أكثر من خمسة وعشرين عاماً قضاها الدكتور "حميدو حمّادي" مع نصوص اللغة الإيبلائية، فعشقه لـ"إبلا" ولغتها دفعه لبذل الكثير من الجهد والتعب في سبيل فهمها، والدكتور "حمّادي" هو أول من يحصل على ماجستير في اللغات المسمارية القديمة من جامعة "حلب"، وكان ذلك في عام 1983، وصاحب أول دكتوراه في اللغات المسمارية القديمة في جامعة "حلب" عام 2003، ومنذ أكثر من ربع قرن وهو يواظب على دراسة نصوص أرشيف "إبلا"، ويتابع كلّ الأبحاث التي تصدرها جامعة "روما" الإيطالية عن هذه النصوص.

في لقاء مع موقع eIdleb يقول الدكتور "حميدو حمّادي" عن حكاية عشقه لـ"إبلا": «إنّ تعلقي بأرشيف "إبلا" جاء بطريقة المصادفة، فأثناء تأدية الخدمة الإلزامية في عام 1978، وجدت على مجلّة الحائط في ثكنتي العسكرية مقالة عن أرشيف "إبلا"، فتولد لديّ فضول كبير أن أعرف ماذا حوت هذه النصوص، وكيف وثّقت لحياة تلك المملكة العظيمة، وفي أوائل الثمانينات استضافت "حلب" ندوة عن اللغات المسمارية، حضرها خبراء لغويون أجانب، هذه الندوة زادت من عشقي للغات الشعوب القديمة، وعندما أُحدث دبلوم اللغات المسمارية في جامعة "حلب"، كنت أول المسجّلين لدراسته، وكنت متحمساً للدخول في ميدان الدراسات المسمارية، فحصلت على أول شهادة ماجستير في هذا الاختصاص الصعب عام 1983، ببحث حول لهجة مملكة "ماري"، وتفرّغت بعدها لدراسات اللغات المسمارية، حيث انتقلت من التعليم إلى العمل ضمن ملاك وزارة الثقافة لأكون أمينا لرقم "إبلا" في متحف "حلب"، وذلك قبل تأسيس متحف "إدلب" وانتقال الأرشيف إليه، وبذلك وجدت نفسي قريباً جداً من النصوص التي كنت أطمح لكشف طلاسم لغتها، ، وكوني أحمل ماجستير لغات مسمارية، كنت أشعر بالخجل أن لا يكون لديّ علم بلغة تلك الرُقم المسمارية، فبدأت بمحاولات لتطوير نفسي في لغة "إبلا" من خلال التقرب من عمل اللغويين الأجانب العاملين في ترجمة تلك النصوص، فتولدت لديّّ رغبة كبيرة بأن أقدم رسالة الدكتوراه عن لغة "إبلا"، ولكن في تلك الفترة لم تكن توجد دراسات كثيرة عن هذه اللغة، فتناولت في رسالة الدكتوراه الطقوس الدينية في نصوص مملكة "إيمار" "مسكنة" حالياً على نهر الفرات، وقد استغرق التحضير لرسالة الدكتوراه وقت طويل زاد عن عشرين عاماً، وقد ناقشني في الرسالة كبير لغوي "إبلا" البروفسور "ألفونسو أركي"، ولكن اهتمامي بنصوص "إبلا" لم ينقطع أبداً خلال التحضير لرسالة الدكتوراه، بل على العكس زاد اهتمامي بها، نظراً للقرب الكبير بين الطقوس الدينية في "إيمار" وطقوس "إبلا"، وبدأت محاولات جادة لترجمة نصوص "إبلا"، فكانت البداية مع بعض الكلمات، والجمل القصيرة حتى استطعت أن أتقن هذه اللغة»

أنا حريص جداً على متابعة كافة المجلدات التي تصدرها جامعة "روما" عن أرشيف "إبلا"، وقد صدر عن الجامعة حتى الآن حوالي خمسة عشر مجلداً، وإنّ ترجمة هذا الأرشيف إلى اللغة العربية يتطلب جهدا مؤسساتيا كبيراً، وتعاوناً من قبل المتخصصين باللغات الإيبلائية والسومرية والعربية والإيطالية، فالموضوع ليس عملاً فردياً وإنّما مؤسساتياً، ومثل هذه المؤسسة غير موجودة في "سورية" حالياً

وعن متابعته لما ينشر عن نصوص "إبلا" وإمكانية ترجمة هذه المجلدات إلى العربية يقول الدكتور "حمّادي": «أنا حريص جداً على متابعة كافة المجلدات التي تصدرها جامعة "روما" عن أرشيف "إبلا"، وقد صدر عن الجامعة حتى الآن حوالي خمسة عشر مجلداً، وإنّ ترجمة هذا الأرشيف إلى اللغة العربية يتطلب جهدا مؤسساتيا كبيراً، وتعاوناً من قبل المتخصصين باللغات الإيبلائية والسومرية والعربية والإيطالية، فالموضوع ليس عملاً فردياً وإنّما مؤسساتياً، ومثل هذه المؤسسة غير موجودة في "سورية" حالياً».

الدكتور حميدو حمادي أثناء حديثه لموقع eIdleb

أخيراً نذكر بأن الدكتور "حميدو حمّادي" من مواليد مدينة "حلب" عام 1953، حاصل على إجازة في اللغة العربية، ملم بعدد من اللغات الحية كالإنكليزية والفرنسية واليابانية.

جانب من مكتبته الغنية بالمراجع من مختلف اللغات