حققت المرأة السورية نجاحات مشرقة من خلال مشاركتها إلى جانب الرجل في شتى مناحي الحياة، لكن ظاهرة العنف ضد المرأة وعلاقتها بالموروث الاجتماعي والثقافة ما تزال أهم الموضوعات المطروحة في ساحة المساواة بين الرجل والمرأة.

موقع eIdleb توقف مع بعض الاختصاصيين والنساء للحديث عن ظاهرة العنف الممارسة، والتقى السيدة "هند قيروط" الناشطة في مجال حقوق المرأة فقالت: «إن ظاهرة العنف بطبيعتها إحدى العادات السيئة داخل الأسرة، لكن ما يلفت النظر أن المرأة نفسها من تقوم بممارسة العنف ضد نفسها وذلك بالتمييز بين الذكر والأنثى في أسرتها سواء في الطعام أو الألعاب وأوقات الخروج والتعليم، وذلك وفقاً لتربيتها المنزلية بحكم العادات والموروثات الاجتماعية».

هنالك عدة جوانب متوازية منها التغيير القانوني، ودعم المرأة لذاتها أولاً، ودعم المجتمع للمرأة، ونشر ثقافة المساواة الصحيحة بين الرجل والمرأة، والدور النتموي والتوعوي الذي يجب على الإعلام ممارسته

وتتحدث الآنسة "عفاف الزير" إحدى النساء الفاعلات في محافظة إدلب عن الصعوبات التي واجهتها مع العمل التطوعي فقالت: «كانت المعاناة كبيرة مع الأهل والمجتمع لكوني امرأة معاقة، كثيراً ما كنت أضطر إلى تجفيف الدموع قبل عودتي إلى المنزل حتى لا أفقد حقي في العمل أو الخروج من المنزل لكوني امرأة، لكن الإرادة والجهد المضاعف الذي أبذله في "محاربة" عادات المجتمع وتقاليده هو ما يزيدني إصراراً على المضي في العمل الذي خلقت لأجله، وإذا نظرت من حولك فإنك تجد الكثير من الأمثال على نساء من محافظتنا تقدمن في مجالات الأدب، والقضاء، والعمل السياسي والإداري والتطوعي، وما بذلوه من الجهد جدير بالاهتمام».

عفاف الزير

وعن علاقة العنف بالجانب الاقتصادي تتحدث السيدة "غفران سلامة" رئيس فرع الاتحاد النسائي في "إدلب": «إن الاستقلال الاقتصادي للمرأة داخل الأسرة سلاح ذو حدين بحسب ثقافة الرجل والمرأة، فقد يعتبره الرجل سلطة بيد المرأة في حين يجب أن يكون المنزل تحت إمرة الرجل، هذه السلطة تعزل المرأة عن الجو الأسري، وقد يفهمه على أنه من العوامل المهمة لبناء الأسرة، وإذا نظرنا إلى المحيط نجد أن الاستقلال الاقتصادي غائب على اعتبار "إدلب" من المحافظات الزراعية، وتبلغ نسبة عمل المرأة في حقولها /80%/».

فيما يرى السيد "بسام القاضي" مدير مرصد "نساء سورية" أن الاستقلال الاقتصادي يحتاج إلى بنية تحتية مهمة فيقول: «تلعب المساهمة الاقتصادية دوراً هاماً في الحياة الأسرية المشتركة وهو الجانب الإيجابي للاستقلال الاقتصادي، لكنه يحتاج إلى خدمات تساعد كل من الرجل والمرأة على القيام بدوريهما على أكمل وجه، كخدمة الروضات والحضانات لمساعدة المرأة على القيام بمهامها في العمل، وأعباء المنزل وتربية الأطفال، وهذا لا ينفي قطعاً دور الرجل الهام في التربية خلال وجوده في المنزل، وفي حال توافرت هذه البنية التحتية نستطيع القول أن /35%/ من القوى العاملة في سورية هن من النساء المنتجات».

بسام القاضي مدير مرصد نساء سورية

وعن الجوانب الثقافية والقانونية للعنف ضد المرأة يضيف "القاضي": «من الناحية الثقافية فإن محاولة الرجال عدم الاعتراف بالحقائق يظهر أن المرأة من تعنّف، لكننا نتحدث عن ثقافة وليس عن أيديولوجية لأن المجتمع يتبنى الثقافة الذكورية، وتتعرض الأنثى للتمييز منذ ولادتها، وفرضت عليها تربيتها المنزلية هذا الجانب، أما الإطار القانوني لهذه الظاهرة فتحديد القانون لسلوك محدد ضد هذه الظاهرة من أهم ما يجب أن يسن في قانون الأحوال الشخصية، وليس القانون وحده قادر على الحد من هذه الظاهرة، بل وجود جهات وأشخاص من قادة الرأي، وتوافر العامل الاقتصادي، تجتمع بمجملها لتشكل إطاراً ضد العنف الذي يكمل كل منه الآخر، فالعنف الجسدي ينجم عن العنف المعنوي الناجم بدوره عن العنف اللفظي، وبالتالي الحالة في تصاعد مستمر إلى تفكيك الأسرة، ويبرز الأطفال كأهم الضحايا في الأسرة المفككة».

وعن سبل الخلاص من هذه الظاهرة يختم "القاضي" حديثه بالقول: «هنالك عدة جوانب متوازية منها التغيير القانوني، ودعم المرأة لذاتها أولاً، ودعم المجتمع للمرأة، ونشر ثقافة المساواة الصحيحة بين الرجل والمرأة، والدور النتموي والتوعوي الذي يجب على الإعلام ممارسته».