يعود خبز "الشراك" "خبز الصاج" إلى الواجهة، بذات الحضور القديم منافسا للأفران. حيث لم تستطع الحياة بكل تعقيداتها أن تلغي دور الصاج في إعداد الخبز المعد على نار الحطب وبقايا الأغصان وكون الصاج في تكوينه لا يعدو عن صفيحة حديدية، دائرية، محدبة من الخارج، ومقعرة من الداخل قطرها لا يتجاوز 60 سم.

وعن الصاج تحدثنا السيدة "خالدية الجاسم" (أم جاسم) من قرية "الرملة" قرب "سنجار" لمدونة وطن esyria بتاريخ 4/7/2009 قائلة: «الصاج كان وما زال رفيقا للبدوي والفلاح، على السواء وهو جزء لا يتجزأ من مكونات البيت البدوي وبواسطته يعد الشراك "خبز الصاج" كونه أحد محاور الضيافة العربية فهو والمنسف توأمان ولابد لهما من أن يلتقيا أمام الضيف. وحاجة الناس، وبُعدهم عن مراكز المدن، إلى جانب قناعاتهم بمنتجهم من الخبز دفعت بأن يحتفظ الصاج بموقعه ويبقى في الصدارة ولكن حديثا ألغت الأفران دوره في كثير من بيوت البدو إلا أنها عجزت عن المنافسة، في جودة المنتج من الخبز فثمة فارق في الطعم بين خبز الشراك "خبز الصاج" الذي يعد على نار الشيح والغضا وبين خبز الأفران حيث يعد على رائحة وقود النفط ».

يكون بنفس طريقة "الشراك" لكن العجينة لا ترق كثيرا فتبقى أكثر سماكة من الشراك وغالبا ما تدهن بالزيت لتتكتسب إحمرارا أكثر للوجه أو يضاف اليها خليط من الفليفلة والسمسم وأنواع من التوابل ممزوجة بالبصل المفروم ناعما ليضيف إليها نكهه خاصة، ويدهن أحيانا وجهها بالزعتر البري المخلوط بالزيت والتوابل المكون من مجموعة من الأعشاب التي تنبت بين الصخور

أما عن العجينة وطريقة صنع الخبز فتقول السيدة "عمشة الفجر" "أم مطرود": «إن خبز الصاج هو أحد أنواع الخبز العربي ويصنع من دقيق القمح الكامل الصحي. يُعجن طحين القمح مع الماء والملح، بعدها تبدأ عملية الترويج أي قطع العجين لأحجام صغيرة، كل قطعة هي مكونات لرغيف خبز واحد.

الأرغفة على الصاج

بعد خبزه ويترك العجين للتخمير. عندما يكون العجين جاهزاً للخبز، تبدأ البدوية بتحمية الموقد للبدء بعملية الخُبز، فتأخذ قطعة عجين مختمرة وتبدأ برق العجين على اللوحة وهي طاولة خشبية صغيرة ثم تأخذ العجين المرقوق وتبدأ بـ التلويح فتنقله من يمينها إلى يسارها وبالعكس بحركات أنثوية ولمرات عديدة حتى يصبح العجين على شكل دائرة قد يصل قطرها إلى قطر الصاج المخبوز عليه، ويصبح رقيقاً مكوناً من طبقة واحدة فقط هي أقرب إلى الشفافية.

بعدها يوضع على الكارة قبل إلقائه على الصاج ريثما يُنزع الرغيف الطازج عنها بعد أن تغير لون العجين إلى الأسمر نتيجة الحرارة العالية للصاج ، ويوضع الرغيف المخبوز على جونية وهي طبق منسوج من القش ليتراكم رغيف فوق رغيف حتى الانتهاء من الخبز». ‏

أم جاسم و هي تداعب الرغيف بي يديها

أما عن "اللزاقي" تضيف "أم مطرود": «يكون بنفس طريقة "الشراك" لكن العجينة لا ترق كثيرا فتبقى أكثر سماكة من الشراك وغالبا ما تدهن بالزيت لتتكتسب إحمرارا أكثر للوجه أو يضاف اليها خليط من الفليفلة والسمسم وأنواع من التوابل ممزوجة بالبصل المفروم ناعما ليضيف إليها نكهه خاصة، ويدهن أحيانا وجهها بالزعتر البري المخلوط بالزيت والتوابل المكون من مجموعة من الأعشاب التي تنبت بين الصخور».

