع eIdleb قال المهندس "بركات": «أتمنى أن تسود الألفة والمحبة بين رجال الصناعة والتجارة والاقتصاد بإقامة مجالس لهم ويأخذ كل منهم دوره في مجال عمله ونرجو أن تعمل الدولة على منهجة الفكر الاقتصادي ونقله إلى طلاب المدارس بسن مبكر لأنه علم بحد ذاته».

الباحث "فايز قوصرة" يرى في المهندس "نجيب بركات" بأنه "كوبرلي إدلب" وفي توضيحه لهذه التسمية يقول: «الاهتمام الذي تحظى به إدلب من قبل المهندس "نجيب بركات" ليس إلا دليلاً واضحاً على متانة العلاقة التي تربطه بهذه المدينة الطيبة، فلم تغره بلاد الاغتراب بكل ما فيها، وهو من رجال الصناعة القلائل الذين نجحوا في المغترب وفضلوا العودة على البقاء، وقد أبدى اهتماماً كبيراً بإعطاء محافظة "إدلب" أهمية اقتصادية، ويسعى من خلال مشاركاته في الندوات والمؤتمرات الاقتصادية إلى إيصال صوت "إدلب" في المحافل الدولية، هو رجل معطاء ونموذج يحتذى بكل ما في الكلمة من معنى».

يشار إلى أن المهندس "نجيب بركات" من مواليد مدينة "إدلب" عام 1952 بعد تخرجه من جامعة حلب سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1979 وبقي هناك حتى أواخر عام 1992 حيث عاد إلى مدينته "إدلب" ليبدأ مسيرة صناعية جديدة بدأت بمعمل للزيوت، لديه ستة أبناء خمسة ذكور وبنت واحدة.