تميزت ثورة الشمال التي قامت بقيادة الزعيم "ابراهيم هنانو" بتنظيمها على المستوى العسكري والإداري، كما أنتجت شخصيات هامة على مستوى النضال الوطني ما زالت طي النسيان رغم بروزها كقادة ألوية في أركان الثورة، ولعل أبرز أولئك القادة هو الشيخ "يوسف السعدون" قائد لواء أنطاكية وأول من حمل السلاح في وجه المستعمر منذ دخوله إلى سورية، فاستحق أن يسمى مهرجان "هنانو" في دورته الثانية باسمه.

عن الشيخ "يوسف السعدون" الشيخ الأمي تحدث الأستاذ "محمد خالد عمر" رئيس اللجنة الوطنية لذاكرة الشمال السوري قائلاً: «لم يكن هذا المجاهد من أبناء الطبقة الثرية أو المثقفة، بل كان رجلاً يحظى بأهميته الاجتماعية في منطقته "أنطاكية" ودليل ذلك أنه كان شبه أميّ، تعلم القراءة والكتابة في حلقات الكتاتيب، وبعد دخول فرنسا للساحل السوري بعد الاستقلال عن الدولة العثمانية كوّن وبعض رفاقه مجموعةً تذود عن المنطقة الشمالية وقام بعدة معارك حربية ضد الاحتلال أعطته الأسبقية في حمل السلاح قبل معركة ميسلون التي جرت عام /1920/ وقبل أن تتشكل ثورة "هنانو" والتي انضم إليها برفقة الشيخ "عمر البيطار" منذ قيامها».

لم يكن هذا المجاهد من أبناء الطبقة الثرية أو المثقفة، بل كان رجلاً يحظى بأهميته الاجتماعية في منطقته "أنطاكية" ودليل ذلك أنه كان شبه أميّ، تعلم القراءة والكتابة في حلقات الكتاتيب، وبعد دخول فرنسا للساحل السوري بعد الاستقلال عن الدولة العثمانية كوّن وبعض رفاقه مجموعةً تذود عن المنطقة الشمالية وقام بعدة معارك حربية ضد الاحتلال أعطته الأسبقية في حمل السلاح قبل معركة ميسلون التي جرت عام /1920/ وقبل أن تتشكل ثورة "هنانو" والتي انضم إليها برفقة الشيخ "عمر البيطار" منذ قيامها

وعن انضمامه للثورة برفقة الشيخ "عمر البيطار" وقيادته الفصيل الشمالي تحدث السيد "عمر البيطار" حفيد المجاهد الشيخ "عمر البيطار" فقال: «لم يكن الشيخ يوسف السعدون وجدي يملكان الثقافة القيادية ليكوّنا ثورة منفصلة تكوّن جبهة نضالية في الشمال السوري، مما دعاهما إلى اللجوء إلى الزعيم "هنانو" بعد إعلان ثورته، على اعتبار أنه شغل عدة مناصب قيادية وإدارية في الدولة العثمانية، فكان ضابطاً في الجيش العثماني وقاضي تحقيق ومندوب منطقة "حارم" للدستور، ثم رئيساً لديوان ولاية "حلب"، جميع هذه العوامل جعلت قادة الثورات المتفرقة يجتمعون تحت رايته ومنهم الشيخ "السعدون" و"عمر البيطار"، ولأن الإدارة هي أهم ما ميز الثورة فقد قسمت إلى فصائل يرأسها قائد عام للثورة، ففي الفصيل الشمالي الذي يشمل أنطاكية وريفها كان "السعدون" هو قائد الثورة فيها، أما في منطقة الحفة والقطاع الجنوبي فقد ترأس الشيخ "عمر البيطار" أركان الثورة، وفي منطقة "حلب" وريفها كان المجاهد نجيب عويد، فيما تركز "مصطفى حج حسين" في جبل الزاوية».

الأستاذ محمد خالد عمر

ويتحدث الباحث التاريخي "صلاح الدين كيالي" عن دور الفصيل الشمالي الذي ترأسه الشيخ "يوسف السعدون": «انطلق الشيخ في مقارعة الاحتلال من جانبين: الأول يتمثل في الذود عن تراب الوطن وتحريره من الغزو الطامع في مقدراته، والثاني هو إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة التي تخضع لنفوذه وهي "أنطاكية" و"سهول حارم" و"لواء اسكندرون" حتى الساحل الشمالي لسورية، لذلك كانت الثورة المدعومة من الدولة العثمانية ذات قوة ضاربة أجبرت الاحتلال مرات عديدة عن التراجع فقاد عدة معارك مصيرية امتدت حتى منطقة "جسر الشغور" المعركة التي تكبد فيها الاستعمار خسائر مريرة في العتاد والأرواح، وكان الشيخ "يوسف السعدون" كبقية قادة الثورة يطبق مقولة هنانو: "أنا لا آمركم بأمر لا أنفذه"، فكان دائما على رأس المحاربين يقودهم ويقف معهم في ساحة المعركة».

المحطة الثانية في رحلة الجهاد للشيخ "السعدون" يرويها كتاب "الندوة التكريمية للزعيم هنانو" والذي أصدرته اللجنة الوطنية لذاكرة الشمال تكريماً له: «بعد انعقاد المؤتمر الذي حلت فيه ثورة الشمال عام /1921/ والذي تم في قرية "كنصفرة" اختار "السعدون" الذهاب إلى تركيا برفقة كل من "نجيب عويد" و"عقيل اسقاطي" ليشكلوا ثورات متفرقة بمبدأ حرب العصابات، كانت مهمتها ترويع جيش الاحتلال ومواجهته عن بعد ونصب الكمائن له، لذلك عرفت هذه المجموعات بكلمة "الجتا" ومعناها "قاطعو الطرق"، وبعد توقف الدعم للثورة اختار أن يعيش في قرية "مرعش" في ريف "أنطاكية" ليعود بعد الاستقلال ويعيش في بلدة "سلقين" ويرى وطنه سورية لأول مرة منذ ولادته عام /1882/ حراً من سلطة الغرباء».

رسم للشيخ يوسف السعدون

عاش الشيخ "يوسف السعدون" ما يزيد على /90/ عاماً أمضى نصفها على صهوة جواده برفقة البندقية فاستحق أن يخلد التاريخ اسمه بين الأسماء التي يأبى نجمها الأفول في معركة الحرية وليدفن عام /1980/ في الأرض التي حماها لتحتضن جسده.