مما لا شك فيه بأن الاختلاف والتنوع هو سنة من سنن الكون التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها، فقد قال تعالى "ومن آياته اختلاف ألوانكم وألسنتكم" وقوله تعالى "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وقالوا سابقاً الاختلاف لا يفسد للود قضية، إذاً الاختلاف موجود في كل المجتمعات، فكيف نجعل من هذا الاختلاف ثقافة بناءة وليست هدامة، ثقافة تنطلق بالمجتمع نحو الأفضل فتكون بذلك عامل قوة وليست عامل ضعف.

وللحديث عن أهمية ثقافة الاختلاف وكيف نستثمرها لتزيد من تراص وقوة المجتمع التقى موقع eIdleb عدد من الأساتذة والباحثين، حيث يقول الأستاذ "محمد نذير دويدري" العضو السابق في مجلس الشعب: «لكي يكون الاختلاف نقطة قوة ومنطلق نحو الأفضل يجب أولا وقبل كل شيء أن نعترف بالواقع أي بوجود ذلك الاختلاف وما نعانيه ووضعنا فيه لأننا إن لم نعترف بالواقع فلن نصل إلى شيء وسيكون ذلك الاختلاف عامل ضعف في المجتمع، وذات مرة سئل الزعيم الفرنسي "ديغول" لماذا لا تسجن "جان بول سارتر" وهو مؤسس المذهب الوجودي الذي نتج عنه تشكيل نوادي عراة في "فرنسا" فقال لهم بأن الشعب منقسم إلى ثلاثة أقسام، ثلث متعلق "بديغول" وثلث متعلق "بسارتر" وثلث متعلق "ببرجيت باردو" فهل تريدونني أن أسجن ثلث سكان "فرنسا"، وفي هذا الكلام اعتراف بوجود الآخر المختلف عنه، فكان يعتبر نفسه وهو الشخصية العظيمة في تاريخ فرنسا بمقام "برجيت باردو وجون بول سارتر"، ويجب أن نعترف بأن ثقافة الاختلاف العميقة للأسف غير موجودة في مجتمعنا، وهذا أمر يجب أن نعترف به وننظر بعين واقعية لمجتمعنا، ولا بد أن نعود أبناء المجتمع على ثقافة الاختلاف والأسلوب الصحيح لمحاورة الآخر المختلف معي، صحيح أننا سوف نعاني في البدايات لكن النتيجة بعد ذلك ستكون مثمرة، فلكي تكون ثقافة الاختلاف ركيزة للانطلاق يجب أن نقر بالشيء الصح الموجود عند الآخر المختلف معي ونعترف بالخطأ الموجود عندي حتى نصل لنقاط التقاطع المشتركة بيننا وأن نبتعد قدر الإمكان أن نسعى ليكون الآخر نسخة طبق الأصل عني».

إن ثقافات التنوع الموجودة في "سورية" عامة هي ثقافات عائلية واحدة ولها تقاليدها ولها حياتها، وهذه الحياة للشعب السوري هي فسيفساء جميلة فيها من كل الأطياف والمذاهب، وهي متآلفة متحابة متعاونة ولها تطلعات مستقبلية في الحياة الكريمة والاقتصاد المتطور، مرتكزة بذلك على الأديان السماوية التي تنادي بكرامة الإنسان وحريته في التعبير والعبادة، نحن في "سورية" تعودنا على قبول الآخر وهذا أيضاً مفهوم إيماني عند جميع المؤمنين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم، فالآخر هو الذي ترى به نفسك وتتبادل معه المحبة فمن دون الآخر لا تكون المحبة ولا يكون العطاء ولا تكون المسامحة والإخاء، فالاعتراف بالآخر هو مفهوم قديم نعيشه الآن وسنبقى نعيشه فهو مصدر قوة لنا، والآخر هو دليل صحة وعافية لأنه يحفزنا على اكتشاف أخطائنا ومعرفة الواقع وأنا أيضا أعرّف الآخر بأخطائه وأساعده على إصلاحها، وهذا التنوع هو إغناء للمجتمع فأنت تغني الآخر كما هو يغنيك ليزيد أكثر بعطائه وكرمه وأخلاقه وسموه ورفعته وتقواه، فالتنوع في المجتمع تماماً كالأجناس الأدبية المتنوعة التي تتكامل ويغتني بعضها ببعض، ولا تتنافر لتتقاتل ولا يلغي الواحد منهم الجنس الأدبي الآخر هكذا نحن تعودنا في قبول الآخر فهو واقع حقيقي معيش في "سورية"

