ورث مشيخة عشيرة "المرندية" عن والده الشيخ "كريّم المرندي"، هذه العشيرة التي تمتد من إيران إلى العراق وحتى شرق وشمال سورية. ويعود نسبه إلى الأشراف حسب شجرة النسب التي يحتفظ بها وأطلعنا عليها ولده الأستاذ "محمد شيخ كريّم" والتي تعود إلى عام /1275/ للهجرة. وكان الشيخ "عبد الله" واحداً من المجاهدين والثوار الفاعلين كما حدثنا السيد "حسين الشيخ كريم" لدى لقائه بموقع eIdleb حيث قال عن والده:

«كان والدي الشيخ "عبد الله" رحمه الله مراسلاً شفهيّاً بين الزعيم "إبراهيم هنانو" قائد ثورة الشمال و الشيخ "صالح العلي" قائد ثورة الساحل، وكان ينقل الرسائل سيراً على الأقدام من "حلب" إلى جبال "الشيخ بدر"».

في حياة والدي طلبته جمعية المحاربين القدماء لتخصيص راتب له ككل المجاهدين فقبل بذلك ولكنه تنازل عن الراتب الممنوح له لجمعية رعاية الأيتام

وعن كيفية نقله لهذه الرسائل أضاف: «كان والدي يذهب إلى رجل من المجاهدين يدعى "فياض" في قرية "عقربات" على الحدود التركية، ويأخذ من عنده قطيعاً من "الماعز" ويمضي إلى "الشيخ بدر" وجبالها حيث معاقل الشيخ "صالح العلي" بصفة راعٍ، وبذلك يوصل المعلومات من الزعيم "هنانو" إلى الشيخ "صالح" ويعود برسالة منه إلى "هنانو" ليتم التنسيق بين القائدين، ومن ثم يعود كما ذهب سيراً على الأقدام مصطحباً قطيع "الماعز" حتى يعيده لصاحبه في قرية "عقربات"».

السيد حسين الشيخ كريم

وعن قصة اعتقال الشيخ "عبد الله" المعروفة والتي يرويها كبار السن قال السيد "حسين": «ألقي القبض على والدي في بلدة "بنش" حيث كان يحمل رسالة مكتوبة من الشيخ "صالح العلي" إلى الزعيم "إبراهيم هنانو" وكان يقضي ليلته في البلدة ليتابع السير صباحاً إلى "حلب" ويقوم بتسليم الرسالة، ولكن الوشاة لم يمهلوه فألقى الفرنسيون القبض عليه فما كان منه إلا أن ابتلع الرسالة فوراً، فاقتاده الفرنسيون إلى سجن "القلعة" بـ"حلب" ومن ثم رحّلوه إلى سجن قلعة "دمشق"، ولقي هناك الأهوال من التعذيب أثناء التحقيقات التي استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر بإشراف الجنرال "غورو" شخصياً، وعندما لم يعترف بشيء ولم يستطيعوا إيجاد دليل يدينه أطلقوه».

وعن علاقته بالثورة والثوار أضاف السيد "حسين": «استلم والدي قيادة الثورة في بعض مناطق ريف "إدلب" و "حلب" بعد وفاة والده الشيخ "كريّم"، وكانت له علاقات وثيقة بالمجاهد المعروف "عقيل السقاطي" وقائد ثورة "جبل الزاوية" "مصطفى الحاج حسين"، وقد ذكر لي أصدقاء من لبنان بأن هناك كتاباً فرنسياً وثّق لسيرة والدي مع المجاهدين والثوار، والكتاب يحمل على ما أذكر عنوان "الحملات الفرنسية وما واجهته في سورية"».

الأستاذ محمد الشيخ كريم

الأستاذ "محمد ذي النون شيخ كريم" بن الشيخ "عبد الله" وهو رئيس مركز أعلاف "سراقب" تحدث لموقعنا قائلاً: «بعد خروج المحتل الفرنسي من أرض الوطن تسلم والدي الشيخ "عبد الله" مخترة بلدة "الصفيرة" في قضاء "حلب" حيث كان يقيم هناك ولمدة تجاوزت السنوات الأربع، ومن المعروف أن المخترة آنذاك لم تكن تُعطى إلا للوجهاء وذوي الشأن الاجتماعي، أما عن سيرته كمجاهد فقد حدثني أولاد المرحوم "محمد شنان" والذي عاصر والدي بأنه ذات يوم وبينما كان الشيخ "عبد الله" و "محمد شنان" على "تل آفس" سمعا مواجهة وإطلاق نار كثيف من جهة "جبل الزاوية"، فطلب الشيخ "عبد الله" من المرحوم "شنان" عباءته وارتداها واتجه غرباً إلى منطقة المواجهة في "جبل الزاوية" والذي يبعد حوالي /20/كم عن "آفس"، وعاد مساء ليذكر لصديقه بعد أن أعاد إليه عباءته أنه شارك في معركة دارت رحاها بين فرقة المجاهد "جمعة حاج حسين" والفرنسيين».

وأضاف الأستاذ "ذي النون": «في حياة والدي طلبته جمعية المحاربين القدماء لتخصيص راتب له ككل المجاهدين فقبل بذلك ولكنه تنازل عن الراتب الممنوح له لجمعية رعاية الأيتام».

ويشار إلى أن الشيخ "عبد الله المرندي" من مواليد قرية "آفس" عام /1909/ وتوفي فيها عام /1981/ ، وله ستة أولاد وأكثر من خمسين حفيداً جميعهم من ذوي الاختصاصات العلمية العليا.