«إن من يطالع نشأة المرحوم "عبد الكريم شحادة" وسيرة حياته، ودأبه في طريق العلم، يؤمن بأن الإنسان الذي منحه المولى عقلاً راجحاً، ونيةً صادقة، لابد أن يصل إلى الهدف الذي تطلع إليه مهما طال الزمن.

آمن بالعلم فلم يقبع في عيادته، فنقل خبرته إلى جيل الأطباء الذين تتلمذوا على يديه، وآمن بأن الطبيب يجب أن يكون ذا ثقافةٍ واسعة».هذا ما ذكره الدكتور "بشير الكاتب" مؤلف كتاب ("عبد الكريم شحادة".. الطبيب.. المؤرخ.. الإنسان) في مقدمة الكتاب كتعريفٍ بأعظم الشخصيات الطبية السورية.

عبد الكريم ملأت الأرض معرفةً.. وكم فتحت بها أبواب أفهام.... وكنت رمز الطبيب الفذ يقصده.. فيشتفي ذو تباريحٍ وأسقام.... فاهنأ بذكرٍ جميلٍ رحت تتركه.. فينا كبحرٍ عظيمٍ هادرٍ طامي

وتحدث السيد "محمد جمعة حجازي" مدير ثقافي "جسر الشغور" عن نشأة هذه الشخصية العلمية الرائدة ودراسته قائلاً: «ولد "عبد الكريم شحادة" في "جسر الشغور" عام /1922/ لعائلة مكوّنة من /9/ أفراد، وحسبما جرت عليه العادة، ولأن والده لم يكن من أصحاب الملكيات، فقد تعلم "عبد الكريم" في "الكتّاب" ثم في المدرسة الابتدائية الوحيدة في البلدة التابعة لقضاء "إدلب"، وحصل عل الشهادة عام /1936/، وكان لابن عمه المهندس "نشأت" الدور الكبير في تحمل نفقات تعليمه وانتسابه إلى "المدرسة السلطانية" في "حلب" ليدرس الثانوية ويحصل على الشهادة عام /1944/، العام الذي انتسب فيه إلى "المعهد الطبي العربي" (كلية الطب) في الجامعة السورية، ثم يكمل تعليمه الجامعي بعد سنتين في "باريس" فحصل على درجة "دكتوراه في الطب" من جامعة "السوربون" عام /1951/».

السيد محمد حجازي مدير ثقافي الجسر

وعن أهم المواقع الوظيفية والعلمية التي شغلها الدكتور "شحادة" قال "حجازي": «في عام /1968/ بدأ التدريس في كلية الطب بجامعة "حلب"، ليرتقي إلى رئيس قسم الأمراض الداخلية، وأسس قسم "الجلدية" عام /1975/ وترأسه حتى عام

/1998/، وهو من أوائل مؤسسي "الجمعية السورية لأمراض الجلد" وترأسها على ثلاث فترات منذ عام /1981/ حتى

بمناسبة تسميته رئيساً لجمعية طب الجلد السورية

/2002/ ليصبح الرئيس الشرفي لها مدى الحياة، ثم أميناً عاماً لرابطة "أطباء الجلد العرب". ثم أسس عام /1973/ برفقة "أحمد الحسن" رئيس جامعة "حلب" آنذاك "معهد التراث العلمي العربي"، وترأس الدكتور "عبد الكريم" قسم العلوم الطبيعية حتى عام /2002/، وهو من مؤسسي "الجمعية السورية لتاريخ العلوم"، ونائباً لرئيسها.

أمّا أهم الأبحاث التي تطرق إليها فهي "الأمراض الجلدية في الطب العربي"، "ابن سينا الطبيب"، "طب الأطفال عند العرب"، "الحسبة في الطب وامتحان الأطباء في التراث العربي"، "صفحات من تاريخ التراث الطبي العربي الإسلامي"، إضافةً إلى مئات المشاركات في المؤتمرات والندوات والملتقيات الطبية العربية والعالمية».

رحل الدكتور "عبد الكريم شحادة" عام /2003/، لكن كتبه ومؤلفاته ما تزال مراجعاً طبيةً، وأخلاقه العلمية والمهنية أبقته خالداً في أفئدة تلاميذه مثلما خلّده الدكتور "محمود أبو الهدى الحسيني" فقال: «عبد الكريم ملأت الأرض معرفةً.. وكم فتحت بها أبواب أفهام.... وكنت رمز الطبيب الفذ يقصده.. فيشتفي ذو تباريحٍ وأسقام.... فاهنأ بذكرٍ جميلٍ رحت تتركه.. فينا كبحرٍ عظيمٍ هادرٍ طامي».