يحمل شهر "رمضان" المبارك معه في كل عام أجواء دينية وروحانية واجتماعية مميزة إضافة إلى مجموعة من العادات والتقاليد الاجتماعية والأسرية التي تجعل منه شهراً مميزاً ومختلفاً عن بقية أشهر السنة.

وعن هذه الطقوس والعادات والصور المتعددة للألفة الاجتماعية بين الناس في شهر الصوم والتي تشكل لوحة غنية للحياة، يقول الباحث "هيثم نجار" الذي التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7/7/2013: «على الرغم مما يحمله شهر "رمضان" من مظاهر تجمع الصائمين على اختلاف شرائحهم وألوانهم وثقافاتهم وبلدانهم من عبادات وصلوات ونوافل وطقوس دينية، فإن ثمة مظاهر وعادات تختلف بين منطقة وأخرى أو بين محافظة وأخرى وبين دولة وأخرى تضفي أجواء اجتماعية محببة ينتظرها الناس كل عام ويتحضرون لها ويحرصون على التمسك بها ولعل استقبال الشهر الفضيل هو من بين تلك العادات والتقاليد التي كانت ومازالت موجودة بأجوائها المميزة والتي إن اختلفت أو تضاءلت كثيراً عما كان عليه الأجداد والآباء إلا أنها تبقى موجودة وخاصة لدى كبار السن».

ومن المتعارف عليه أيضاً أن يقوم الأهل والأصدقاء بدعوة بعضهم بعضاً لتناول طعام الإفطار حيث يقوم الإخوة بالاجتماع كل يوم عند فرد من أفراد الأسرة، وكل واحد يقوم بإعداد أكلات مختلفة إلا بعض الأطباق الأساسية في "رمضان"

يضيف: «ففي محافظة "إدلب" يكون الاستعداد لهذا الشهر الكريم قبل أيام عبر التحضر والاستعداد وشراء المواد الغذائية والاحتياجات الضرورية التي يكثر استخدامها خلال شهر الصوم وتزيد وتيرة الاستعداد مع اقتراب موعد قدوم "رمضان"، حيث يكون الحديث المتبادل بين الناس هو عن موعد أول أيام الصيام وترقب الهلال وغالباً ما يطلق البعض التنبؤات حول ذلك فهذا يقول إن أول يوم سيكون كذا ليرد عليه آخر بأن الأقرب هو يوم كذا حسب رؤيته للهلال وهكذا يستمر السؤال والحديث والنقاش حتى يتم إثبات أول أيام الشهر كما هو معتاد في "إدلب" وفي أغلب المحافظات السورية».

من موائد رمضان

الباحث "عبد الحميد مشلح" قال: «أول إشارة لبدء شهر الصوم تكون عبر إطلاق مدفع "رمضان" لعدة مرات متتالية حيث يتم الحديث عن إثبات "رمضان" ويعلو التكبير في المساجد وفي الشوارع ويتبادل الناس التهاني ببدء شهر الرحمة والخير والبركة وهم يتبادلون عبارات "طاعتكم مباركة" أو "كل عام وأنتم بخير".

أحد وجهاء "إدلب" وهو "طه حكيم" كان قبل أكثر من مئة عام يقوم بتحمل نفقات "مدفع رمضان" الذي كان يضرب على "تلة الرمادة" التي أصبحت حالياً وسط المدينة».

الباحث عبد الحميد مشلح

وعن عادات اليوم الأول من "رمضان" يشير: «يحمل اليوم الأول من الصيام عادات وتقاليد مميزة عند معظم الأسر، فعلى الأغلب يكون كما هو متعارف عليه باجتماع جميع أفراد الأسرة الواحدة في اليوم الأول في بيت كبير العائلة سواء أكان ذلك عند الوالدين أم عند الأخ الأكبر لتناول طعام الإفطار، حيث يلتم شمل العائلة على مائدة الإفطار ويجتمع الإخوة والأبناء والأحفاد بما فيهم القادم من السفر والذين يواظبون على هذا التقليد ويصرون على تناول طعام الإفطار في اليوم الأول مع الإخوة والأهل في طقس اجتماعي محبب لدى معظم أبناء المحافظة».

يضيف: «ومن المتعارف عليه أيضاً أن يقوم الأهل والأصدقاء بدعوة بعضهم بعضاً لتناول طعام الإفطار حيث يقوم الإخوة بالاجتماع كل يوم عند فرد من أفراد الأسرة، وكل واحد يقوم بإعداد أكلات مختلفة إلا بعض الأطباق الأساسية في "رمضان"».

ويقول الحاج "عبد الرحمن أحمد": «من العادات التي مازالت موجودة ما يعرف ب"المساكبة" أو "السكبة" بين الجيران سواء بالريف أو المدينة حيث تقوم كل أسرة بإرسال جزء من الطعام الذي تم تحضيره للإفطار إلى الجيران في البناء أو في الحي وعلى مدار الشهر، ويتبادل الجيران إرسال الطعام إلى بعضهم بعضاً وبشكل يومي حتى إن الفقير الذي لديه القليل من الطعام يكاد لا يصل إلى موعد الإفطار إلا وقد اجتمع على مائدته مختلف أنواع الأطعمة والجميع يقول ويكرر العبارة المشهورة "رمضان كريم" والتي لها خاصيتها المميزة، وأن الصائم يحتار قبل موعد الإفطار ماذا يصنع من طعام إلا أن مائدة إفطاره تكون ملأى بأنواع مختلفة من الأطباق».