وعن الخبز تقول السيدة "جهيدة الحمدو"، "أم جاسم": «في العادة يكون حجم الرغيف الواحدة بحجم قطر الصاج إلا قليلا لكنها رقيقة فعلامة رقها دليل على براعة المرأة البدوية فن صناعتها .إذا ما أراد البدوي أن يكرم ضيفه فإنه يحرص على أن يكون خبز الشراك "خبز الصاج" البلدي موجودا كأحد مكونات المنسف وعادة ما يلجا الكثيرون من سكان المدن إلى توصية على خبز الشراك "خبز الصاج" البلدي من البوادي والأرياف لاسيما في المناسبات والولائم».

الكارة و الشوبك وعلى يسارها الرحى

وعن أنواع الخبز الذي يخبز على الصاج تقول السيدة "هاجر العبدو": «تتعدى استخدامات الصاج إلى أنواع أخرى من الخبز غير الشراك منها اللزاقي كونه يلصق على ظهر الصاج بعجينة عويص غير مخمرة بعد أن تصل درجة حرارة الصاج إلى حد معين تكفي لإنضاجه خلال خمس دقائق فهو أكثر سماكة من خبز "الشراك" لذا يحتاج إلى نار أقوى ووقت أطول بعض الشئ. لكن النوع الثالث من أنواع خبز الصاج يعرف بـ المصالي فهو أكثر سماكة مما سبقه يحتاج إلى أن يصلى بالنار وقت أكثر لذا جاء اسمه بـ المصالي يصنع من العجين المخمر ويستعمل مع الطعام العادي للتغميس».

وتشير "الحمدو": «إلى أن خبز الصاج هو خبز سهل التحضير كان أجدادنا يحضرونه يوميا على الصاج فوق النار وهذه الطريقة قديمة جدا تعود إلى مئات السنين. حيث يتم رق العجين عندنا على شكل دائري كبير، قد يصل قطره الى أكثر من مترفي بعض الأحيان. و يتكون من طبقة واحدة رقيقة. ثم يخبز على الصاج. ويتميز بسهولة هضمه وطيب طعمه. ومن شروط اختيار الزوجة عند البدو براعتها في إعداد الطعام والشرط الأهم براعة المراة البدوية تكمن في إعداد خبز الصاج وتبرز براعتها في الخبز بازدياد قطر الرغيف المخبوز ورقته.‏

يسمى هذا النوع من الخبز أو شبيهه بخبزالشراك أو بخبز"الركاك" في بعض المناطق حيث يجهز على شكل تبقى فيه الرغيف طرية بعد خبزها حيث يوضع كل ثلاثة أو أربعة أرغفة فوق بعضها وتطوى وتلف في قطعة قماش أو أن يترك كل رغيف على حاله ليتيبس وتوضع الأرغفة فوق بعضها لحين الاحتياج إلى استخدامها فيرش بالماء ويستخدم».

ومن العادات المتوارثة في إعداد الخبز تضيف: «تجتمع عدة نسوة من بيوت متقاربة ليتساعدن على إعداد الخبز فتاتي كل منهن بالعجين اللازم لهذا اليوم وتخبز كل واحدة عجينها وتساعدها الأخريات لتنتهي ومن ثمة تبدأ الأخرى حتى تفرغ جميعهن من الخبز وفي غالب الأحيان تكون كمية الخبز تكفي لوجبة من الطعام إما الفطور أو الغداء أو العشاء ليبقى دائما الخبز على قولهم "تازا " أي حديث الصنع.

ومن الأدوات التي ترافق الصاج "الشوبك" وهو أسطوانة من الخشب يرق بها العجين و"الكارة" هي قطعة من منسوجة من القش يغطيها قماش تكون مساحتها بمساحة الصاج وسماكتها حوالي الـ7 سم. وعادة ما تفضل المرأة إعداد خبز "الشراك" على غيره من خبز الصاج فهو أسرع وأقل جهداً وأقل تعاملاً مع النار التي يمتطيها الصاج على مثلث من الأحجار تعرف واحدتها بـاللدية ومجموعها لدايا".

* تم تحرير المادة 2009