تفخر محافظة إدلب بامتلاكها ثروة عريقة من الأزياء الشعبية الأصيلة ذات التنوع والتي رغم سعي أبنائها للحفاظ عليها لا تزال تتلاشى بصمت.

تُصنع هذه الأزياء من القطن ويختار لها ألوان وزخارف بديعة، وتنتشر في الريف الإدلبي كقرى (سراقب- خان شيحون- بنش- سرمدا)، لكن ومع دخول الأزياء المدنية إلى الريف بدأت تتراجع شعبية الزي الريفي الشعبي الذي غدا مهدداً بالاندثار.

يتألف زي المرأة في خان شيخون من الكب الأسود اللون المصنوع من القطن والمطرز قديماً بخيوط الحرير الطبيعي أما الآن فيستعان بخيوط الحرير الصناعي، حيث تطرز الأيدي رسوماً جميلة على الكتفين والصدر المزيّن بالقصب والخيوط الزاهية وهو أشبه بالكلابية ويخاط باليد إذ يستمر خياط الكب الواحد من (6-12) شهراً حسب كثافة التطريز

مدونة وطن eSyria التقت السيدة "إخلاص سرماني" من قرية خان شيخون والتي حدثتنا عن الزي في قريتها قائلة: «يتألف زي المرأة في خان شيخون من الكب الأسود اللون المصنوع من القطن والمطرز قديماً بخيوط الحرير الطبيعي أما الآن فيستعان بخيوط الحرير الصناعي، حيث تطرز الأيدي رسوماً جميلة على الكتفين والصدر المزيّن بالقصب والخيوط الزاهية وهو أشبه بالكلابية ويخاط باليد إذ يستمر خياط الكب الواحد من (6-12) شهراً حسب كثافة التطريز».

وتتابع السيدة سرماني قائلة: «كانت هناك نساء متخصصات بخياطة الكب لأنه كان اللباس السائد آنذاك ويتكون زي "خان شيخون" من الكب وعلى الرأس شمبر أسود من القطن يتدلى على الصدر ويلف الرأس بالعصبة المرصعة بخيوط الفضة وأحيانا الفضة مع الذهب. أما بالنسبة للحلي الذهبية المستخدمة فهي: الشوكة وقطعة صغيرة مثلثة الشكل لها حلقات من الخلف وكلابة من الأمام ومرصعة بحجر كريم تربط العصبة والشمبر. الثريا: وهي عشر ليرات ذهبية مصفوفة كل ثلاثة تشكل مثلثاً يتوسطه حجر كريم وتستخدم بدلاً من الشوكة. الشباح: سلسلة من الليرات الذهبية أرباع وأنصاص أو كاملة تربط بسلسلة ذهبية أو خيط قطن أحمر. الشنون: يتألف من مثلث ذهبي على الجبهة يتوسطه حجر كريم ومثلثان على جانبي الرأس فوق الأذنين ومشنشلات بسلاسل ذهبية وتربط هذه القطعة بسلسلة ذهبية تربط خلف الرأس».

وختمت السيدة إخلاص حديثها موضحة بأن هناك فارقاً يميز العازبات من المتزوجات في اللباس حيث إن العازبات لا يضعن الذهب، والعصبة توضع فوق الذقن بينما المتزوجات يضعنها على نصف الرأس ويعتقد بأن ذلك الزي آرامي الأصل فقد كان سكان ريف بلاد الشام يرتدون هذا الزي الذي سمي الزي الشامي ومازال يوجد في فلسطين والأردن وغالباً ما يستخدم كلباس فلكلوري للمناسبات وعموماً فإنه منذ الخمسينيات بدأ يتقلص ويتراجع مع توافر أقمشة أرخص ثمناً وأقل كلفة.

تشكل الأزياء الشعبية في محافظة ادلب تراثاً شعبياً لسكان المدن والريف وتعكس البيئة الجغرافية والعادات والتقاليد الاجتماعية والنشاط الزراعي والاقتصادي السائد وفق خصوصية كل منطقة على حدة.

وحسب الصحفي "زياد طالب" فقد كتب عن هذا الموضوع في جريدة "الجماهير" في باب "مجتمع" بتاريخ 7/8/2008 فقال: «ويشير محمد الخطيب الباحث في مجال التراث الشعبي أن اللون الأسود هو اللون السائد للأزياء الشعبية الرجالية والنسائية في المحافظة وهو رمز للعفة والوقار ويزين بالحرير الطبيعي حيث تقدر قيمة اللباس بما يزينه من الحرير الطبيعي وهو يعكس الوضع المادي والمكانة الاجتماعية والبيئية المحيطة فالزي الشعبي في مدينة خان شيخون يتألف من ( الكب الأسود) المصنوع من القطن والمطرز بالحرير الطبيعي ويشكل رسوماً وألواناً جميلة على الكتفين ومزركش بالقصب والخيوط الذهبية وتتم خياطته يدوياً حيث كانت تستمر بين 6 أشهر والسنة الكاملة حسب كثافة التطريز وكان يصنع من قبل نسوة متخصصات بهذا الفن حيث كانت تعقد السهرات الاجتماعية من أجل خياطته ويتكون الزي الشعبي في منطقة خان شيخون من الكب وعلى رأسه شمبر أسود مصنوع من القطن بنسيج مكرنش يبدأ من الطاقية ثم الشمبر الذي يتدلى على الصدر ويلف الرأس بكامله وأهم الحلي الذهبية المستخدمة بصناعة الزي في تلك المنطقة هي:‏