ويقول الأب "إبراهيم فرح": «إن ثقافات التنوع الموجودة في "سورية" عامة هي ثقافات عائلية واحدة ولها تقاليدها ولها حياتها، وهذه الحياة للشعب السوري هي فسيفساء جميلة فيها من كل الأطياف والمذاهب، وهي متآلفة متحابة متعاونة ولها تطلعات مستقبلية في الحياة الكريمة والاقتصاد المتطور، مرتكزة بذلك على الأديان السماوية التي تنادي بكرامة الإنسان وحريته في التعبير والعبادة، نحن في "سورية" تعودنا على قبول الآخر وهذا أيضاً مفهوم إيماني عند جميع المؤمنين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم، فالآخر هو الذي ترى به نفسك وتتبادل معه المحبة فمن دون الآخر لا تكون المحبة ولا يكون العطاء ولا تكون المسامحة والإخاء، فالاعتراف بالآخر هو مفهوم قديم نعيشه الآن وسنبقى نعيشه فهو مصدر قوة لنا، والآخر هو دليل صحة وعافية لأنه يحفزنا على اكتشاف أخطائنا ومعرفة الواقع وأنا أيضا أعرّف الآخر بأخطائه وأساعده على إصلاحها، وهذا التنوع هو إغناء للمجتمع فأنت تغني الآخر كما هو يغنيك ليزيد أكثر بعطائه وكرمه وأخلاقه وسموه ورفعته وتقواه، فالتنوع في المجتمع تماماً كالأجناس الأدبية المتنوعة التي تتكامل ويغتني بعضها ببعض، ولا تتنافر لتتقاتل ولا يلغي الواحد منهم الجنس الأدبي الآخر هكذا نحن تعودنا في قبول الآخر فهو واقع حقيقي معيش في "سورية"».

الأستاذ نذير دويدري

أما الدكتور "أحمد أبو راس" دكتوراه في علم الاجتماع فيقول: «إن مفهوم الثقافة هو مفهوم عام وشامل، وهنالك أكثر من تعريف لمفهوم الثقافة في معجم اللغة العربية، فللثقافة معنيان لغوي ومادي، المعنى المادي يعني تسوية الشيء أو صقله، أما لغوياً فتعني سرعة الفطنة والذكاء وسرعة البديهة، أما فيما يتعلق بالمجتمع في الحقيقة فهناك تعريف "لتايلور" قال فيه بأن الثقافة هي ذلك الكل المعقد من العادات والتقاليد والمفاهيم لأمة من الأمم أو جماعة من الجماعات، أي بمعنى أن الثقافة هي نتاج بشري بوجهيه المادي والمعنوي، ولطالما هي نتاج بشري وهي مكتسبة وهي تراكمية وتختلف باختلاف المجتمعات وتختلف من مرحلة تاريخية إلى أخرى ولابد للثقافة من بانٍ وهذا الباني هو الإنسان، والإنسان في الحقيقة في كل مرحلة تاريخية يتعرض لجملة من المتغيرات المتسارعة والتطورات المتلاحقة، فهذا الحراك في العادات والتقاليد والقيم والأنماط الثقافية والاستهلاكية يفرز ثقافة جديدة في كل مرحلة تاريخية، ولعل الثقافة في جميع مناحي الحياة فهناك ثقافة اقتصادية واجتماعية وتربوية وتعليمية وثقافة سياسية، والثقافة السياسية هي ظاهرة سليمة في المجتمع، وهذا التنوع الثقافي هو أيضاً ظاهرة سليمة في المجتمع لكونه ينتج ثقافة قوية، وبمقدار ما تكون الثقافة قوية تنتج حضارة قوية، لأن الحضارة هي نتاج ثقافي في الحقيقة، وبالتالي هذا التنوع وهذه الشمولية في وجهات النظر الثقافية لطالما تهدف لتحقيق بعد إنساني وتحقيق إصلاح سياسي، ولطالما تهدف لتحقيق عولمة ثقافية بالوجه الإيجابي فنعم لهذه الثقافة التي هي في الحقيقة مطلب إنساني وهي مطلب حضاري ومطلب لكل أفراد المجتمع، لأن الشيء الطبيعي هو عملية الديمومة والصيرورة، فطالما نقول ثقافة ينبغي أن يكون هناك صيرورة وهنالك حراك وهذا تغيير في المفاهيم في العادات والتقاليد في العلاقات بين الأجيال، فالشيء الطبيعي هو هذه الحيوية، والثقافة كلما تتميز بالصيرورة والحيوية، أنا أقول كلما أنتجت حضارة قوية وبالتالي هذا الأمر يفضي إلى إنتاج مجتمع قوي يستطيع الصمود في وجه كل الأزمات وكل ما يعتريه من فوضى، وبالتالي نعم لثقافة الاختلاف إذا كانت تهدف للتقويم ونعم لثقافة الاختلاف إذا كانت هذه الثقافة تهدف لتحقيق الإصلاح الإيجابي، ونعم لثقافة الاختلاف إذا كانت هي مكملة لوجهة نظر كانت تنقصها رؤية ما وأتت هذه الرؤية لتكمل الوجه الحقيقي لهذه الثقافة، أي بمعنى نعم للاختلاف إذا كان يهدف للإصلاح».

الأب ابراهيم فرح
الدكتور أحمد أبو راس