صناعة أطباق القش حرفة يدوية عرفت في مختلف مناطق "إدلب" واستمدت أهميتها من الحاجة، في زمنٍ كانت فيه الصناعات اليدوية هي السائدة، وقد اشتهرت بها النساء حتى صنعن بالقش الملون حكاياتهن على هذه الأطباق.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 17 تموز 2014، "ماجد أحمد" من سكان "إدلب" فتحدث عن صناعة القش بالقول: «تؤمن البيئة المحلية المواد الأولية لهذه الحرفة؛ ما ساعد على انتشارها في كافة أرجاء المحافظة، حتى أصبحت مع تطور الحياة شكلاً من الفلكلور الفلاحي والتراث الشعبي لمعظم مناطق المحافظة، وبات اقتناء "طبق القش" كقطعة تراثية ترتبط بالماضي، وتزيّن بها البيوت».

كانت النساء يحاولن إبراز براعتهن بهذه الحرفة ويتباهين بها، ويتنافسن على صنع أفضل وأجمل الأطباق من خلال الرسومات والأشكال المميزة المرسومة على الأطباق، وقديماً كانوا يضعون في الاعتبار أثناء خطبة الفتاة أن تكون ماهرة في صنع أطباق القش

وأشار "محمد أبو علي" أحد بائعي القش بالقول: «أغلب مزاولي الحرفة في "إدلب" من النساء لكون طبيعة عملهن تتطلب المكوث في المنزل لفترات طويلة، وهن الأقدر على تقدير شكل وحجم الأوعية المطلوبة، فضلاً عن البراعة والحس الفني والتحلي بالصبر الذي تتطلبه مزاولة هذه الحرفة، ففي السابق كان الفلاحون بحاجة إلى أوعية مختلفة الأحجام والأشكال لنقل إنتاجهم الزراعي من الحقول إلى البيادر ومنها إلى المنازل، إضافة إلى نقل مستلزمات الإنتاج، وفي أيام الحصاد كانت النسوة تحصدن سنابل القمح وينتقين منها السوق الجيدة الطويلة غير المتكسرة، ثم يقمن بتخزينها على شكل رزم لأيام الشتاء لاستخدامها في صناعة الأطباق والأوعية المختلفة».

أياد النساء تتفنن في القش

ويقول الباحث التاريخي "إبراهيم سليمان": «كانت النساء يحاولن إبراز براعتهن بهذه الحرفة ويتباهين بها، ويتنافسن على صنع أفضل وأجمل الأطباق من خلال الرسومات والأشكال المميزة المرسومة على الأطباق، وقديماً كانوا يضعون في الاعتبار أثناء خطبة الفتاة أن تكون ماهرة في صنع أطباق القش».

عن طريقة صناعة القش تحدثت الحاجّة "صالحة الدبل" بالقول: «المادة الأساسية في هذه الصناعة هي "قصل" القمح بعد أن تقطف منها السنابل لكونها قوية ومرنة ومتوافرة بكثرة في موسم الحصاد، حيث نقوم بجمع تلك الأعواد وتخزينها وربطها على شكل حزم، لتتم صناعتها وخاصة في فصل الشتاء، حيث وقت الفراغ الطويل لعدم وجود أعمال زراعية نقوم بها».

صالحة الدبل

وعن مراحل العمل بهذه الحرفة قالت: «في البداية نقوم بنقع "قصل" القمح بالماء لمدّة يوم أو يومين، لتصبح طريّة ومرنة، وأحياناً تتم صباغة العيدان بألوان متعددة، أو تصنّع كما هي حسب نوع الطبق أو الوعاء المراد صناعته، ثم نأخذ حزمة من العيدان عددها نحو خمسة عشر عوداً تقريباً متساوية الطول، وتلف هذه الحزمة بعود آخر وقبل نهايته يتم وصله بعود آخر بواسطة "المخرز"، وهو أداة معدنية تشبه "المسلّة" أحد أطرافها أرفع من الطرف الآخر، وهي أساسية في هذه الحرفة لمواصلة عملية لف الحزمة، حيث يبدأ الطبق بشكل دائرة ضيقة جداً تتسع إلى أن يأخذ الوعاء أو الطبق شكله النهائي، وأحياناً تقوم بعض الفتيات برسم بعض الأشكال على الطبق أو كتابة كلمات لتزيينه والتباهي بمهارتهن في هذه الصناعة، ومؤخراً تمّ استخدام العيدان البلاستيكية في هذه الصناعة بدلاً من "قصل" القمح لسهولة الحصول عليها بألوان مختلفة خلال كافة فصول السنة».

ربط سنابل القمح في أحزمة