  • الشوكة: وتتألف من عشر ليرات ذهبية صغيرة الشكل لها حلقة من الخلف ومرصعة بحجر كريم تربط بين العصبة والشمبر.‏

  • الشباح: وهي سلسلة من الليرات الذهبية تربط بسلسلة ذهبية أو خيط قطن أحمر.‏

  • الشنون: وهو مثلث ذهبي على الجبهة يتوسطه حجر كريم ومثلثان على جانبي الرأس فوق الاذنين ومشنشلات بسلاسل ذهبية وتربط بسلسلة ذهبية تربط خلف الرأس».‏

  • ويشير الباحث الخطيب في مقالة كتبها في جريدة "الجماهير" إلى انه «يمكن تمييز الفتيات العازبات من المتزوجات من خلال اللباس والحلي الذهبية حيث في الحالة الأولى يضعن العصبة تحت الذقن ولا يضعن الذهب بينما المتزوجات يضعنها أي العصبة على منتصف الرأس.‏

    ويتميز الزي الشعبي في منطقة سراقب شرق محافظة ادلب 8 كم بأهمية خاصة وهو أكثر الأزياء الشعبية شهرة واستخداماً حتى وقتنا الحاضر ويتألف من:‏

    غطاء الرأس (الحطاطة) وهي قطعة من الحرير الأسود مربعة الشكل ومطرزة بخيوط القصب أو الذهب وتوضع على الرأس بطريقة فنية لتلف كامل الرأس وتبدو وكأنها تشبه العمامة.‏

    القندورة وهي القطعة الرئيسية التي تميز خصوصية المنطقة وتتكون من القماش الغالي الثمن ولونها أسود حصراً وتكون إما لامعة وتسمى الطلس أو سوداء فاتحة وتخاط بشكل فضفاض أو سوداء فاتحة ومطرزة بالحرير الأحمر الخام وذلك انسجاماً مع تراث المنطقة وتحلى ببعض الخياطات الملونة لاكسابها قيمة جمالية ولها عدة أنواع (الطلس- السكة- القيس) حيث تعد قندورة الطلس الأغلى ثمناً لكون مدة خياطتها التي تتم يدوياً تأخذ وقتاً أطول وتحتاج كمية أكبر من الحرير.‏

    الشمبر: ويتكون من قطعة قماش طولها سبعة أمتار وعرضها 20 سم مصنوعة من الحرير الخام تغطي عنق المرأة والصدر والظهر وهي قطعتان ويحلى بمجموعة من القطع الذهبية على جانبي الوجه وتسمى (العوينة) كما يحلى أعلى الرأس والظهر بسلسلة يبلغ طولها المترين محملة بالقطع الذهبية وتوضع على لفتين على الظهر وتسمى (المرسلة) ويعلق الشمبر على الحطاطة بما يسمى "الدح" وهي قطعة محملة ببعض القطع الذهبية على جانبي الرأس».‏

    وأشار الخطيب الى أن «الأزياء الشعبية في بقية مناطق المحافظة تتشابه فيما بينها مع وجود اختلافات بسيطة ففي مدينة بنش يسمى الزي الشعبي الشالح البنشي بدلاً من القندورة والكب ويتألف من قطعة مصنوعة من الحرير أو المخمل وما يميزه انه يلف خصر المرأة بزنار مصنوع من القماش القطني ذي اللون الأبيض بطول مترين وعرض 15 سم ويعقد على الخصر الأيسر ويتدلى طرفه الى الأسفل.‏

    كما أن الزي الشعبي في منطقة سرمدا وهو زي المناطق الشمالية من المحافظة يشابه زي منطقة بنش لكنه يختلف في غطاء الرأس والحلي الذهبية لكنه يختلف عن أزياء سراقب وخان شيخون ويتكون من روب كامل من قماش المخمل.‏

    وتتميز المحافظة بالأزياء الشعبية التراثية الرجالية وتتكون من:‏

    الشروال والملتان والشالة والعرقية والحطاطة والجنادية والكسرية وهو حذاء مصنوع من جلد الحيوانات الطبيعي اضافة للباس الدامر وهو عبارة عن قمباز طويل مصنوع من الجوخ أو الحرير الصناعي ولباس الكلابية مع الدامر ويتألف من الكلابية المغلقة بدلاً من القمباز وهي مفتوحة الصدر مطرزة بالحرير حول فتحة الصدر ونهاية الاكمام اضافة الى لباس الكلابية مع المشلح وغالباً ما يستخدمه المتقدمون بالسن».‏

    (*) تم تحرير المادة بتاريخ 10 /1/2008.